عثمان أبو بكر دقنة (1836 – 4 ديسمبر 1926)، أحد أتباع وأمراء المهدي في السودان، وكان يشار إليه على أنه من الهدندوة إحدى قبائل البجا. مسقط رأسه غير معروف ولكن يقال إن مسقط رأسه كان في سواكن المطلة على البحر الأحمر في شمال شرق السودان.
عاش عثمان في الإسكندرية، بمصر وكان معروفا باسم عثمان علي، ويقال أنه كان يعمل في تجارة الرقيق. لكن الإنجليز أجبروه على ترك تجارته، فانضم إلى ثورة أحمد عرابي. بعد فشل الحركة في معركة التل الكبير بتاريخ 13 سبتمبر 1882، انضم إلى ثورةالمهدي.
نسبه
ينتمي عثمان دقنة إلى سلالة العباسيين اللذين حكموا مصر من عام 661 من الهجرة وحتى سنة 923 هجرية ومقر أسرته جزيرة سواكن، أما نسبه فهو كالتالي:- عثمان بن أبو بكر بن علي بن محمد (الملقب بدقنة) بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن رجب بن محمد خليل بن عبد الله بن عبد الله الملقب بالتركي بن الفضل بن الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن الفضل بن الخليفة المستعين بالله بن الخليفة محمد المتوكل على الله بن المعتضد بالله بن المستكفي بالله بن الحاكم بأمر الله بن الحسن القبي بن الأمير علي بن الأمير أبي بكر بن المسترشد بالله بن المستظهر بالله بن المقتدي بأمر الله بن الأمير محمد ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله بن القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله بن المعتضد بالله بن ولي العهد طلحة الموفق بالله بن المتوكل بالله بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبو جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم.
النشأة
نشأ عثمان دقنة في كنف أبويه ووسط أسرة تعمل بالتجارة وتهتم بالتعليم. فقد كانت أمه معلمة قرآن، الأمر الذي جعله يحفظ القرآن ويتعلم الكتابة والقراءة منذ صغره. وكان أخواه عمر وعلي وابن عمه أحمد يعملون بالتجارة بين سواكن ومدينة وجدةبالحجاز. كانت تجارتهم رائجة في وقت كانت فيه سـواكن، مسقط رأسه دقنة ومهد صباه، في أوج ازدهارها في ذلك الزمن وحياتها ميسورة وسهلة حتى تم ضمهـا إلى مصر عـام 1863 م وأرسل إليها الخديويإسماعيل باشا حكاماً من بينهم ممتاز باشـا الذي اتبع سياسة متشددة رغم قيامه بإدخال زراعة القطن في المنطقة وعمل على تشجيع سكانها على زراعته، الأمر الذي أحدث فيها تغييرات اجتماعية. وقد عاصر دقنة تلـك التطورات وما صاحبها من تشدد من قبل الحكام خاصة في جمع الضرائب من السكان. وذكرت بعض المصادر حادثة أثرت في نفسية الشاب دقنة آنذاك عندما تم تعذيب أحد مواطني المدينة أمام الملأ لإتهامه بقتل أحد المسـؤولين الأوروبيين وتحمـل الرجـل العذاب حتى مات. وفي عام 1877م ألقت السلطات القبض على عثمان دقنة وعلى شقيقيه عمر وعلي بالقرب من مرسى الشيخ برغوث ( بورتسودان حاليا) بتهمة الاتجار بالرقيق تحت ستار التجارة الحرة، وحُكُم عليهم بالسجن ومصادرة ممتلكاتهم. وعاد الأخوة الثلاثة إثر انقضاء فترة العقوبة وضياع ثروتهم إلى سواكن. وعندما سمع عثمان بثورة عرابي في مصر ظن أن الوقت قد حان لمناهضة الحكام الأتراك العثمانيين فبدأ في تأليب السكان ضدهم وحاول إقامة تنظيم للمقاومة في المنطقة ولكنه لم يفلح في ذلك فقد تبعه عدد قليل جدا من الناس غير أن كبار رجالات المدينة من تجار وزعماء العشائر رأوا أن يبعدوا مدينتهم المعتمدة على التجارة عن أية مشاكل ومصادمات مع السلطة فتكون مجلس من الأعيان قرر طرد عثمان دقنة من مدينة سواكن. وعلى أثر هذا القرار فغادرها إلى مدينة بربر بشمال السودان وتزوج هناك وامتهن في البداية مهنة سقي الماء ثم تحول وبمساعدة أصهاره إلى التجارة مرة ثانية.

عثمان دقنة
خلال هذا الوقت تبلور لقبه “دقنة” بسبب كثافة لحيته. تسلم قيادة جيش قوي حوالي سواكن وكبد بيكر باشا خسائر فادحة بالقرب من طوكر، جنوب شرق ذلك المكان, في 4 فبراير 1884. هزمه مباشرة بعد هذا النصر الجنرال گرام بالقرب من طوكر في ثمانية. كونه أحد قادة المهدي المهمين والقادرين فكانت تقع على عاتقه مسؤولية مصير غردون وخسارة السودان لمصر. وهو القائد الوحيد الذي تمكن من كسر مربع المشاة في معركة طماي، إلا أنه خسر المعركة. في ديسمبر 1888، وقد تلقى ضربة قاصمة من فرانسيس گرينڤيل، البارون الأول گرينڤيل (الجنرال گرينڤيل) في سواكن، حيث بتر ذراعه. في عام 1899 خاض آخر معارك قوات المهدي, التي ضعفت قوتها في السنة السابقة في أم درمان. في 19 يناير 1900، أسر بالقرب من طوكر وأرسل أسيرا إلى وادى حلفا قضى في السجن ثمانية أعوام حتى وفاته في 4 ديسمبر 1926.
معارك الأمير عثمان دقنة
مثل شرق السودان نقطة انطلاق مهمة للثورة المهدية وذلك بعد أن التحق عثمان دقنة بالإمام المهدي في الأبيض ولقبه بأمير الشرق وبعث به إلى شرق السودان ليعمل على نشر المهدية في تلك المناطق ومن الأبيض توجه الأمير عثمان دقنة إلى قبائل البشاريين والأمرار وعمل على دعوتهم المهدية واستجاب الكثير منهم وانضموا لحركة المقاومة في شرق السودان وكان ذلك إيذانا ببداية الثورة المهدية في الشرق.
ساهمت الطائفة المجذوبية في تعزيز روح المقاومة في نفس الأمير عثمان دقنة وأعطته دفعة قوية لمواصلة الثورة في شرق السودان. ويمكن القول أن لقاء الإمام المهدي بالأمير عثمان دقنة في الأبيض كان له ما بعده حيث كمل كل واحد منهم الآخر فعثمان دقنة صاحب المبدأ الناغم على الحكم التركي يبحث عن الثأر لنفسه وعقيدته وعشيرته والإمام المهدي يبحث عن نشر المهدية في كل السودان وبذلك اتحدت رؤية وقدرات الرجلين. كان عثمان دقنة الرجل الانسب لتقلد زمام المهدية في شرق السودان وذلك لمعرفته بشرق السودان وقبائله وقد استغل الأمير عثمان غطاء المجذوبية أفضل استغلال.
أسلوبه القتالي
يلاحظ أن الأسلوب القتالي المستخدم عند الأمير عثمان دقنة كان يتغير من معركة إلى اخرى وهو يشبه أسلوب الامام المهدي القتالي حيث تدرج من الهجوم للحصار وتعتبر معركة أوكاك (سنكات) أول معركة يستخدم فيها عثمان دقنة اسلوب الهجوم ويكمن وصفه بالهجوم الانتحاري، ثم توالت معارك عثمان دقنة في شرق السودان حيث جاءت معارك قباب حيث استخدم فيها عثمان دقنة اسلوب حرب العصابات وهو اسلوب استخدمه أمير الشرق لضرب تحصينات المدن في شرق السودان، اوكاك (سنكات)، واقعة الساحل الأولى (التيب) الأولى، واقعة الساحل الثانية (التيب) الثانية، واقعة الساحل الثالثة (التيب) الثانية، واقعة كسلا، واقعة عطبرة، واقعة التمنيب، واقعة التمنيب الانجليزية، واقعة محمود علي (تهشيم).
واقعة الساحل الأولى
تعرف واقعة الساحل الأولى باسم (التيب) وهى تحريف للكلمة البجاوية (انديتيب) وقد حدثت هذه الواقعة بعد قرر الأمير عثمان دقنة مهاجمة سنكات (اوكاك).
حيث أرسل الأمير عثمان دقنة الخضر على الخضر لحصار طوكر فقرر سليمان نيازي مدير شرق السودان ارسال حملة بقيادة محمود باشا طاهر لفك الحصار عن طوكر وصحب الحملة قنصل بريطانيا في سواكن (مونكريف) وعندما تقدمت الحملة من (ترنكتات) نحو طوكر هجمت عليها قوات الأمير عثمان دقنة ففر البعض منها عبر البحر إلى سواكن وقتل عدد كبير من جنودها كما قتل (مونكريف) قنصل فرنسا في هذه الواقعة وفي ديسمبر من عام 1883م استطاع عثمان دقنة ابادة حملة أخرى كانت في طريقها نحو سنكات. قدر عدد هذه الحملة بـ 550 رجلا وبعد مقتل مونكريف وفرار محمود باشا زادت الروح المعنوية لدى أنصار عثمان دقنة وتم وصف محمود عبدالقادر بالجبن وتم عزله من منصبه بعد هذه الواقعة.
واقعة الساحل الثانية
فكر عثمان دقنة في حصار مدينة سواكن ولتحقيق ذلك بعث مصطفى على هدل بغرض إثارة القبائل حول كسلا ثم حصارها. ثم نجح عثمان دقنة في قطع الطريق التجاري بين سواكن – بربر الذى ترسل به التعزيزات إلى الخرطوم فأصبح بذلك الوضع في غاية الخطورة بالنسبة لبريطانيا ولكي لا تسقط كسلا في يد عثمان دقنة قررت السلطات البريطانية في مصر حملة بقيادة بيكر أخ صمويل بيكر مكونة من 3600 من (الجندرمة) وهم قوات البوليس التي تم تكوينها بعد تسريح جيش عرابي.
يشير مكي شبيكة في كتابه السودان والثورة المهدية إلى أن مهمة هذه الحملة كانت بوليسية تتركز على حفظ الأمن لكن بيكر عمل على اعدادها اعاداً عسكريا ومن مهامها حماية الطريق التجاري بين سواكن – بربر الذي وقع تحت سيطرة قوات عثمان دقنة ، لكن في 9 يناير صدرت الأوامر لبيكر بالتخلي عن فتح الطريق التجاري وان يعمل على انقاذ كل من سنكات وطوكر ولكن رغم هذه المهام الا أن معنويات قواته كانت في الحضيض وقد وضح ذلك منذ لحظات ودعهم في القاهرة وفي الوقت نفسه لم يكن لهم دافع للقتال .
كان بيكر يفاضل بين انقاذ سنكات وطوكر فسنكات كانت في أسوأ حالاتها لأنها تواجه الموت جوعا أما طوكر فقد كانت تعاني من نقص الذخيرة وقد وقع اختيار بيكر على انقاذ طوكر وذلك لصعوبة انقاذ سنكات ، وقد تحركت قواته نحو آبار التيب ووجد قوات عثمان دقنة تسيطر عليها وتشكلت قواته في شكل مربع وهو اسلوب قتالي معرف عند الانجليز عندها هجمت قوات الأمير عثمان دقنة على المربع مما أدي إلى فرار فرقة القاهرة والاسكندرية وانقلبوا على المربع وفرت القوات الانجليزية المصرية من المربع وتخلوا عن اسلحتهم وتم القضاء على الكثير من جنود الحملة.
قتل ألفين من جنود الحملة وفر بيكر مع فبول قواته إلى سواكن وتردى الوضع في سنكات وفشل وصول النجدات إليها فقرر قائدها الخروج منها بكل من معه وعلى بعد ميل من المدينة تمت ابادتهم واستطاع عثمان دقنة السيطرة على سنكات وفي نفس شهر فبراير استسلمت طوكر.
غنم عثمان دقنة من معركة التيب الثانية 6 مدافع و3000 بندقية و5000 قطعة ذخيرة وتعد من اهم معارك الأمير عثمان دقنة في شرق السودان.
ساهم سقوط سنكات وطوكر وهزيمة بيكر في حدوث اضطرابات في سواكن وبعد أن أصبحت المصالح البريطانية في شرق السودان مهددة تخلت بريطانيا عن حذرها، وقررت ارسال ثلاثة فرق بقيادة الجنرال جرهام إلى سواكن والغرض الرئيس من هذه الحملة تخفيف الضغط عن سواكن واظهار قوة بريطانيا وفي نهاية شهر فبراير تحرك (جرهام) من (ترنكتات) واستطاع هزيمة الأمير عثمان دقنة وتمكن كذلك من احتلال طوكر ولكن اخلاها بسرعة وتراجع إلى سواكن والسبب في هذا التراجع السريع أن بريطانيا لا ترغب في بقاء قواتها خارج سوكن وهي لا تستطيع الاحتفاظ بهذه المدينة البعيدة. رغم الهزائم التي لحقت بعثمان دقنة إلا أنه بقي محتفظاً بقدرتة على الحركة وظل يشكل خطراً على سواكن وتحول إلى اسلوب حرب العصابات واستطاع أن يلحق الكثير من الخسائر بالقوات الانجليزية – المصرية ونجح في عزل الخرطوم عن شرق السودان.
معركة توشكي 3 اغسطس 1889
كانت خطة الأمام المهدي وحسب ما وعد أصاحبه أنه سوف يفتح مصر لذلك توقف الحلم قليلاً بعد فاته وعندما تولى الخليفة عبدالله السلطة عمل على تنفيذ خطة المهدي ولذلك سعى إلى انفاذ جيش النجومي المعد مسبقا لهذه المهمة، تحرك هذا الجيش في أول الأمر من أم درمان ناحية الشمال حسب توجيهات الخليفة.
مع بداية عام 1303هـ/1886م قام الخليفة عبد الله بإرسال الأمير عبد الرحمن النجومي إلى بربر ليتحرك منها إلى دنقلا، ومعه جميع قوات الراية الحمراء، وقد وصل إلى دنقلا في أواخر عام 1303هـ/1886م واتخذ منها معسكراً لقواته وقام بإرسال الطلائع إلى جنوب مدينة حلفا.
كان عدد القوات التي تحركت نحو بربر تحت قيادة النجومي تقدر بحوالي سبعين ألفاً، وعندما وصلوا إلى بربر تفرق الكثير من تلك القوات في أنحاء البلاد ولم يبقَ منهم سوى عشرين ألف مقاتلٍ منهم عشرة ألفٍ من الجهادية الذين تمردوا علية ولكنه اكتشف هذا التمرد واستطاع أن يقضي على هذا التمرد، وبعد أن وصل إلى دنقلا قام الخليفة عبد الله بتعيين مساعد قيدوم مدعوماً بعدد من المقاتلين لكي يكون وكيلاً لعبد الرحمن النجومي.
وحدث نفور واضح بين النجومي ومساعد قيدوم حتى وصل مرحلة أنّ كل واحد منهم يقوم باستعراض جيشه وحده، وفي عام 1305هـ/1888م قام الخليفة باستدعاء الأمير عبد الرحمن النجومي إلى أم درمان وقام بتأنيبه وتحقيره أمام الناس، وذكر له بأنه شخص منفعل ولا يصلح للقيادة، وفي أواخر عام 1305هـ/1888م رجع النجومي إلى دنقلا بغرض التقدم نحو مصر، وعند حلول 1306هـ/1889م انتشرت المجاعة في جميع أنحاء السودان، وقام الخليفة عبد الله بتعيين يونس الدكيم قائداً عاماً وعاملاً على دنقلا، وأمره بأن يضغط على النجومي لكي يتحرك نحو مصر.
لقد تم نقل يونس الدكيم من القلابات إلى دنقلا، وقد كان نقله بعد خلاف نشب بينه وبين حمدان أبو عنجه، وسبب هذا الخلاف أنّ يونس الدكيم قد تغول على سلطات حمدان أبو عنجة في القلابات، وتأكد الخليفة عبد الله من عدم استمرارهم مع بعض في القلابات ولذلك تم تعيين يونس الدكيم عاملاً على كل الجيش في دنقلا.
ومما شجع الخليفة عبد الله للضغط على النجومي للتحرك نحو مصر أنّ عدداً من القبائل في جنوب مصر قد أبدت الموافقة على الوقوف مع قوات الخليفة عبد الله ضد القوات المصرية، ومن تلك القبائل قبيلة الجعافرة، ورغم مرض النجومي تحرك بجيشه الذي فرّ عدد كبير منه من دنقلا نحو الشمال وقام بصرف مقدار قليل من الذرة لكل مقاتل وهو شيء لا يكفي لإطعام قواته.
انضم إلى النجومي في دنقلا 2087 مقاتلاً من قبيلة البطاحين، وقد استقبلهم النجومي بعرضه كبيرة خارج المدينة، ورفع لنجومي كشف شامل للخليفة بالأعداد التي انضمت إليه وسلاحهم وراياتهم.
لقد كان قوام قوات النجومي يتكون من قوات الراية الحمراء بالإضافة إلى قوات القبائل التي انضمت إلى النجومي مثل الرباطاب والجعليين والشايقية والشكرية والدناقلة والمحس والرزيقات والهبانية، والمسيرية، وقد كانت أسلحتهم بدائية مقارنةً بأسلحة القوات المصرية، حيث كان الخليفة عبد الله يعتقد بأنّ سلاح القوات المصرية هو نفس السلاح الذي قاتلوا به ضدهم في سنوات المهدية الأولى. وقد كانت أعداد القوات التي مع النجومي في دنقلا قبل أن تتحرك منها شمالاً تتكون من 11977 مقاتلاً وعدد الخيول 840 أمّا السلاح الأبيض فقد بلغ 2841 قطعة سلاح، هذه الأعداد كانت في 7 ربيع أول 1306هـ/نوفمبر1889م.
قائمة المعارك التي خاضها
المعركة | موقعها | تاريخ وقوعها |
---|---|---|
معركة سنكات | (أوكاك) | 15أغسطس/ آب 1883 |
معركة قباب | غرب اركويت | 19 سبتمبر/ أيلول 1883 |
معركة أبنت | سنكات | 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1883 |
معركة التيب الأولى | غرب طوكر | 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1883 |
معركة تاماي الأولى | غرب سواكن | 2 ديسمبر/ كانون الأول 1883 |
معركة التيب الثانية | غرب سواكن | 4 فبراير/شباط 1884 |
معركة سقوط سنكات | سنكات | 8 فبراير/شباط 1884 |
معركة سقوط طوكر | طوكر | 20 فبراير/شباط 1884 |
معركة التيب الثالثة | قرية التيب | 29 فبراير/ شباط 1884 |
معركة هشيم | قرب سواكن | 20 مار/آذار 1885 |
معركة توفرك | قرب سواكن | 22 مارس/آذار 1885 |
معركة سقوط كسلا | كسلا | 30 يوليو/ تموز 1885 |
معركة كونيت | قرب كسلا | 23 سبتمبر/ أيلول 1885 |
معركة هندوب | قرب سواكن | 17 يناير/ كانون الثاني 1888 |
رد فعل الحكومة التركية المصرية
عندما أدرك الخديوي تعاظم قوة عثمان دقنة قام بتعيين ضابط بريطاني هو الميجور جنرال (لواء) فالنتين بيكر من سلاح الفرسان البريطاني وكان من الضباط الأكفاء الذين عملوا في جنوب أفريقيا وحرب القرم والحرب البروسية الفرنسية. وصل بيكر إلى سواكن في ديسمبر / كانون الأول 1883م وكان دقنة يحاصر مدينة طوكر في تلك الأثناء، فتحرك بيكر بقوة تضم في صفوفها باشبوزق وجندرمة مصريين وجنود من سلاح الفرسان وذلك لفك الحصار عن طوكر وانتظمت القوة في هيئة ما عرف بالمربع البريطاني التكتيكي وهو عبارة عن أربعة خطوط على الجهات الأربع تتكون من جنود يحملون بنادق ومدافع وعادة ما تجمع المؤن في الداخل.
وبدلاً من المواجهة المباشرة واقتحام المربع كان دقنة يقوم بالمناورة واستدراج العدو إلى كمائن أُعِدت مسبقاً من خلال المناوشة والانسحاب السريع وهو ما حدث مع قوات بيكر عندما قام باستدراجها حتى تمكن من إدخالها إلى قرية تسمى ألتيب وهناك انهال عليها فرسان قبيلة الهدندوة وقضوا عليها في معركة فرّ خلالها بيكر مع بعض حرسه إلى مدينة سواكن المحصنة حيث أرسل بعد أسبوع من فراره رسالة للورد كرومر بالقاهرة يقول له: «لم يحاول الجنود القتال مطلقاً فقد ألقوا أسلحتهم ولاذوا بالفرار وبعضهم ترك نفسه ليُقتَل دون مقاومة. أكثر من ألفين منهم قتلوا والأوربيين أيضا عانوا كثيرا».
و عندما مارس الإعلام والرأي العام الإنجليزي ضغوطا على وليم غلادستون رئيس الوزراء ليرد كرامة بريطانيا حيال الهزائم التي مني بها ضباطها في شرق السودان على يد الدراويش أصدر غلادستون أمره إلى الأدميرال السير وليم هوايت قائد الأسطول البريطاني بالبحر الأحمر بأن يجمع قواته ويرسلهم إلى سواحل السودان لمحاربة عثمان دقنة. وفي فبراير / شباط 1884 تم إنزال مشاة البحرية البريطانية على سواكن مع تأمين من سفن أسطول البحر الأحمر البريطاني وفي مقدمتهم المدمرة الإنجليزية «نسر جلالة الملكة».
وضمت الحملة التي كان هدفها هو استعادة كرامة الجيش البريطاني وهيبته وتأديب قوات عثمان دقنة التي حطمت تلك الهيبة ومن ثم مساعدة الجنرال تشارلز جورج غوردون المحاصر في الخرطوم من قبل جيش المهدي، ضباطاً ذو خبرة واسعة من بينهم الجنرال سير جيرالد غيرهام الذي يحمل وسام صليب فكتوريا والكولونيل هربرت ستيوارت الذي اشتهر في معركة التل الكبير التي انهزم فيها عرابي في مصر والكولونيل فردريك برنابي قائد فرسان الحرس الملكي (البلوز) و اللورد شارلس بيريز فورد من قادة الأسطول البحري الملكي. قسم القوة إلى ثلاثة ألوية فقط (اثنان مشاة وواحد من الخيالة).
خرج غراهام بقواته من ميناء ترينكتات الصغير على هيئة المربع الإنجليزي. كانت الواجهة الأمامية للمربع تتكون من الهايلاندرز والواجهة الخلفية من البلاك ووتش والواجهة اليسرى من المارينز واليوركشير و اللانكشير وكونت قوات الآيرش تم تأمين المربع بمدافع من بينها مدفع غاتلينج .
تأهب دقنة لملاقاة هذا الجيش فأمر قائديه مدني وعبد الله بن الحسن بالمرابطة في الاطلال القائمة علي قرية التيب واتخاذها كمواقع للرماية. وكان لقوات عثمان دقنة مدفعا واحدا من طراز غاتلينج وبضعة مدافع ميدان غنموها من قوات بيكر.وبعد معركة التب وصف جراهام ما حدث وقال:«مجموعة ضخمة من الوطنيين جاءت كسيل متدفق وهجمت بعزيمة لا تلين علي كتيبة اليوركشير واللانكشير وكتيبة المرتفعات الاسكتلندية (الحرس الأسود) مما جعل المربع ينهار ويتخبط في فوضى تامة. وقد تمكن العدو من الاستيلاء على مدافع لواء البحرية التي أمنها رجالها ووقفوا بجانبها حتى النهاية». و كتب قائلا بعد معركة تاماي: «خسائرنا كانت فادحة، فكثير من الرجال الشجعان من الرويال هايلاندرز واليوركشير واللانكشير قدموا حياتهم لإنقاذ شرف وسمعة وحداتهم، وخسائر العدو بلغت أربعة آلاف ما بين قتيل وجريح، ولكن السودانيين وكما حدث من قبل انسحبوا بهدوء ونظام جيد، مقدمين صورة مشرفة عن أنفسهم، وكان من الواضح أنهم مصممون على القتال مرة أخرى.
استرداد غراهام بعض مدن شرق السودان
ورغم خسارتها الفادحة تمكنت قوات غراهام من استرداد بعض مدن الشرق الأمر الذي قوبل بارتياح من قبل الإنجليز ولكنها لم تستطع الوصول إلى الخرطوم لإمداد الجنرال غوردون كما أنها انسحبت في أبريل / نيسان 1884 إلى القاهرة واستولى عثمان دقنة علي الشرق مجددا وأرسل للمهدي قائلا:«لقد قذف الله الرعب في قلوب الإنجليز فولوا مدبرين».
حامية سواكن
كانت سواكن هي المدينة الوحيدة التي لم يتمكن دقنة من ضمها للمهدية بسبب الحامية البريطانية التي تحرسها بضباطها البريطانيين وبدعم من مدفعية بعض بوارج الأسطول الملكي البريطاني بالبحر الأحمر.
قطع الطريق أمام حملة انقاذ غوردون
شارك عثمان دقنة في حرب أخرى جديدة ضد الإنجليز بقيادة لورد وليسلي في شمال السودان بالقرب من عطبرة وذلك بهدف قطع الطريق عليهم ومنع وصولهم المبكر إلى الخرطوم المحاصرة. ولم تستطع حملة الإنقاذ الوصول في الوقت المناسب وقتل العديد من قادتها خلال تحركها نحو الخرطوم فعادت ادراجها إلى بريطاني بعد سقوط الخرطوم في يد المهدي ومصرع غوردون في يناير / كانون الثاني 1885م.
نتائج ثورة دقنة ودوره في تعزيز الثورة المهدية
أهم نتائج ثورة عثمان دقنة في شرق السودان هي تمكنه من قطع طريق سواكن ــ بربر ــ الخرطوم. وقطع خط التلغراف بين سواكن وكسلا.
لقد تزامنت حملات الأمير عثمان دقنة علي سواحل البحر الأحمر بالقضاء علي الحاميات التركية المصرية التي كانت تحت إمرة ضباط إنجليز في الوقت نفسه الذي تحركت فيه حملة الكولونيل وليم هكس، قائد أركان الجيش المصري بالسودان، غرباً للقضاء على المهدي في معركة غابة شيكان. وقام دقنة بقطع أي مدد قد يأتي من منافذ البحر الأحمر إلى الكولونيل هكس باشا الأمر الذي ساعد قوات المهدي في إيقاع الهزيمة بالحملة في عام 1883م وإبادة جنودها كلهم في معركة علق بالقول عليها اللورد فيتز موريس في جلسة مجلس اللوردات البريطاني في نوفمبر / تشرين الثاني 1883م وقال: «لم يفن جيش بهذه الطريقة منذ أن هلك جيش فرعون في البحر الأحمر.
وحاول المصريون الأتراك بقيادة الإنجليز فك الحصار الذي فرضه دقنة علي طوكر وإبعاد الخطر عن ميناء سواكن ولكنهم لم ينجحوا فقد وقعت طوكر وسنكات في قبضة عثمان دقنة. وهكذا تمكن عثمان دقنة من تحرير شرق السودان من التركية السابقة ووضعه تحت راية المهدية في الفترة بين سنة 1886م ـ 1887 م ماعدا حامية سواكن التي ظلت محاصرة. وساهم بذاك في تسهيل قتال الأنصار في مناطق السودان الأخرى.
هروبه
بعد هزيمة الجيوش المهدية في معركة كرري وقرار الخليفة عبد الله التعايشي بالتراجع مع بعض قواته غرباً لمواصلة الكفاح لحق به الأمير عثمان دقنة بمن معه من رجال وعندما وصلت الأنباء بمقتل الخليفة أمر دقنة جنوده من أهل الشرق بعبور النيل من الدويم والتوجه نحو رفاعة ومنها إلى الشرق عبر سهول البطانة. أما هو فقد تنكر وأخذ يتنقل بين رفاعة وغيرها من المناطق الأخرى وبعث إلى أهله في طوكر ليعدوا العدة له لتهريبه إلى بلاد الحجاز،
وأعدوا له ثلاث قوارب واحدة في ترنكتات والثانية في هيدوب والثالثة في شمال عقيق.
اعتقاله ونفيه
غثمان دقنة اثناء سنوات سجنه
وصل خبر وجود الأمير عثمان دقنة في الشرق إلى الإنجليز الذين أعلنوا عن جائزة كبيرة لمن يدلي بمكانه، وعن طريق الوشاية علم مأمور سواكن بذلك فتوجه إلى مكان مخبئه علي رأس قوة من الشرطة وتمكن من أسره. ونقل دقنة مكبلاً بسلاسل الحديد إلى سواكن في عام 1900 م، الأمر الذي أثار غيظ أهله الذين خرجوا وضربوا طبول الحرب لمحاربة معتقليه وتحريره من الأسر وسارعت السلطات بتهدئة الجموع ووعدتهم باحترام مكانته كأمير وإخضاعه لمحاكمة عادلة، وسرعان ما تم نقله إلى مصر في 18 يناير / كانون الثاني 1900
وأودع أولاً في سجن رشيد ثم في دمياط و في ديسمبر / كانون الأول 1908 م نقل مجدداً إلى سجن وادي حلفا بالسودان. التمس عثمان دقنة وفي عام 1923 م من حكومة الحكم الثنائي السماح له بأداء فريضة الحج وقوبل الطلب في البداية بالرفض، ولكن الحكومة البريطانية وتحت ضغوط برلمانية قادها حزب الأحرار البريطاني في لندن في عام 1924م عادت وسمحت لدقنة بالذهاب إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
وفاته
وعند عودته من الأراضي المقدسة بعد ما أكمل مناسك الحج وضع دقنة رهن الاعتقال المنزلي وخصص له منزلاً صغير بجوار مركزٍ للشرطة في سواكن ليقضي فيه بقية حياته يصوم في النهار ويفطر في المساء علي اللبن والتمر ويقيم الليل بتلاوة القرآن وقد زاره في سجنه الملك جورج السادس ملك بريطانيا الذي توقف في سواكن أثناء زيارته للهند. وتمت إعادته إلى سجن حلفا. وفي 17 ديسمبر / كانون الأول1927 م توفي الأمير عثمان دقنة ودفن في مقابر السيد إبراهيم الميرغني بوداي حلفا.وفي 30 أغسطس / آب1963م وعلي أثر تهجير مواطني وادي حلفا اثتاء يناء السد العالي قررت حكومة الرئيس إبراهيم عبود نقل رفات الأمير عثمان دقنة من وادي حلفا وإعادة دفنه في مدخل مدينة سواكن وتم الكشف عن وجهه للتعرف عليه ومن ثم إعادة تكفينه ووضعه في تابوت خاص غطي بعلم السودان، نقل الرفات في احتفال رسمي إلى مدينة بورتسودان ومنها إلى عطبرة ثم إلى مدينة أركويت بشرق السودان حيث أقيم له ضريحاُ في إحدى الروابي العالية هناك وبجواره قائمة المعارك الأربع عشرة التي خاضها وانتصر فيها وتواريخ وقوعها بالتسلسل.
التعليقات مغلقة.