الايام نيوز
الايام نيوز

فايننشال تايمز: أزمة السودان تحتاج نموذجاً جديداً من المساعدات

يواجه السودان مجاعة على مستوى البلاد وانهياراً للدولة، فقبل 4 أعوام فقط، عندما أسقطت الاحتجاجات غير العنيفة ديكتاتورية الرئيس عمر البشير التي استمرت 30 عاماً، بدا أن مستقبلاً ديموقراطياً مشرقاً في متناول البلاد. لكن المؤلف المشارك لكتاب “ديمقراطية السودان غير المنجزة” أليكس دي وال، لفت إلى أن آمال عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين وأفراد الشتات الذين عادوا إلى ديارهم أُحبطت بقسوة.

يحتاج السودان إلى خطة إنقاذ مالي وأموال لإعادة الإعمار

تم ذلك على يد جنرالين سعيا إلى السلطة لإشباع جشعهما ورد فعل دولي تودد إليهما بحجة الاستقرار، ومع ذلك، شدد “دي وال” في صحيفة “فايننشال تايمز” على وجود فرصة للرد على الأزمة الحالية بنموذج مالي جديد للدبلوماسية والعمل الإنساني.
تداعيات المعارك
اندلع القتال في العاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل (نيسان) بين جيش تقليدي بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان ضد قوات شبه عسكرية بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي”. لم يوجه أي طرف ضربة قاضية إلى الآخر. في غضون ذلك، هجر أكثر من مليون شخص منازلهم. وقد وصل إلى مصر ما يقدر بنحو 160 ألف شخص. في النهاية سيشق كثيرون طريقهم إلى أوروبا.

في الخرطوم، وبشكل متزايد في مدن سودانية أخرى، يموت الناس من الجوع والعطش وضربة الشمس والأمراض غير المعالجة في منازلهم، ويكافح الأطباء والعاملون في القطاع الصحي لإبقاء المستشفيات مفتوحة، إنهم بحاجة إلى كهرباء وماء وإمدادات طبية ورواتب.

حل مختلف جذرياً
النموذج التقليدي للعمليات الإنسانية هو القوافل الغذائية ومحطات الطوارئ الطبية. حسب “دي وال”، قد يكون هذ النموذج مناسباً للأزمة التي تتكشف في المناطق الريفية في دارفور، لكن المجاعة في الخرطوم تتطلب نهجاً مختلفاً بشكل جذري: إيصال الأموال النقدية مباشرة إلى الناس. بالنسبة إلى أولئك الذين لديهم أموال في البنك، هذا يعني خدمات مصرفية عبر الهاتف الخلوي. بالنسبة إلى أولئك الذين لديهم أقارب في الخارج، عبر خدمات تحويل الأموال. بالنسبة إلى الجميع، عبر الائتمان المحول مباشرة إلى هواتفهم.

رأى الكاتب أن هذه التقنيات مجربة ومختبرة. تمتلك كينيا بعضاً من أكثر أنظمة الأموال تطوراً في العالم على مستوى الهاتف المحمول. وتتمتع شركات تحويل الأموال الصومالية بخبرة عمل حيث لا توجد حكومة فاعلة. اتجهت الوكالات المانحة بشكل متزايد نحو النقد باعتباره الشكل الأكثر فاعلية للمساعدة. تتطلب أزمة السودان توسيع هذا النطاق.

ساحة المعركة الأهم
يمكن للدبلوماسية المالية أن تساعد في حل الأزمة السياسية أيضاً. بالنسبة إلى الجنرالات، ليست ساحة المعركة سوى جزء من التنافس. الجزء الآخر الأكثر استراتيجية هو المال. يحتاج كلا الجانبين إلى موارد مادية ضخمة لمواصلة الحرب.
فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات مستهدفة على الشركات المرتبطة بالجيش، لكن حتى الآن، تعتبر هذه الإجراءات أداة من دون استراتيجية. تتمثل خطوة أكثر جرأة في دعم التكنوقراطيين الماليين في السودان وإنشاء قطاع مصرفي مستقل يديره مدني. يمكن أن يشمل ذلك بنكاً مركزياً للسودان مستقلاً عن الطرفين المتحاربين. حدث هذا في أماكن أخرى، من ضمنها ليبيا و(لفترة وجيزة) اليمن.
تحت إشرافها حصراً
عندما التقى المفاوضون الأمريكيون والسعوديون بالأطراف المتحاربة في جدة أوائل مايو (أيار)، كان المتحاربون يمثلون أنفسهم لا مؤسسات الدولة. لم يشاركوا باسم “حكومة السودان”. ثمة فراغ يُنتظر ملؤه. وبما أن رجال المال هم صانعو الملوك في هذه الحرب، يجب أن يملأ الفراغ المدنيون التكنوقراطيون.
سيكون الدعم من المؤسسات المالية الدولية أمراً حيوياً. وسوف يحتاج السودان إلى خطة إنقاذ مالي وأموال لإعادة الإعمار. يجب أن يبدأ المانحون والدائنون بوضع هذه الأموال حصراً تحت إمرة مدنية. يتطلب تجنب المجاعة وانهيار الدولة في السودان مساعدة إنسانية قائمة على النقد وديبلوماسية مالية حازمة. وختم دي وال كاتباً: “نحن مدينون بذلك للمدنيين السودانيين الشجعان الذين أسقطوا ديكتاتوراً”.

التعليقات مغلقة.