الايام نيوز
الايام نيوز

حرب السودان تفضح “أفريقيا العاجزة” عن حل مشكلاتها

كشفت الأزمة السودانية التي تفجرت في منتصف أبريل الماضي، حجم الضعف والعجز الذي يعانيه الاتحاد الأفريقي في ظل غياب شبه تام عن التعاطي والتعامل مع النزاع الذي اندلع بين الجيش السوداني الذي يترأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وميليشيات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وتفضح الأزمة السودانية العجز الأفريقي في حل المشكلات التي تموج بها القارة السمراء التي تعاني من الإرهاب وتغير المناخ والهجرة غير الشرعية وموجات النزوح واللجوء، وافتقاد المنظمة القارية لآليات تمنحها القدرة على التعامل مع الأزمات المختلفة، ناهيك عن التدخلات الخارجية من القوى المختلفة التي تضعف من موقف الاتحاد الذي احتفل قبل أيام على مرور ٦٠ عاما على تأسيسه.

وساطة سعودية أمريكية في السودان

بات ينظر إلى الوساطة السعودية الأمريكية في السودان، بأنها طوق النجاة الذي يمكن من خلاله إعادة الأمور إلى نصابها، على الرغم من الخروقات المتكررة للهدنة، إلا أن تلك الوساطة تحمل بصيصا من الأمل في إقرار الهدوء ولو مؤقتا.

واجتمع مندوبون عن طرفي النزاع في السعودية وأعلن في ١٢ مايو الماضي عن اتفاق جدة الذي تضمن عددا من البنود التي تهدف إلى إقرار التهدئة في الأراضي السودانية، وسط غياب تام للاتحاد الأفريقي الذي اكتفى بإصدار بيان يرحب بنتائج مفاوضات جدة.

وحينما صدر إعلان جدة، لم يكن هناك أي إشارة للاتحاد الأفريقي بشأن المساهمة في جهود إقرار الهدوء في السودان، وكان الفشل الآخر هو عدم التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين والنازحين إلى دول جوار السودان وترك الأمور تتفاقم بدون أي خطة للتعامل مع الأزمة المفاجئة.

في هذا السياق؛ قال السفير بانكول أديوي، مفوض الشئون السياسية والسلام والأمن بمفوضية الاتحاد الأفريقي، إن سعي أطراف أخري لإيجاد حل للأزمة في السودان لا ينفي الدور الذي يقوم به الاتحاد الأفريقي في التعاطي مع سبل إيجاد حل لها، مشيرا إلي أن السودان عضو مؤسس لمنظمة الوحدة الأفريقية ومن بعدها الاتحاد الأفريقي.

وأكد “أديوي” في رده على سؤال بشأن غياب الاتحاد الأفريقي عن مفاوضات جدة الأربعاء الماضي، أن الاتحاد يتبني خارطة طريق للتعاطي مع الأزمة السودانية، مؤكدا علي ضرورة إلزام الأطراف المتنازعة في السودان على الوصول لحل سياسي للأزمة دون اللجوء للعنف حفاظا على مقدرات الشعب السوداني، إلا أن السفير بانكول أديوي لم يكشف عن الآلية التي يمكن من خلالها أن يلزم الاتحاد الأفريقي طرفي النزاع للعودة إلى الحل السياسي.

ولم يكن ضعف وقلة حيلة الاتحاد الأفريقي لمواجهة الأزمة السودانية، إلا تكرارا للفشل في ملفات وأزمات تواجه القارة السمراء خلال السنوات الماضية على الرغم مناداة بعض القوى بضرورة إيجاد حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية.

أزمة سد النهضة

وكانت أزمة سد النهضة هي أبرز مثال على عجز الاتحاد الأفريقي عن إدارة مشكلاته، حيث استمرت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا على مدار أكثر من عقد دون التوصل إلى أي اتفاق يحفظ لدولتي المصب حقوقهما في الوقت الذي تنادي فيه أديس أبابا بضرورة حل المشاكل الأفريقية داخل البيت الأفريقي، فإنها تواصل التعنت في توقيع أي اتفاق.

وكان السفير سامح شكري وزير الخارجية، قال في تصريحات تليفزيونية في مايو الماضي أن الاتحاد الأفريقي لم يوفق في ملف السد الإثيوبي وفشل في إقناع إثيوبيا بالمرونة في المفاوضات.

الحرب الأهلية الإثيوبية في تيجراي

العجز الأفريقي كان قد تجسد في أزمة الحرب الأهلية الإثيوبية التي اندلعت بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير شعب تيجراي، واستمرت طوال ٢٤ شهرا، من نوفمبر ٢٠٢٠ إلى نوفمبر ٢٠٢٢ حينما وقع طرفا الصراع اتفاق السلام في بريتويا والذي جاء بضغوط أمريكية وأوروبية بعدما استنفد الاتحاد الأفريقي عامين من الوساطة دون فائدة.

٢٢ دولة تعاني نزاعات مسلحة

وأكد تقرير لـ”مجموعة الأزمات الدولية” أن ٢٢ دولة أفريقية على الأقل تعاني من النزاعات المسلحة مع غياب أي دور مؤثر للاتحاد الأفريقي، وأصبحت مالي مثالا بارزا على الفشل الأفريقي حيث استمرت الاضطرابات فيها لمدة عقد كامل، وكذلك الأمر في ليبيا التي دخلت في دوامة عنف منذ عام ٢٠١١ إلى جانب عدد من الدول أبرزها أفريقيا الوسطى والكاميرون ودول الساحل التي تعاني من أزمات أمنية معقدة.

ورغم تدخل الاتحاد الأفريقي في عدد من الدول بقوات مسلحة لحفظ الأمن إلى أنه لم تحقق أي نجاح يذكر، ففي الصومال استمرت الاضطرابات الأمنية بسبب توغل حركة الشباب رغم وجود القوات الأفريقية منذ ٢٠٠٣، وهو نفس الوضع في إقليم دارفور السودان الذي تتواجد فيه قوات “AMIS” لحفظ الأمن.

التدخل الخارجي في شئون القارة

وأكد التقرير تدخل عدد من القوى الإقليمية والدولية في أفريقيا سعيا وراء مصالح متنوعة ومتضاربة في كثير من الأحيان، وهي الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وتركيا والإمارات.

وذكر التقرير أن مؤشر السلام العالمي في عام ٢٠٢٢ الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، أكد أن خمسة من البلدان العشرة الأقل سلما على مستوى العالم كانت في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وهي أفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان والسودان، فيما احتلت بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا والصومال من بين البلدان العشرة الأولى في العالم الأكثر تضررًا من الإرهاب.

وأوضح التقرير المنشور في ديسمبر ٢٠٢٢ أن أفريقيا تعاني من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي، خاصة في الفترة بين ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٢ بعد تنفيذ عدد من الانقلابات أبرزها في دول بوركينا فاسو وتشاد وغينيا ومالي، إلى جانب انقلابات فاشلة في أفريقيا الوسطى وجيبوتي وغينيا بيساو ومدغشقر والنيجر.

الاتحاد الأفريقي تابع للقوى الأجنبية

وفي حوار أجرته “البوابة” في عام ٢٠٢١؛ أكدت الدكتورة هاجر قلديش رئيسة مفوضية القانون الدولي بالاتحاد الأفريقي، أن المنظمة القارية تعاني من الضعف والعجز وهي تابعة للأجانب.

وأرجعت “قلديش” ذلك إلى أن الدول الأعضاء يمولون ٣١٪ فقط من الميزانية في حين يسهم الشركاء الدوليون بـ٦٦٪ من الميزانية، مما يجعل الاتحاد تابعا للممولين رغم جدية مشروع الإصلاح المؤسساتي والمالي للاتحاد والذي بدأ منذ سنة ٢٠١٧.

المصدر جريدة البوابة المصرية

التعليقات مغلقة.