الايام نيوز
الايام نيوز

“ذُبح..ونا مثل الأغنام”.. شهادات مخيفة تروي الجرائم التي تشهدها دارفور

قبل عقدين من الزمن، أصبح إقليم دارفور في السودان مرادفًا للإب.،ادة الجماعية وج،رائم الح،رب، التي ارتكبتها ميليشيات الجنجويد ضد سكان وسط أو شرق إفريقيا.

وتتزايد المخاوف من عودة هذا الإرث مع تقارير عن عمليات قتل واغ، تصاب وتدمير واسعة النطاق للقرى في دارفور، وسط صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال تيغير تشاغوتا، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، لوكالة أسوشييتد برس: “هذا العنف المتصاعد يتشابه بشكل مخيف مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في دارفور منذ عام 2003”.

وفي 15 أبريل/ نيسان الماضي، اندلع القتال في العاصمة الخرطوم  بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد سنوات من التوترات المتزايدة. وانتشر القتال إلى أجزاء أخرى من البلاد، لكنّه اتخذ في دارفور شكلاً مختلفًا، من هجمات وحشية شنّتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها على المدنيين، وفقًا لناجين وعاملين في مجال حقوق الإنسان.

خلال الأسبوع الثاني من القتال في الخرطوم، اقتحمت قوات الدعم السريع الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون ارتكاب المهاجمين أعمال حرق، وقتل، وتحطيم أجزاء كبيرة من المدينة التي يزيد عدد سكانها عن نصف مليون شخص.

وقال سلطان سعد عبد الرحمن بحرالدين، سلطان دار المساليت: “ما حدث في الجنينة لا يوصف. كانت هناك مذبحة في كل مكان من المدينة. كل شيء كان مخططًا منهجيًا”.

وأضاف أنّ أكثر من 5 آلاف شخص قُتلوا وأُصيب 8 آلاف آخرون في الجنينة وحدها في هجمات شنّتها قوات الدعم السريع والجنجويد بين 24 أبريل و12 يونيو.

وقدّم تقرير لوكالة أسوشييتد برس تفاصيل ثلاث موجات رئيسية من الهجمات على الجنينة والمناطق المحيطة بها في أبريل ومايو ويونيو الماضيين، والتي قال إنّها تهدف إلى “التطهير العرقي وارتكاب الإبادة الجماعية ضد المدنيين الأفارقة”.

في المقابل، وصفت  قوات الدعم السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، القتال في دارفور بأنّه تجدّد الاشتباكات القبلية بين العرب وغير العرب.

وفي مقابلات مع وكالة “أسوشييتد برس”، قدّم أكثر من 36 شخصًا وناشطًا أوصافًا مماثلة لموجات الهجمات التي شنّتها قوات الدعم السريع والميليشيات العربية على الجنينة وبلدات أخرى في غرب دارفور.

وأوضحوا أنّ المُقاتلين اقتحموا المنازل، وطردوا السكان، واعتقلوا الرجال، وأحرقوا منازلهم، وفي بعض الحالات، كانوا يقتلون الرجال، ويغتصبون النساء، وغالبًا ما يُطلقون النار على الفارين في الشوارع.

وأكد جميع الذين تمت مقابلتهم تقريبًا، أنّ الجيش وجماعات متمرّدة أخرى في المنطقة فشلت في توفير الحماية للمدنيين.

وقال مالك هارون، مزارع يبلغ من العمر 62 عامًا نجا من هجوم في مايو/ أيار على قريته مستيري  بالقرب من الجينينة للوكالة: “كانوا يبحثون عن الرجال للقضاء عليهم”، مضيفًا أنّ المسلّحين هاجموا القرية من جميع الجهات، ونهبوا المنازل، واعتقلوا وقتلوا الرجال.

وقتل المهاجمون زوجة هارون باطلاق النار عليها في سوق القرية. دفنها هارون في فناء منزله، ثمّ ساعده جيرانه العرب على الفرار حيث وصل إلى تشاد في 5 يونيو/ حزيران.

ونجت آمنة النور بصعوبة من الموت مرتين، الأولى عندما أضرمت الميليشيات النار في منزل عائلتها في منطقة دارفور السودانية؛ والثانية بعد شهرين عندما أوقفها مقاتلون شبه عسكريون أثناء محاولتها الوصول إلى الحدود مع تشاد المجاورة.

وقالت المعلمة البالغة من العمر 32 عامًا عن الهجوم الذي وقع في أواخر أبريل على مدينتها الجنينة: “لقد ذبح، ونا مثل الأغنام. أجبروا الناس على الخروج من منازلهم، ثم أطلقوا النار عليهم”.

وتعيش النور، وأطفالها الثلاثة الآن، في مدرسة تحّولت إلى سكن للاجئين داخل تشاد، من بين أكثر من 260 ألف سوداني، معظمهم من النساء والأطفال الفارين من انفجار جديد للفظائع في المنطقة الغربية الكبيرة من السودان.

في منتصف يونيو، بدأت هي ومجموعة من 40 رجلاً وامرأة وطفلًا، رحلة على الأقدام للوصول إلى تشاد، لكنّ سرعان ما تمّ توقيفهمم عند نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع.

وقام المقاتلون بالاعتداء والضرب على ذوي البشرة السمراء ولهجة المساليت.

وقالت إنّ أحد المقاتلين قال للمساليت: “ستموتون هنا”. وقاموا بجلد كل فرد في المجموعة، رجالاً ونساءً. ضربوا الرجال على الأرض بأعقاب البنادق وضغطوا على زناد بنادقهم لتخويفهم.

وأشارت النور إلى أن المقاتلين أخذوا الرجال الباقين مع أربع نساء في العشرينيات من العمر، ولا تعرف ما حدث لهنّ، لكنّها تخشى أن تتعرّض النساء للاغ، تصاب.

وأفاد لاجئون آخرون في أدري بوقوع أحداث عنف مماثلة على الطريق المؤدية إلى الحدود.

وقال محمد هارون، وهو لاجئ من مستيري وصل إلى أدري في أوائل شهر يونيو/ حزيران: “كان من المريح الوصول إلى تشاد، لكن جروح الحرب ستستمرّ إلى الأبد”.

في 13 يوليو/ تموز الحالي، قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنّه عثر على مقبرة جماعية خارج الجنينة تضمّ 87 جثة على الأقل، مستشهدين بمعلومات موثوقة.

بدورها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية إنّها وثّقت أيضًا فظائع من بينها إعدامات، ومقابر جماعية في مستيري.

كما وثّقت الوحدة السودانية لمكافحة العنف ضد المرأة، 46 حالة اغت، صاب في دارفور، منها 21 في الجنينة، و25 في نيالا عاصمة جنوب دارفور، و51 حالة في الخرطوم.

غير أنّ سليمة إسحاق شريف، رئيسة الوحدة، قالت للوكالة: إنّ العدد الحقيقي لحالات العنف الجن، سي قد يكون بالآلاف.

من جهته، قال فولكر بيرثيس، مبعوث الأمم المتحدة في السودان: “هناك نمط ناشئ من الهجمات المستهدفة واسعة النطاق ضد المدنيين بناءً على هوياتهم العرقية”.

والأسبوع الماضي، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمام مجلس الأمن الدولي، إنّهم يُحقّقون في مزاعم جرائم حرب وجرائم جديدة ضد الإنسانية في دارفور.

التعليقات مغلقة.