الايام نيوز
الايام نيوز

اسيا العتروس تكتب كل المؤشرات تدفع للاعتقاد ان السودان يسير الى الانهيار في حال استمر الاقتتال

اسيا العتروس
قدر السودان أن يتحول الى رهينة بين صراع الجنرالات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان و قائد قوات التدخل السريع محمد دقلو حميدتي بعد ان حولا هذا البلد الى جحيم مفتوح على اهله فلا اعيادهم عيد و لاحياتهم امان … لهذا السبب وحده فانه يمكن القول انه لم يكن مفاجئا اعلان واشنطن تأجيل محادثات السلام السودانية التي كانت اطلقتها مع السعودية لانعدام أي تقدم او نجاح لانهاء الصراع الدموي الذي تجاوز كل التوقعات مع دخول حرب الاخوة الاعداء شهرها الثالث على التوالي دون ادنى مؤشرات عن توقف جنون الحرب و الخروج من دائرة النزيف الذي أدى الى اكثر من ثلاثة الاف قتيل وملايين المشردين والمهجرين دون اعتبار للخراب والدمار الذي لحق بالسودان هذا البلد الذي يراوح من نكبة الى اخرى فلا هواستطاع ايقاف النزيف و لا هواستطاع بلسمة جروحه العميقة التي تزداد غرقا بسبب جنون جنرالاته وهذا الانسياق الغريب لحرق الاخضرو اليابس حتى لو ادى الامر الى قبر كل السودانيين و افراغه من اهله ليظل البرهان و حميدتي وحدهما يتقاتلان كما قابيل و هابيل من أجل سلطة على رؤوس الجماجم والهياكل الادمية …
من المفارقات ان السودان بلد الخمس و الاربعين مليون نسمة لم يكن يوما بلدا فقيرا و طالما يعرف بأنه سلة افريقيا فقد حبته الطبيعة بالاراضي الخصبة والمياه و الثروات المعدنية و الطبيعية و جبال من الذهب التي قد تكفي لاطعام كل القارة و توفيرالمدارس والمستشفيات في مختلف بلدانها الخمسة و الخمسين ..و لكن بدلا من ذلك كتب على السودان أن يغرق في المجاعة و الخصاصة والصراعات العرقية و الحروب الاهلية و الانقلابات من قيادة العسكر الى تجار الدين و سماسرة الاوطان …
الاولوية الان لم تعد في وقف إطلاق النار لانه لا رغبة للمتقاتلين في ذلك و لكن الاولوية حسب الاطراف الوسيطة في السماح بنقل المساعدات الإنسانية العاجلة التي يمكن ان تخفف وقع الجحيم على السودان و اهله ..

نعم هو زمن الجنون و المكابرة و الاصرار على تدمير كل شيء و هذا ما يعيش على وقعه السودان انه حالة جنون وعمى البصيرة و البصر وانعدام للوعي بتوقيع عصابات السلاح والقوى الاقليمية و الدولية الخفية التي تؤجج الصراع وتدفع الى اسوأ كارثة يمكن للعالم ان يسجلها في هذه العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين اذ وفي الوقت الذي تتنافس فيه الامم والشعوب على فرض موقع لها تحت الشمس وتسعى لبناء مجتمعاتها واخراجها من عتمة الجهل و الفقر والبؤس والتعاسة وتلاحق كل الفرص الممكنة و تستثمر في الافكار بحثا عن البدائل للقطع مع التردي يجد السودان نفسه مشدودا الى الخلف غارقا في دماء ابناءه عاجزا عن تلبية احتياجاته من غذاء و دواء فيما تغرق الشوارع و المدن في كل انواع السلاح العابر للحدود سرا وعلانية ..
جنون الحرب وحده يطغى على المشهد في السودان و يلغي كل صوت حكيم او مبادرة يمكن ان تجنب الشعب السوداني الذي يدفع ثمن هذه الحرب المتوحشة مزيد البؤس و العناء …اكثر من اثني عشر هدنة منذ اندلاع شرارة الحرب قبل ثلاثة أشهر و اكثر من وساطة انهارت بعد ان تحجرت العقول و بات الموت سيد المشهد في المعارك المسعورة بين الجيش السوداني و قوات التدخل السريع التي كان الرئيشس الاسبق البشير ابتدعها لتكون درعه في مواجهة المتمردين في دارفور و التي تحولت اليوم الى لعنة تؤرق السودان و تدفعه الى الاسوأ…

لا يبدو ان هناك مؤشرات او بوادر امل في السودان ثالث أكبر دولة في أفريقيا للتهدئة و حقن الدماء …
كل المؤشرات تدفع للاعتقاد ان السودان يسير الى الانهيار في حال استمر الاقتتال بالوتيرة ذاتها و حينئذ فان اعادة بناء و اعمار و اصلاح ما تهدم قد يستوجب اجيالا كثيرة …

كاتبة تونسية
راي اليوم

التعليقات مغلقة.