الايام نيوز
الايام نيوز

النزاع المسلح بالسودان وإنعكاساته على السكان المدنيين

النزاع المسلح بالسودان وإنعكاساته على السكان المدنيين

يعاني السودان حالياً نزاعاً مسلحاً مستعراً بالعاصمة وبعض المدن الاخرى منذ 15 أبريل 2023 والى الان بين القوات المسلحة الوطنية وقوات الدعم السريع التي تمرد ت على القوات المسلحة في محاولة منها للإستيلاء على السلطة بإنقلاب عسكري ،عبر قيامها بهجمات منسقة لعدد من المواقع والمنشآت الحيوية والإستراتيجية ،ورفضها عملية الاندماج للجيش السوداني .
تبين من خلال أستقراء الحقائق على ارض الواقع، توافر معايير النزاع المسلح غير الدولي نتيجة لوجود إشتباكات بين طرفين مسلحين هما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع داخل الإطار الجغرافي للدولة مع توافر درجة كافية من التنظيم العسكري الامر الذي قاد الطرفان لإجراء عمليات عسكرية متواصلة ومنسقة ،وقد وصلت المواجهات المسلحة الى درجة من العنف والخطورة لمدة زمنية ،أدت الى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى من القوى المسلحة والمدنيين ،ونزوح للسكان المدنيين.
وقد كانت القوات المسلحة مع قوات الدعم السريع جزءاً من المؤسسة العسكرية الوطنية للدولة وفق ما نصت عليه المادة “35” من الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019، وقد كانت قوات الدعم السريع وفق قانونها الذي صدر في 2017 ، تختص بمعاونة القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى،وتخضع لقانون القوات المسلحة عند الحرب وتكون تحت إمرتها وتبعيتها ،إلا أن أصدر البرهان بصفته رئيساً للمجلس العسكري الإنتقالي مرسوماً دستورياً قضى بتعديل قانون قوات الدعم السريع في 2019، حيث أصبحت بموجب ذلك التعديل قوات مستقلة و موازية للقوات المسلحة ،وأضاف اليها بعض الاختصاصات التي هي من صميم عمل الشرطة السودانية والمتمثلة في مكافحة الارهاب، الإتجار بالبشر ،والهجرة غير الشرعية،التهريب والمخدرات.
وعندما بدأت الإشتباكات بين الطرفين ، أصدر قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قراراً حل بموجبه قوات الدعم السريع واعلن بانها قوات متمردة على القوات المسلحة،وبالتالي اصبحت تلك القوات خارج نطاق منظومة المؤسسة العسكرية الوطنية للدولة،كما أصدر في
20 أبريل قراراً بضم قوات حرس الحدود وقوات الترتيبات الامنية للقوات المسلحة والغى تبعية قوات حرس الحدود لقوات الدعم السريع.

ووفقاً للحقائق على أرض الواقع وباستقراء المادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف الخاصة بالنزاع المسلح غير الدولي، والبروتوكول الثاني لإتفاقيات جنيف الخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية يجوز للدولة الحفاظ بكافة الطرق المشروعة على النظام والدفاع عن الوحدة الوطنية وسلامة أراضيها ولا يجوز المساس بسيادة الدولة والتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في شؤونها الداخلية “المادة /3” من البروتوكول الثاني.

وعلى مستوى التشريعات الوطنية يمكن تطبيق المادة (4) من قانون القوات المسلحة السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع المتمردة التي تجرم كل من يُكون تنظيماً مسلحاً لإثارة الحرب ضد الدولة عسكرياً،أو يحمل السلاح بغرض إرتكاب أفعال من شأنها زعزعة الامن والإستقرار بالبلاد أو تعريض إستقلالها أو وحدتها للخطر أو يشرع أو يحرض على ذلك، وتتم معاقبتهم أمام المحاكم العسكرية.

وقد ميز القانون الجنائي السوداني لسنة 1991،بين الجرائم التى ترتكب وقت السلم والجرائم المرتكبة أوقات الحرب ،حيث أدرج جرائم الحرب ،الجرائم ضد الإنسانية،وجرائم الإبادة الجماعية الواردة في ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية في القانون الجنائي عند تعديله سنة 2009.
حيث يشكل القتل،والقبض على الاشخاص أو الاختطاف أو الإحتجاز، أوإستخدام الاكراه في مواقعة أنثى من الجرائم ضد الإنسانية التي تصل عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد عندما ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين
كما يعاقب القانون الجنائي على جرائم الإبادة الجماعية بالإعدام أو السجن المؤبد ،وتتضمن جرائم الإبادة الجماعية القتل في مواجهة أفراد جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية بقصد إبادتها أو إهلاكها.
أما جرائم الحرب تشمل إنتهاك الكرامة الشخصية للاشخاص،وإعتقال المدنيين أو إحتجازهم أو أخذهم كرهينة ، وإبعاد وترحيل مجموعة من السكان المشمولين بالحماية أو نقلهم قسراً ،أو نهب الممتلكات ،أو شن هجوم ضد السكان المدنيين أو المنشات المدنية ،ومهاجمة أو قصف المدن أو القرى ،أو عرقلة إمدادات الإغاثة مما يؤدى الى تجويع المدنيين ،أوتشريد السكان المدنيين ويعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد

وتوجد العديد من الدلائل التي تثبث بان قوات الدعم السريع قد إرتكبت إنتهاكات جسيمة وذلك لإدارتها للقتال دون ضوابط باستخدامها اساليب وحشية وهمجية ،وابتكار حملات نفسية تهدف الى خلق الزعر بين السكان المدنيين لإخراجهم من منازلهم ،ونهبها ، وإستخدامهم دروعاً بشرية ،وإستخدام المرافق الطبية لاغراض عسكرية ،وتشويه سمعة القوات المسلحة

د. رجاء عبدالله الزبير

التعليقات مغلقة.