(من أجل المزيد من الوعي) مقال جديد للدكتور عبد المهيمن عثمان بادى عن حرب الأيام الستة
…….بمناسبة ذكري حرب الأيام الستة (من ٥ إلى ١٠ يونيو ١٩٦٧م)…….
(حرب الأيام الستة… والمسجد الأقصى)
ماهي حرب الأيام الستة؟
(…..حرب الأيام السنة هي الحرب التي نشبت بين إسرائيل من جهة، وكل من مصر وسوريا والأردن من جهة أخرى، خلال ٦ ايام من ٥ إلى ١٠؛ يونيو ١٩٦٧م, وأدت إلى احتلال الصهاينة لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي بعد حربي ١٩٤٨م و١٩٥٦م.وقد اسفرت الحرب عن مقتل من ١٥.٠٠٠ إلى ٢٥.٠٠٠ شخص في الدول العربية مقابل ٨٠٠ شخص في إسرائيل، وتدمير ٧٠% – ٨٠ % من العتاد الحربي في الدول العربية مقابل ٢ – ٥% فقط في إسرائيل، إلى جانب تفاوت مشابه في عدد الجرحى والأسرى؛ كما كان من نتائجها صدور قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢ وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم ( لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل). كما أدت الحرب إلى تهجير معظم سكان مدن قناة السويس و معظم مدن محافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة بما فيها محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية. وما زالت آثار حرب ١٩٦٧م ماثلة حتى يوما هذا، إذ لا يزال الصهاينة يحتلّون الضفة الغربية ، كما أنهم قاموا قامت بضم القدس والجولان، وكان من تبعاتها أيضًا نشوب حرب أكتوبر عام ١٩٧٣م وفصل الضفة الغربيّة عن السيادة الأردنيّة، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام ١٩٩١م بمبدأ «الأرض مقابل السلام» الذي ينصّ على العودة لما قبل حدود الحرب لقاء اعتراف العرب بإسرائيل، والسلام معها، ومن ثم أقامت دول عربيّة عديدة علاقات منفردة مع إسرائيل.
وما الحرب والتدمير الممنهج في غزة إلا أحد. آثار هذه الحرب البغيضة …)
الهدف الحقيقي من الحرب هو المسجد الأقصى
يعتبر احتلال القدس الشرقية في عام ١٩٦٧م، أهم آثار هذه الحرب بل هو أهم أهدافها، فمنذ منذ الوقت قام الصهاينة بسلسلة إجراءات متتابعة ومتصاعدة تهدف للسيطرة التامة على المسجد الأقصى، وتهويده، وتحويله إلى بناء تلمودي صهيوني خالص، وهي الإجراءات التي بدأت بمجرد فرض سيطرتهم على المدينة، حيث قاموا بمحاولات فاشلة لفرض السيادة على المسجد، من خلال تدخلهم في إجراءات موظفي الأوقاف الذين ظلوا تابعين للأردن، ومن تلك الإجراءات محاولة التدخل في مضمون خطبة الجمعة، وهو الأمر الذي قوبل بمواجهة ورفض شديدين، ما اضطر الصهاينة للتراجع. وقد بدأ الصهاينة في الدخول إلى المسجد الأقصى عقب الاحتلال مباشرة، كسياح أجانب، وليس كإسرائيليين، حيث إن غالبيتهم يحملون أكثر من جواز سفر، وهو الأمر الذي تواصل لمدة ٣ عقود تالية، وفي عام ١٩٦م أقدم يهودي أسترالي يدعى دينيس مايكل روهان على إشعال حريق في المسجد الأقصى، مما أدى إلى خراب كبير في معالم مهمة في المسجد القبلي ومسجد عمر، شملت السجاد والزخارف والأقواس والنوافذ، ومنبر صلاح الدين، ومحراب زكريا، ودمر الخراب مساحة تزيد على ١٥٠٠ متر مربع من المسجد القبلي؛ أي حوالي ثلث مساحته. كما قام الصهاينة بعدة حفريات تحت المسجد الأقصىى بغرض هدمه، مرت بعدة مراحل وكانت أولى هذه المراحل مع نهايات عام ١٩٦٧م وبدايات عام ١٩٦٨م، ثم تبعتها المرحلة الثانية بداية من عام ١٩٦٩م لاستكمال حفريات المرحلة الأولى، و توغل الصهاينة تحت الأقصى بشكل أكبر في المراحل التالية التي لا زالت مستمرة حتى الوقت الراهن.
معلومات أساسية عن المسجد الأقصى
المسجد الأقصى هو اسم للحرم الذي يضمّ في داخله مسجد قبة الصخرة الذي يقع في قلب هذا البناء المسوّر، بالإضافة إلى المسجد القبلي الذي يقع في جهة القبلة من هذا السور ولون قبّته مائل للسواد، وكذلك يضمّ نحوًا من ٢٠٠ معلَمٍ بين مساجد ومبانٍ وأروقة ومصاطب وأسبلة ماء وقباب ومحاريب ومنابر ومكتبات وأبواب ومآذن وآبار ماء، ويقع المسجد الأقصى في مدينة القدس الشريفة العتيقة، في المكان المعروف بالبلدة القديمة، ومكانه تحديدًا في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة للقدس المباركة.
لماذا سمي المسجد الأقصى بهذا الاسم؟
لفظة “الأقصى” المقصود بها هو الأبعد، فمن هنا يكون معناه المسجد الأبعد، ولكن قد يتبادر إلى الذهن سؤال وهو: الأبعد أو الأقصى عن أيّ شيء؟ والإجابة هو أنّه المسجد الأقصى أو الأبعد عن المسجد الحرام الذي بمكّة المكرّمة. وهذا الاسم هو الذي أُطلق على المسجد في القرآن الكريم، إذ يقول -سبحانه- في سورة الإسراء: ” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” سورة الإسراء: الآية الأولى
كم تبلغ مساحة المسجد الأقصى؟
تبلغ مساحة المسجد الأقصى ١٤٤ دونمًا؛ أي ما يعادل ١٤٤٠٠٠ مترٍ مربعٍ، ويشكّل سدس مساحة المدينة القديمة، وشكلّه مضلّع أو شبه مستطيل. وقد حدّد العلماء حدود المسجد الأقصى بالاعتماد على التاريخ والحدود القديمة التي بُنيت عليها مباني المسجد الأقصى، وقد بلغت عند بعض العلماء ٤٠ مكانًا تحدد حدود المسجد الأقصى منها المُصلّى القبلي أو الجامع القبل وقبة الصخرة والمصلى المرواني وهو المدخل وجامع النساء وجامع عمر ومئذنة باب الأسباط وحائط البراق والمتحف الإسلامي والسور الشرقي وباب التوبة وباب الرحمة وباب حطة وباب السكينة وباب المغاربة وباب الأسباط وقبة سليمان وحارة المغاربة وغيرها.
مصليات المسجد الأقصى ومساجده
يحتوي المسجد الأقصى كثير من المساجد والمصليات، وهي في الأجر والثواب واحدة؛ فكلّها تعدّ ضمن المسجد الأقصى، وهي:
– الجامع القبلي: ويقع في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى من جهة القبلة، ومن هنا جاءه اسمه، وكان الناس يصلون الجمعة. وقد بني المسجد بداية في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.
– مسجد قبة الصخرة: ويمتاز بقبته الذهبية، وقد بناه عبد الملك بن مروان
– المصلى المرواني: وقد بُني في العهد الأموي، ويقع أسفل الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى، وهو أكبر المساجد والمصليات المسقوفة في المسجد-
–
– مصلى الأقصى القديم: ويقع تحت الجامع القبلي، ويتكون من رواقين بُنيا في العهد الأموي.
– مسجد البُراق: ومكان هذا المسجد هو في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى أسفل باب المغاربة، وسمي بذلك نسبة إلى المكان الذي ربط فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- دابة البراق في ليلة الإسراء، والغالب أنّ بناءه كان في العهد الأموي.
– مسجد المغاربة: وقد بني في عهد صلاح الدين الأيوبي،ويستعمل اليوم متحفًا.
– جامع النساء: ويمتد بناؤه بمحاذاة الحائط الجنوبي لسور الأقصى الشريف
ما أهمية المسجد الأقصى الدينية؟
جاءت العديد من الادلة على مكانة وشرف المسجد الأقصى الدينية في القرآن والسنة والتي تتمثل في الآتي:
– ثاني مسجد بني في الأرض: ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه: “سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ؟ قالَ المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ عَامًا”.
– هو مسجد مبارك: كما في الآية المباركة: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
– القبلة الأولى للمسلمين: فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه قال: “صَلَّيْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الكَعْبَةِ”
– من المساجد التي تشد إليها الرحال: ففي صحيح البخاري أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى”.
– مسرى النبي: لقد كان مسرى النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فيقول عليه الصلاة والسلام: “أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ”.
الخلاصة
فهذه تذكرة وتبصرة حول حرب الأيام الستة التي احتل خلالها الصهاينة القدس الشرقية ومن ضمنها المسجد الاقصى الشريف الذي إن شاء الله سيتم تحريره من دنس الصهاينة على أيدي عباده المؤمنين.
د. عبد المهيمن عثمان حسن بادي
ابوجا – ٢٠٢٤/٦/٥م
المصادر
– سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى، مركز المعلومات الفسطيني، (وفا) ٢٠٢٤م
– المسجد الأقصى… التاريخ ،مركز بيت القدس للمعلومات التوثيقية،٢٠٢٤/٢/٥م
– حرب الـ ٢٠٤٥٤ يوماً وليست «حرب الأيام الستة، مجلة القدس العربي.٢٠٢٣/٦/٢٣م
التعليقات مغلقة.