مهن ازدهرت مع حرب السودان
لكل حرب تجارها من المستغلين لأزمات الناس ومعاناتهم، تلك القاعدة لم تخرج عنها حرب الخرطوم الدائرة رحاها منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش السوداني وميليشيات “الدعم السريع”، إذ ظهرت مهن جديدة بالتزامن مع نزوح الآلاف الفارين من الرصاصات الطائشة نحو معابر السودان في اتجاهاته الأربعة.
تجار الأزمات
شمال البلاد شهد نزوحاً كثيفاً للمواطنين نحو مدينة حلفا أملاً في دخول مصر، لكن مع قفل المعابر زاد تكدس النازحين في المساجد والمتنزهات والطرقات العامة ليتخذوها ملاذاً لهم، وهنا ظهر تجار الأزمات وابتكروا تأجير المراتب والأسرة، فينام عليها الشخص ليلة واحدة مقابل ألفي جنيه سوداني (3.3 دولار) لتمتلئ بها الطرقات.
وبات كل من يمتلك سيارة يستغلها في العمل على نقل النازحين وأصبحت مهنة “سائق” من المهن الرائجة حالياً في السودان، فالسيارات تعمل من دون توقف لنقل النازحين من سوق حلفا إلى معبر أشكيت السوداني مقابل 3 آلاف جنيه سوداني (خمسة دولارات).
يقول التاجر يوسف بشير الذي يعمل في سوق حلفا إن الأعداد الكبيرة والمتزايدة بالمدينة غيرت كثيراً في سوق العمل وظهرت مهن جديدة للتكسب ومنها تجارة العملة التي أصبحت أكثر رواجاً وبصورة واضحة على طاولات صغيرة خشبية توضع عليها كل الفئات مقابل الجنيه السوداني، بينما كانت في السابق تمارس في الخفاء أو عبر الصرافات.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف أن “فنادق المدينة أيضاً زادت من أجرتها، فكانت أجرة الغرفة في السابق 5 آلاف جنيه سوداني وتضاعفت اليوم إلى 20 ألف جنيه، ما يعادل 25 دولاراً”، مستدركاً، “أنا كغيري من التجار اتجهت لممارسة هذه المهن خلال الأزمة”.
أحمد محجوب صاحب “توكتوك” قال إن تلك المركبة “أصبحت من أهم وسائل النقل في مدينة حلفا، فقبل الحرب ونزوح المواطنين كان يستخدم في نقل البضائع وتوزيعها على المحال التجارية، لكن الآن تحول إلى وسيلة مواصلات تنقل النازحين من السوق إلى القنصلية المصرية مقابل 500 جنيه ليصبح من المهن الأكثر رواجاً وأيضاً مصدر رزق لسكان المدينة”.
النزوح شرقاً
النزوح نحو الشرق يتزايد لدخول إثيوبيا عبر القضارف، وإلى مدينة بورتسودان
بولاية البحر الأحمر التي أصبحت حلماً للنازحين الراغبين في دخول مصر بعد
أن تناقل عبر الوسائط بدء تشغيل مصنع الجوازات بالمدينة بعد توقفه
بالعاصمة الخرطوم، مما تسبب في تكدسهم ومن ثم اضطرارهم إلى
اتخاذ متنزه الموانئ ملاذاً، إضافة إلى وجودهم في المدارس على رغم ارتفاع درجات الحرارة”.
هشام عبدالوهاب أوضح أنه جاء إلى مدينة بورتسودان برفقة أسرته لاستخراج جوازات أبنائه بعد إلغاء قرار السفر بإضافة الأطفال.
ووصف رحلتهم من حلفا إلى بورتسودان بالشاقة لطول المسافة البالغة
ما يفوق 1000 كيلومتر، مشيراً إلى أنه لحين استخراج الجوازات لا سبيل أمامه
سوى البحث عن عمل حتى يضمن لأفراد أسرته العيش الكريم وسط الأقرباء
الذين لجأوا إليهم، فضلاً عن أن دخول مصر أصبح بالنسبة إليهم أمراً ضرورياً لاستمرار مسيرة أبنائه التعليمية.
منظمات تنهض
لكن على رغم استغلال تجار الأزمات للضرر المتعاظم الذي لحق بالنازحين،
كانت هناك نقطة ضوء في هذا الظلام تمثلت في نشاط منظمات شبابية
بمدينة بورتسودان من ضمنها جمعية قلوب متحدة التي تساند الأسر المتعففة،
وبعد الحرب نشطت لتسهم في دعم النازحين، وتقول مديرتها إسلام عوض
إن الجمعية تقوم بأيد شبابية وبدعم ذاتي من الأعضاء لتقديم المساعدات الإنسانية للفارين من الحرب في أماكن الإيواء.
وأضافت، “جهزنا وجبات غذائية لتقدم للنازحين إلى جانب العصائر الباردة
نظراً إلى ارتفاع درجات الحرارة منذ شهر يونيو (حزيران) وحتى نهاية سبتمبر
(أيلول) المقبل، ونسهم في نقل مرضى الفشل الكلوي من النازحين إلى
المستشفى لإجراء عملية الغسيل”، مؤكدة أن الجمعية ستواصل عملها الإنساني
في كل مناحي الحياة على رغم ضيق الإمكانات حتى تنجلي الأزمة ويوفق الجميع أوضاعهم.
التعليقات مغلقة.