الأسد إلى السعودية للمشاركة في القمة العربية بعد قطيعة 12 عاما
دمشق : الايام نيوز
يتوجه الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الخميس إلى مدينة جدة السعودية لحضور القمة العربية التي تنعقد غدا الجمعة، وفق بيان للرئاسة السورية، بعد جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت نحو 12 عامًا على خلفية النزاع المدمّر في سوريا.
وعُلّقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية ردا على قمعها الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في العام 2011 إلى الشارع قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.
وقالت الرئاسة السورية في بيان “يتوجه الرئيس بشار الأسد اليوم (الخميس) إلى مدينة جدة في المملكة العربية السعودية للمشاركة في أعمال الدورة الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي ستنعقد غداً الجمعة. لتكون بذلك مشاركته الأولى منذ عام 2010.
وكانت السعودية قد وجهت الدعوة للرئيس السوري للمشاركة بالقمة في خطوة وضعها خبراء في خانة تعزيز مكانة المملكة في المنطقة وبروزها كصانعة سلام، خاصة بعد أن تمكنت من تخطي معارضة بعض الدول العربية -وعلى رأسها قطر- إعادة سوريا إلى الحظيرة العربية.
وفي وقت سابق هذا الشهر، سحبت قطر على مضض معارضتها لمبادرة السعودية لإعادة سوريا إلى صفوف الجامعة العربية. وأوضحت أنها تعارض عودة العلاقات إلى طبيعتها مع دمشق لكنها لن تقف في طريق الإجماع العربي.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، أن عودة سوريا إلى الجامعة، لا يعني استئناف العلاقات بينها وبين جميع الدول العربية.
وقال أبوالغيط في تصريحات لقناة “العربية” السعودية، اليوم الخميس “قرار إعادة سوريا إلى الحضن العربي لا يعني استئناف العلاقات بين جميع الدول العربية وسوريا، وإن الأمر متروك لكل دولة لتقرير ذلك وفق رؤيتها”، لافتًا إلى “أن الدول العربية تملك حرية اتخاذ القرار باستئناف العلاقات مع سوريا”.
وأوضح الأمين العام للجامعة العربية إلى أن “إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية هي سعي عربي لتسهيل عملية حل الأزمة في سوريا”، مشيرًا إلى أن “قمة جدة تشهد عودة سوريا بعضوية كاملة في الجامعة العربية”، مستدركًا أن هذه العودة لا تعني “التوصل لحل للإشكالية السورية، وأن سوريا قبلت أن تكون عودتها للجامعة العربية جزءاً من سياق الحل”.
وحول أسباب عودة سوريا، أشار أبوالغيط إلى أن “الأحداث العالمية سرّعت من قرار عودة سوريا للجامعة العربية”، مشددًا على أن “الجامعة العربية لم تتوقف عن التواصل مع سوريا خلال السنوات الماضية، وسهلت وصول المساعدات الطبية إلى سوريا خلال عدة أزمات صحية”.
وصباح الخميس، بدأ توافد رؤساء وقادة وملوك الدول العربية إلى جدة للمشاركة في القمة.
وعلى جدول أعمال القمة عدد من الملفات الساخنة على رأسها عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة، والنزاع المتواصل منذ شهر في السودان وحرب اليمن المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.
وتنعقد القمة في ظل عدد من الملفات الإقليمية والمحلية العاصفة على رأسها قرار الجامعة العربية إعادة سوريا إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرت أكثر من 11 عاما في أعقاب النزاع المدمر في البلاد.
ومن المتوقع أن يطغى على جدول أعمال القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، والنزاع في اليمن المتواصل منذ أكثر من ثماني سنوات.
وكانت المملكة العربية السعودية قد دعت ممثلين عن طرفي النزاع في السودان للتفاوض حول إمكانية وقف إطلاق النار بينهما. كما تسعى إلى تحقيق اتفاق سلام في اليمن بين الحوثيين من جهة والحكومة التي تحظى بدعمها، والتي كانت قد أطلقت تحالفا عربيا في العام 2015 لتكريس شرعيتها.
وبخصوص اليمن، أفاد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أن أطراف النزاع في اليمن “جديون” بشأن إنهاء الحرب المدمرة، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين.
وستُعقد القمة المرتقبة في ظل ظروف سياسية متقلبة للغاية. ووفقا للمحلل السعودي سليمان العقيل، فإن “قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحديات إلى فرص… وستكرس نجاحها إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن”.
إلا أن وجود الأسد المحتمل في جدة لا يضمن إحراز تقدم في التوصل إلى حل لإنهاء الحرب في سوريا، وليس واضحا ما إذا كانت الجامعة العربية ستتمكن من القيام بجهود فاعلة بشأن قضايا ملحة مثل مصير اللاجئين السوريين (وفقا للأمم المتحدة يعيش نحو 5.5 مليون لاجئ سوري مسجلين في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر) وتجارة الكبتاغون التي تُتهم دمشق بدعمها.
وتسارعت التحولات الدبلوماسية في المنطقة العربية خاصة بعد اتفاق مفاجئ في 10 مارس الماضي بوساطة صينية، أسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.
وبعد أقل من أسبوعين، أعلنت السعودية أنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، الحليف المقرب من إيران، قبل أن تعلن قرار إعادة فتح بعثاتها في البلاد، حيث تبع ذلك تبادل زيارات لوزراء خارجية البلدين للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.
وبدوره، أعرب السفير حسام زكي، مساعد الأمين العام للجامعة العربية، عن تفاؤله بـ”قمة التجديد والتغيير”.
وقال للصحافيين الأربعاء إن “السعودية تشهد حالة نشاط دبلوماسي وسياسي طيب ومبشر، ورئاستها للقمة العربية ستكون رئاسة نشيطة حريصة على المصلحة العربية”.
التعليقات مغلقة.