للحديث بقية عبدالخالق بادى من أجل مزيد من الوعى
تحت العنوان أعلاه كتب الدكتور عبد المهيمن عثمان بادى عن ضرورة تحلى المواطنين بالوعى الكافى فى مواجهة الأزمات خصوصا الحروب،واليكم ماجاء فى المقال الذى استقبله أمس الأربعاء بريد عمود(للحديث بقية):
(من أجل مزيد الوعي)
الأزمة … ماهيتها …سماتها انواعها… مراحلها.. اسبابها…وطرق حلولها
ما هي الأزمة؟
توجد عدة تعريفات للأزمة. نقتبس منها ما يلي:
هي.مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة إن لم يجر حلها بصورة سريعة.
عبارة عن خلل يؤثر تأثيرا كبيرا على النظام كله، كما يهدد العناصر الرئيسة التي يقوم عليها النظام.
هي عرض ينذر بوصول مشكلة ما إلى المرحلة التي تسبق الانفجار، مما يقتضي ضرورة المبادرة بحلها قبل تفاقم عواقبها.
هي رد فعل للصراع بين طرفين أو عدة أطراف، حاول كل منهم تحويل مجرى الأحداث لصالحه.
هي حالة توتر ونقطة تحول تتطلب قراراً يتبنى مواقف جديدة تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة بالازمة.
ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن، ونقطة تحول تتحدد على ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغييرات كبيرة.
نقطة تحول إلى الأسوأ، و لحظة حاسمة، ووقت عصيب، ووضع وصل إلى مرحلة حرجة.
موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع جديدة تتسم بعدم الاستقرار، و يحدث نتائج غير مرغوب فيها، في وقت قصير، مما يستلزم مهارة عالية لإدارتها والتصدي لها.
سمات وخصائص الأزمة:
تتميز الأزمة عن المشكلة أو الحادثة أو الكارثة بالسمات والخصائص الآتية؛
المفاجأة:
وتعني أن الأزمات تحدث بدون سابق إنذار.
نقص المعلومات:
وتعني عدم توفر معلومات عن المتسبب في هذه الأزمة، خصوصاً إذا كانت تحدث لأول مرة.
تصاعد وتوالى الأحداث.
فقدان السيطرة على الأحداث والتحكم بزمام الأمور.
انتشار حالة الذعر بين القيادات وعموم الناس.
استحالة الحل الجذري السريع، لأن الأزمات لا تعطي مهلة أو فرصة لصاحب القرار حتى يصل إلى حل متأن، بل لا بد من الاختيار بين عدد محدود من الحلول العاجلة واختيار أقلها ضررا.
·تمثل الأزمة نقطة تحول جوهر ينطوي على درجة من الغموض والمخاطرة؛
تتطلب الازمة قرارات مصيرية لمواجهتها وحسمها.
تتسم أحداثها بالسرعة والديناميكية والتعقيد والتداخل.
أنواع الأزمات؛
الأزمات المادية:
-مثل أزمة الغذاء أو أزمة الديون أو البطالة أو الإفلاس .
الأزمات المعنوية:
هي ذات طابع نفسي واجتماعي مثل أزمة الثقة بين الناس أو ضعف الولاء والانتماء للوطن أو غياب الوازع الديني والأخلاقي.
الأزمات السهلة:
ويمكن علاجها بسهولة مثل انتشار الشائعات أو الإضراب الجزئي في بعض الدول.
الأزمات الصعبة:
وهي الازمات المفاجئة ذات التأثير الخطير ، مثل حدوث انفجار هائل او العدوان الخارجي على الدولة.
الأزمات الجزئية:
وهي الأزمة التي تمس جزءا من الدولة أو جزء من النظام، ويصحبها خوف من امتداد الأزمة لكامل الكيان مثل التمرد أو نشوب حريق كبير في منطقة معينة.
الأزمات العامة:
وهي الازمات التي تمس الكيان برمته، سواء كانت دولة أو منظمة بحيث يكون التأثير عام على الكيان ماديا ومعنويا.
الأزمات غير المتكررة:
وهي التي تأتي بشكل استثنائي وغير متكرر وتكون أسبابها خارجة عن الإرادة مثل التقلبات الجوية المؤثرة أو البراكين أو الأعاصير.
الأزمات المتكررة:
هي أزمات تتكرر بشكل دوري ومعروف توقيتها وكيفيتها ويمكن احتوائها بالتدابير المخطط لها مثل الكساد الاقتصادي أو آفات الزرع أو الأوبئة التي تنتشر في أوقات معينة.
أسباب وقوع الأزمات
تتلخص اسباب وقوع الازمات فيما يلي:
سوء فهم الازمة:
يتسبب سوء الفهم في حدوث الأزمات التي غالبا ما تكون عنيفة، إلا أن مواجهتها تكون سهلة،خاصة بعد فهمها و التأكد من اسبابها، التي غالبا ما ترجع إلى المعلومات الناقصة، أو التسرع في إصدار القرارات، وهنا تتضح أهمية الحرص على الدراسة الكاملة للمعلومات، قبل إصدار القرار بشأن اي ازمة.
عدم استيعاب المعلومات بدقة،حيث ان الخطأ في إدراك واستيعاب المعلومات يتسبب في نشوء الأزمات.
سوء التقدير والتقييم:
وهو من أكثر أسباب نشوء الأزمات، وخاصة في حالة الإفراط في الثقة في النفس، واستمرار خداع الذات بالتفوق، فضلا عن سوء تقدير قدرات الطرف الآخر والتقليل من شأنه، مما يسفر عن سوء تقدير للموقف برمته. وتزداد الأزمة سوءا إذا خادع الطرف الآخر نظيره، فعمد إلى حشد طاقاته والاستعداد الجيد للمواجهة التي يختار توقيتها الملائم ويحقق المفاجأة التي تصل إلى درجة الصدمة، فيفقد الطرف الأول توازنه ويلجأ إلى أساليب ارتجالية عشوائية تتمخض بأزمة كبيرة.
السيطرة على متخذي القرار:
وتعني ابتزاز متخذي القرار وإيقاعهم تحت ضغط نفسي ومادي واستغلال تصرفاتهم الخاطئة، وإجبارهم على القيام بتصرفات أكثر ضررا تصبح هي نفسها مصدرا للتهديد والابتزاز. وتعتبر السيطرة على متخذي القرار آلية أساسية لصناعة الأزمات وتستخدمها الكيانات العملاقة في تدمير الكيانات الصغيرة والسيطرة عليها.
انتشار اليأس:
وهو شعور نفسي وسلوكي يشكل خطرا داهما على متخذي القرار إذ يحبطهم ويفقدهم الرغبة في العمل والتطور والتقدم، ويجعلهم في حالة رتيبة من (الروتين). ويتفاقم الشعور باليأس فتتشكل حالة انعزال بين القيادة والكيان الذي تقوده، وتتطلب مواجهة هذا النوع من الأزمات إشاعة جو من الأمل والتفاؤل بين القادة وداخل الكيان.
الأخطاء البشرية:
وهي أحد أسباب نشوء الأزمات التي قد تتولد منها كوارث كبيرة.
تسلط القيادة وعدم إشراك المجتمع في قراراتها وعدم السماح له بالتعبير عن ذاته مما يؤدي إلى الانفجار.
· التنافس والنزاع بين متخذي القرار والقوى المتصارعة داخل الكيان الواحد.
مراحل الأزمة:
مرحلة ميلاد الأزمة
يطلق عليها مرحلة التحذير أو الإنذار المبكر، حيث تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل إحساس مبهم ينذر بخطر غير محدد المعالم. وتحتاج مرحلة ميلاد الأزمة توفر المعلومات لمتخذ القرار لمواجهتها والقضاء عليها قبل أن تنمو بشكل أكبر
مرحلة نمو الأزمة
تنمو الأزمة في حالة حدوث سوء الفهم لدى متخذ القرار في المرحلة الأولى (ميلاد الأزمة) حيث تتطور من خلال المحفزات الذاتية والخارجية التي استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها. وفي مرحلة نمو الأزمة يتزايد الإحساس بها ولا يستطيع متخذ القرار أن ينكر وجودها نظرا للضغوط المباشرة التي تسببها.
مرحلة نضج الأزمة
تعتبر من أخطر مراحل الأزمة، إذ تتطور الأزمة من حيث الحدة والخطورة نتيجة لسوء أو قصور التخطيط، فتصل الأزمة إلى مراحل متقدمة بحيث يصعب السيطرة عليها ويكون الصدام في هذه المرحلة محتوما.
مرحلة انحسار الأزمة
تبدأ الأزمة بالانحسار والتناقص بعد الصدام العنيف الذي يفقدها جزءا هاما من قوة دفعها ويجعلها تختفي تدريجيا. غير أن بعض الأزمات تتجدد لها قوة دفع جديدة عندما يفشل الصراع في تحقيق أهدافه. لذلك ينبغي أن يكون لدى القيادة بعد نظر في مرحلة انحسار الأزمة من خلال متابعة الموقف من كافة جوانبه حتى لا تظهر عوامل جديدة تبعث في الأزمة الحيوية وتجعلها قادرة على الظهور والنمو مرة أخرى بعد اختفائها التدريجي.
مرحلة تلاشي الأزمة
تصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل كامل قوة الدفع المولدة لها أو لعناصرها، حيث تتلاشى مظاهرها وتأثيراتها. وتمثل هذه المرحلة آخر مراحل الأزمة التي تصل إليها بعد انحسارها وتقلصها التدريجي.
طرق حل الأزمات
توجد العديد من الطرق التقليدية وغير التقليدية لحل الازمات حسب التجارب العالمية، تتلخص فيما يلي:
إنكار الأزمة:
وذلك من خلال ممارسة تعتيم اعلامي شامل على الأزمة وانكار حدوثها، واظهار صلابة الموقف وان الأحوال على أحسن ما يرام وذلك بغرض السيطرة علي الأزمة. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الأنظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود أي خلل في كيانها الإداري.
كبت الأزمة:
وتعني تأجيل ظهور الأزمة، وهو نوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد القضاء عليها دون الإعلان عن ذلك.
إخماد الأزمة:
وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع الأزمة وعناصرها، بغض النظر عن المشاعر والقيم الدينية و الإنسانية.
التقليل من شان الأزمة:
وذلك من خلال التقليل من تأثيرها ونتائجها مع الاعتراف بوجودها, حتى يتم القضاء عليها.
تنفيس الأزمة:
وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ صاحب القرار إلى تنفيس الضغوط المتولدة عن الأزمة للتخفيف من حالة الغليان والحيلولة دون انفجارها.
تفريغ الأزمة:
وهي من انجح الطرق المستخدمة، وتتم عبر افقاد الأزمة لهويتها ومضمونها السياسي أو الاقتصادي أو الإثني أو غير ذلك، ومن ثم تتلاشى.
تفتيت الأزمة:
وهي الطريقة الأفضل إذا كانت الأزمة شديدة وخطرة، وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع جوانب الأزمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات الأزمة وتحديد إطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة لأعضاء هذه التحالفات ومن ثم ضربها، وهكذا تتحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة.
احتواء الأزمة:
أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود بقدر الإمكان.
تصعيد الأزمة
وتستخدم هذه الطريقة عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم فيعمد المتعامل مع الموقف، إلى تصعيد الأزمة لفك هذا الغموض والتقليل من ضغوط الأزمة
المشاركة في التعامل مع الأزمة:
وهي أكثر الطرق تأثيرا وتعني هذه الطريقة الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها وإشراك الكيان في حلها.
تدمير الأزمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل:
وهي من أصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع الأزمات ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة) أو الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات الكافية حول الأزمة وهذا مكمن خطورتها وتستخدم وهذه الطريقة في حالة التيقن من عدم وجود بديل لها.
تكوين فرق متخصصة لحل الأزمة:
وذلك عبر الاستفادة من أهل الخبرة والدراية في كل المجالات للعمل في آن واحد في مواجهة الأزمة من كل جوانبها. وهي من أنجع وأحدث الطرق في حل الازمات.
تعليق
إن إدارة الازمات علم في غاية الاهمية، ينبغي علينا الإلمام به لنتمكن من حل كافة أزماتنا على المستويات الخاصة والعامة. ويمكن تشبيهه بعلم الطب ،حيث تعتبر الأزمة ظاهرة مرضية يتم التعامل معها بكل ما يتعلق بها من أعراض و تشخيص وعلاج ثم شفاء بإذن الله، لاسيما ونحن في بلدنا أحوج ما نكون لذلك،في ظل الازمات العديدة التي مررنا ومازلنا نمر بها وفشلنا في حل الكثير منها بسبب عدم الإلمام بكل هذه العناصر المتعلقة بعلم أو فن إدارة الازمات، إضافة إلى الأسباب الأخرى.
والحق أن كل هذه العناصر والمعايير المتعلقة بإدارة الازمات، قد اصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع كافة أنواع الازمات التي وقعت في زمانه و حتى قبل وقوعها، فهو اسوتنا وقدوتنا في ذلك بما تميز به من حكمة ويعد نظر ورباطة جأش وتخطيط محكم واستباق الاحداث والأزمات، مما مكنه صلى الله عليه وسلم في سنوات قليلة من تجاوز وتجنب أزمات كبرى، و تحقيق إنجازات عظيمة لم ولن تتأتى لأحد غيره في كافة المجالات.الدعوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإنسانية.
الخلاصة
إن المخرج من الأزمة الراهنة في السودان بكل أبعادها وجوانبها المتشعبة تتطلب حنكة ودراية واتباع الأساليب العلمية في إدارتها وفق معايير واساليب إدارة الازمات، وعدم الاعتماد بشكل أساسي على الجوانب العاطفية فقط، مع ما لها من أهمية كبيرة في شحذ الهمم وحشد القوى الوطنية والشعبية.
وكما اقترحنا من قبل ينبغي تكوين فرق متخصصة في كافة الجوانب الدينية الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وإعادة الإعمار وغيرها، للعمل في كل هذه الجوانب بالتوازي مع قوات الجيش والقوات النظامية الأخرى التي تتولى الجانب العسكري والامني بجدارة، حتى ننتقل بهذه الأزمة من مرحلة الانحسار الراهنة إلى مرحلة التلاشي إن شاء الله تعالى. ومن ثم تبدأ مرحلة البناء.
د.عبد المهيمن عثمان حسن بادي
ابوجا – نيجيريا
٢٠٢٤/٥/٧م
التعليقات مغلقة.