دولة القانون المستشارون القانونيون بقلم د. عبد العظيم حسن
دولة القانون
المستشارون القانونيون
عندما تتوقف العقول ويعلو دوي المدافع فأعلم أن الأمة فقدت منطقها وصوابها. قمة فشلنا تجسد في قبولنا لعاهات رمزاً لحكومة الثورة وممثلين لسيادتها. وعار القيادة لم يقتصر على وقوف الجيش خلف ثكناته عاجزاً عن حماية المعتصمين وإنما في تكريمنا للمتهمين وتحصينهم دستورياً مع الحرص على التمسك بشراكتهم واستوزارهم.
الفشل الذريع والمتراكم، وبكل أسف، سيستمر ولن تتراجع وتيرته إلا بإدراك العاقلين من القوى المؤمنة بالتغيير بأن الحل في وحدتها على هدف إنهاء عسكرة الدولة السودانية. بالطبع هذا الهدف النبيل لن يتحقق إلا بثمن غال ومشوار طويل. مع ذلك فالإصرار والعزيمة مع الأخذ بالأسباب تظل الأدبيات الضرورية والزاد اللازم لعناء السفر ليصبح متعة وقصة نجاح. ولأن الرحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر فلا مناص من رسم الخارطة والتوافق على القيادة الرشيدة وبالعدم تحديد وسائل فض ما ينشأ من صعوبات الانتقال. إن من أعظم خبرات الشعوب أن التداول السلمي للسلطة كان وما زال من أكبر التحديات التي واجهت الأمم. فالدكتاتوريون ولإدراكهم لهذا الضعف لم يدخروا وسعاً في تطوير نظريات فرق تسد لضرب الشعوب التواقة للحرية والسلام والعدالة. مع ذلك يظل لا دواء لهذا الداء إلا بالوحدة تحت قيادات رشيدة وواعية. لا شك في أن تعدد محاولات التوحد والفشل في اختيار القيادة الرشيدة، بحد ذاته، ليست بعيوب بقدرما العيب في الإصرار على الفشل وعدم تجديد الدماء واتخاذ التدابير لعلاج تلك الأخطاء.
من شروط القيادة الرشيدة الوسطية والقبول لدى معظم القوى الفاعلة في المشهد. فمجرد أن شخصية معينة مقبولة فهذا لا يكفي معياراً وإنما يجب أن تتوافر في الشخصية القيادية المعرفة والقدرة على جمع الشتات وتجاوز الأزمات بأقل الخسائر. في حال تعذر التوافق وصعوبة الاختيار يبقى لا مناص من انتداب وتفويض كل طرف من الأطراف المتشاكسة لمستشار قانوني بحيث يجلس المستشارون القانونيون فيضعوا آليات الحل ووسائل التنفيذ في أقصر أجل. للخروج من هذا الشقاق، بكل شفافية وحسن نية، لماذا لا نحاول أن ينتدب المتشاكون مستشارين قانونيين قادرين على فك هذا الاشتباك؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
14 سبتمبر 2023
التعليقات مغلقة.