خبير اقتصادي: خسائر السودان تجاوزت 100 مليار دولار
دون اكتراث لأحد أو إعطاء أدنى اهتمام لنبش أكوام القمامة داخل مستشفى مدني العام، وقفت سيدة في رابعة النهار تنقب بدأب شديد عمّا يسد رمقها وسط ركام القمامة، رغم أن بعضها مخلفات طبية شديدة الخطورة.
المشهد المذل والمروع لتلك السيدة الخمسينية، الغائصة بكلتا قدميها لنبش القمامة وغيرها من المشاهد المماثلة هنا وهناك، بدت كافية لتخليص المشهد برمته للحال الذي وصل إليه بعض السودانيين من المسغبة والعوز وشظف العيش، وإذا كانت تلك حالة مواطنة واحدة فقط، فكيف تبدو حال ملايين المواطنين، وحال البلاد بعد مضي ثلاثة أشهر- تقريبًا- على احتدام المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم ودارفور؟
الخسائر 100 مليار دولار
ليبقى السؤال المؤرق: ماذا حلّ بالاقتصاد السوداني بعد اندلاع الحرب الطاحنة؟ وكم بلغت خسائر المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة؟ وسط تساؤلات عن اختفاء وزير المالية جبريل إبراهيم من المشهد تماما.
“العربية.نت” استفسرت الخبير الاقتصادي المرموق البروفيسور عصام عبد الوهاب بوب فقال: “حساب الخسائر الاقتصادية لا ينحصر فقط في عمليات النهب الواسعة لممتلكات الدولة والمواطنين والمصانع والسيارات والبنية التحتية، لكنها أيضا تأتي في تكاليف النزوح عن البلاد أو داخلها، وتكلفة الفرصة الاقتصادية البديلة، ونهب البنوك بصورة بشعة وكاملة، هذا بالإضافة إلى التكلفة العسكرية، وخراب المنشآت العامة، وانقطاع سبل التجارة، والتبادل الاقتصادي الداخلي والخارجي، كل هذا لم يتوقف منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب، وما زال مستمرا إلى يومنا هذا”.
وعن خسائر الاقتصاد السوداني أوضح الخبير الاقتصادي بوب لـ”العربية.نت” (في الحقيقة أنا اجتهدت في عمل مصفوفة تقديرية لهذا، واستنتجت أن الخسارة الاقتصادية في الفترة الماضية تجاوزت 100 مليار دولار أميركي، ومازال عداد الخسائر في الارتفاع”.
أين وزير المالية؟!
في المقابل، أظهر وزير المالية جبريل إبراهيم قلة حيلة تجاه الأزمات الممسكة بتلاليب الاقتصاد السوداني، وعجزت وزارته حتى عن توفير رواتب عشرات الآلاف من موظفي الدولة. وتساءل البروفيسور عصام عبد الوهاب بوب: أين هو وزير المالية؟ ثم أضاف: “لا أعتقد أن هناك وزارة بالمعنى العملي الآن، فمنذ أول طلقة أطلقت في الخرطوم كان معظمهم خارج البلاد، ومعهم معظم السياسيين”.
ومضى ليقول: “كان ينبغي على رئيس مجلس السيادة باعتباره رئيس الدولة تشكيل وزارة حرب منذ اليوم الأول لكي تستطيع تولي كل سلطة تنفيذية متوفرة لإنقاذ البلاد”.
والوزير في هذه الوزارة كان لا بد من وجوده داخل القيادة، وعلى اتصال دائم بإداراته، هذا هو الأسلوب الناجع للإدارة، وليس الإدارة عن بعد (remote control) هذه ألف باء الإدارة، وتنطبق على الإدارة الاقتصادية.
التعليقات مغلقة.