الايام نيوز
الايام نيوز

خنساء وتوسل.. من طب وصحافة في السودان لفتح مقهى في مصر

بابتسامة هادئة راقية وبخفة شديدة تتنقل السيدة السودانية خنساء حمدنالله، صاحبة الـ43 عامًا، وسط زبائن المقهى الذي تديره بحي عابدين محافظة القاهرة رفقة شقيقتها الكبرى «توسل» التي تشاركها الابتسامة وتقديم الطلبات للزبائن، ومع النظر إليهما وهما منهمكات في العمل تظن أنهما ذات خبرة واسعة في هذه النوعية من الأعمال، وليس أن واحدة منهما طبيبة نفسية والأخرى صحفية.

اللجوء إلى مصرمن وسط تلبية طلبات الزبائن ونداءاتهم المتكررة، بدأت «خنساء»، استشارية الصحة النفسية – وهي لا تزال تحتفظ بابتسامتها الراقية – تروي لـ«الوطن»، قصة عملها وشقيقتها «توسل»، صحفية، في مقهى بحي عابدين، موضحة أنهما كانتا تعيشان حياة هانئة تمامًا مع أسرتهما في السودان، ولكن مع الأحداث الأخيرة وتوتر الأحوال ببلادهما، لجأتا مثل كثيرين غيرهما من السودانيين إلى مصر، إلا أنهما لسوء الحظ أتيتا مع أبنائهما الـ6 فقط دون زوجيهما.«أول ما جينا مصر مكناش مصدقين نفسنا وفرحانين جدًا ولقينا أحسن معاملة وتعامل راقي ومحترم»، بحسب «خنساء»، وأنهما لم تريدا إضاعة مزيد من الوقت دون مصدر دخل؛ لذا راحت تبحثان عن عمل يناسب مجال دراستها، إلا أنهما لم تتوفقا في البداية، ولأنهما كانتا في حاجة لمصدر رزق سريع وعاجل، بدأتا في البحث عن رزقهما في أعمال أخرى: «كان في واحدة سودانية نعرفها فاتحة قهوة في عابدين من سنتين، وطلبت منها إني أعمل حلويات وهي تعرضها للزباين عندها في القهوة، بعدها بكام يوم هي عرضت عليا اشتغل معاها في القهوة وأنا وافقت وما صدقت لقيت الفرصة».بداية العمل في مقهى5 أيام قضتها الشقيقة الصغرى تعمل كمساعدة مع السيدة السودانية صاحبة المقهى، تعلمت خلالها كثيرًا عن طرق إعداد المشروبات المصرية، وقليلًا عن إدارة المقهى والتعامل مع الزبائن، إلا أنها ولرغبتها في العمل مع شقيقتها «توسل» قررتا سويًا افتتاح مقهى خاص بهما: «كنت حابة اشتغل أنا وأختي، وكمان القهوة الأولى مكانتش هتدخل مكسب يكفينا إحنا التلاتة، أنا وأختي والست صاحبة القهوة».بالفعل افتتحتا الشقيقتان «خنساء» و«توسل» مقهى خاص بهما في حي عابدين وبدأتا بالعمل وتلبية طلبات الزبائن، وعلى الرغم من حاجتهما الشديدة للمال، إلا أن عملهما في المقهى لم ينسيهما ما اعتادته من كرمٍ وجود في حياتهما القديمة: «في البداية كان شعور غريب جدًا، يعني كنت بتحرج أوي لما ييجوا زباين وميلاقوش مكان يقعدوا، بحس إنهم جايين لي في بيتي ولازم أضايفهم»، وهو ما فعلته الشقيقة الكبرى «توسل» أيضًا، والتي التقطت أطراف الحديث لتضيف ضاحكة أنها لم تجرؤ في البداية على الاكتفاء بإحضار طلبات الزبائن كما هي، بل تزيد عليها أطعمة ومشروبات أخرى مجانًا: «يعني لو حد طلب شاي بلبن أقول لا عيب أطلعه كده من غير حاجة، لازم أطلع معاه زلابية أو أي حاجة تاني ياكلها».كرم مضاعَف من رواد المقهىورغم كل هذا الكرم والتساهل في التعامل، لم تجد الشقيقتان من يستغلهما، بل وجدتا التقدير والكرم المضاعَف من الزبائن المصريين والسودانيين على حد سواء، والذين راحوا يرشدونهما للطريقة الصحيحة للتعامل مع رواد المقهى وأيضًا الأسعار المناسبة للمشاريب: «ربنا كرمنا بأولاد الحلال في كل خطوة، ورغم إننا بنجيب خامات غالية لشغل القهوة زي اللي بنستخدمها في بيتنا بس برضو ربنا كارمنا وبنلاقي مكسب في النهاية»، بحسب «خنساء».مشاعر مختلطة من الفرح والحزنمشروبات مصرية مختلفة تقدمها الشقيقتان «خنساء» و«توسل» لرواد المقهى بعابدين، منها الشاي والقهوة والكركديه والعناب، إلى جانب عديد من المشروبات السودانية التي تشبه المصرية ولكن طريقة إعدادها مختلفة، منها الـ شاي بلبن والكركديه والعناب، وأيضًا مشروبات أخرى مثل العرداب والجَبَنة (القهوة): «في مشروب سوداني بنعمله بيحبه السودانيين جدًا وخاص بالعيد عندنا اسمه شربوت، وبيتكون من بلح وكركديه، ولما عملناه للمصريين عجبهم جدًا وبقوا يطلبوه دايمًا»، وأنهما رغم سعادتهما بالتواجد آمنين في مصر وبمعاملة المصريين لهما، إلا أن الحزن لا زال يسكن قلبيهما نتيجة ما حلَّ ببلادهما وتتمنيا استقرار الأوضاع مرة أخرى.المصدر صحيفة الوطن المصرية

التعليقات مغلقة.