الايام نيوز
الايام نيوز

أزمة الجنوب وانعكاساتها على النيل الأبيض

أزمة دولة جنوب السودان:
تحسبات لموجات لجوء كبيرة نحوالنيل الأبيض !
كتب:عبدالخالق بادى
انفجار الوضع الأمنى والسياسى بدولة جنوب السودان خلال الأيام الماضية من المؤكد أنه سيلقى بظلاله على الأوضاع الأمنية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية بولاية النيل الأبيض أكثر من غيرها، لاعتبارات عديدة.
أولا :فإن ولاية النيل الأبيض وكما يعلم الجميع ولاية حدودية ،لها حدود برية ممتدة مع دولة جنوب السودان ، وهذا مما يسهل من لجوء الآلاف من الجنوبيين لها.
ثانياً هنالك أصلا عشرات الآلاف من اللاجئين الجنوبيين تؤويهم الولاية بمحليتى السلام والجبلين، وهذا مما يشجع الكثيرين لاجتياز الحدود والتوجه لهذه المعسكرات .
ثالثاً فإنه ومنذ حروب حركات التمرد الجنوبية ضد الحكومات المتتالية ، فإن الجنوبيين يلجأون إلى السودان عبر ولاية النيل الأبيض،غبر البر والنهر، لأنهم على قناعة بأن لا أمان لهم ولا اطمئنان إلا فيه ، بل حتى عندما خاض الدينكا بقيادة سلفاكير والنوير بقيادة رياك مشار حربا ضروس قبل سنوات ، نالت ولاية النيل الأبيض نصيب الأسد من اللاجئين.
أزمة دولة الجنوب بين جناحي الحركة الشعبية بقيادة كل من الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار ليست بالجديدة ، فقد سبق للطرفين أن تحاربا لخمس سنوات ، ثم عادا ووقعا إتفاق سلام فى عام ٢٠١٨م.
ومعلوم أن الصراع في الأساس قبلى بين الدينكا والنوير ، والعلاقة بينهما دائماً ما يشوبها الشك والتخوين ، لذا فإن ما حدث أمر متوقع ، فأى خلاف يحدث بينهما يمكن أن يتحول سريعاً إلى حرب مدمرة تقضى على الأخضر واليابس ، وأول ما يفكر فيه المواطن الجنوبى هو الهروب نحو أى مكان آمن، واقرب مكان هو ولاية النيل الأبيض.
إذا لم يتم احتواء الأزمة الحالية فإن الأوضاع بدولة الجنوب ستصبح كارثية ، واللجوء سيكون بمئات الآلاف وربما ملايين ، وستواجه ولاية النيل الأبيض وضعا صعباً يفوق مقدارتها وإمكانياتها ، علما بأن وجود الجنوبيين بالولاية منذ سنوات ظل يمثل عبئا ثقيلاً على الحكومة ومجتمع الولاية .
إذاً لابد من تحوطات على مستوى الحكومة الاتحادية والولائية، وكذلك على مستوى المنظمات الدولية ، على رأسها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ، خصوصاً أن الصراع هذه المرة قد يأخذ بعدا إقليمياً ، بسبب التدخل المباشر ليوغندا فى القضية ونشرها قوات خاصة بجوبا عاصمة دولة الجنوب لحماية نظام سلفاكير، وتأكيد قائد الجيش اليوغندى بأن تهديد حكومة سلفاكير هو تهديد ليوغندا ، وهذا قد يقود دول أخرى للتدخل مساندة لأحد طرفى النزاع.
ولا نذهب بعيدا فقبل أيام افتتحت الامارات مستشفى بمدينة أويل ، وقد اتهم مسؤول سوداني رفيع الإمارات بأن ذلك نوع من التمويه وأن الهدف ليس توفير العلاج ، وأن المستشفى هو نواة لإقامة معسكر أو مركز عدوان لإمداد المليشيا المتمردة بالسلاح والوقود ، وهذا قد يكون من أسباب الأزمة الأخيرة بين سلفاكير ومشار ، ولا ننسى الصفقة التي وقعتها حكومة سلفاكير مع الإمارات ببيعها النفط للإمارات لعقود.
إضافة إلى ذلك فقد تتدخل دول أخرى لها مصالح لحماية مصالحها فى حال الفشل فى احتواء الأزمة ، فتصبح دولة الجنوب ساحة اقتتال إقليمى ودولى ، يتحمل عبؤها الأكبر السودان عامة وولاية النيل الأبيض والولايات الحدودية الأخرى خصوصاً.
إن التحوطات التى وضعتها حكومة ولاية النيل الأبيض من خلال اجتماع لجنة أمن الولاية الأسبوع الماضي ، أمر جيد ودليل على أن الجهات المختصة متحسبة لأى طارىء ، ولكن لابد من تحرك الحكومة الاتحادية والأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين والمنظمات مبكراً، حتى لا تتكرر أخطاء الماضى .

التعليقات مغلقة.