أنواع القواعد الفقهية
أنواع القواعد الفقهية
للقواعد الفقهية أنواع ثلاثة وهي[1]:
أولًا: القواعد الفقهية الكبرى: وهي التي تضم ما لا حصر له من الفروع، ويقصد بها القواعد الكلية الكبرى الخمس المعمول بها في كل المذاهب والمرتبطة ارتباطا وثيقًا بتجديد الفقه الإسلامي؛ حيث لا يصح للمجتهد أو المجدد إغفالها، إضافة إلى إلمامه بعلم أصول الفقه، وهذه القواعد بمثابة أركان الفقه الإسلامي، وهي:
1- قاعدة “اليقين لا يزول بالشك”.
2- قاعدة “المشقة تجلب التيسير”.
3- قاعدة “الضرر يزال”.
4- قاعدة “العادة محكمة”.
5- قاعدة “الأمور بمقاصدها”.
وقد رد بعض الشافعية كالقاضي حسين جميع مذهب الشافعي إلى القواعد الأربع الأولى فقط، وزاد بعض فقهاء الشافعية القاعدة الخامسة – كما أسلفت – وتسمى هذه القواعد “القواعد الأساسية الخمس”، ومستثنياتها قليلة جدًّا، وقد نظمها أحد فقهاء الشافعية في بعض الأبيات وهي:
خمس محررة قواعد مذهب للشافعي بها تكون خبيرا ضررٌ يزال وعادة قد حكمت وكذا المشقة تجلب التيسيرا والشك لا ترفع به متيقنًا والقصد أخلص إن أردت أجورا[2] |
بل نرى العز بن عبدالسلام رحمه الله يرد جميع القواعد وفروعها في كتابه قواعد الأحكام إلى جلب المصالح ودرء المفاسد، ولما كانت هذه القواعد كبرى بما عرفناه، فإننا نجد قواعد صغرى أقل شمولًا للفروع تنضوي تحتها، وهذا معنى قولهم: دخول قاعدة تحت قاعدة أخرى؛ أي: المقصود أن هناك قواعدَ أقل شمولية تندرج تحت قاعدة كبرى، وهي التي سوف نعرفها بالقواعد الصغرى.
ثانيًا: القواعد الفقهية الصغرى (الكلية الأقل شمولًا):
وهي التي يندرج تحتها عدد أقل من الفروع، وتنتظم أحكامًا من أقسام مختلفة من الشريعة:
مثال القاعدة الكلية الكبرى “اليقين لا يزال بالشك” يندرج تحتها:
♦ قاعدة “الأصل بقاء ما كان على ما كان”.
♦ قاعدة “الأصل براءة الذمة”.
قاعدة “الأصل في الصفات العارضة العدم”.
♦ قاعدة “القديم يترك على قدمه”.
ومثال القاعدة الكلية الكبرى “المشقة تجلب التيسير” يندرج تحتها:
♦ قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”.
القاعدة المكملة “ما جاز للضرورة تقدَّر بقدرها”.
♦ قاعدة “إذا ضاق الأمر اتسع”.
ومثال القاعدة الكلية الكبرى “الضرر يزال” يندرج تحتها:
♦ قاعدة “الضرر لا يزال بالضرر”.
وقاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”.
♦ وقاعدة “ما ثبت بعذر بطل بزواله”.
ومثال القاعدة الكلية الكبرى “العادة محكمة” يندرج تحتها:
♦ قاعدة “الثابت بالعرف كالثابت بالنص”.
♦ قاعدة “المعلوم بالعرف كالمشروط بالنص”.
قاعدة “المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا”.
♦ قاعدة “استعمال الناس حجة يجب العمل بها”.
ومثال القاعدة الكلية الكبرى “الأمور بمقاصدها” يندرج تحتها:
♦ قاعدة “العبرة في العقود بالمقاصد والنيات”.
ومن أمثلة القواعد الصغرى أيضًا.
♦ قاعدة “المفسدة إذا كانت أعظم وأشمل تكون أولى بالاجتناب”.
قاعدة “المعدوم شرعًا كالمعدوم حسًّا”.
♦ قاعدة “إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام”.
ويمكن أن تعتبر القواعد الـ (99) التي استهلت بها مجلة الأحكام العدلية هي في أكثرها من هذا النوع الأقل شمولًا.
ثالثًا: القواعد المذهبية:
وهي تلك القواعد التي تختلف باختلاف المذاهب؛ كاختلاف القواعد المستخرجة مثلًا من الحديث الشريف؛ حيث لا يحتج الإمام الشافعي بالحديث المرسل، بعكس الإمام أبي حنيفة رحمهما الله، وإلى هذه القواعد أشارت معلمة القواعد الفقهية في جدة بعنوان: (الصيغة المخالفة) فقد جاء فيها: “قد يرد في كتابٍ قواعدُ مذهب آخر غير مذهب مؤلف الكتاب، ذكرت في معرض مناقشة مسألة خلافية، فهذه القواعد تكتب تحت عنوان (الصيغة المخالفة) مع بيان المذهب، ويفرد لها في نفس الوقت بطاقة أخرى توضع فيه كقاعدة ويوضع نص قاعدة الكتاب في خانة (الصيغة المخالفة)؛ وذلك حتى لا تختلط قواعد المذهب، ولا يختلط دليل كل قاعدة منها وتطبيقاتها واستثناءاتها…”[3].
والقواعد المذهبية هي التي تتفق مع مذهب دون مذهب آخر[4]، مثال:
1- قاعدة “الأجر والضمان لا يجتمعان”: مذكورة في مصادر الفقه الحنفي ولا تتماشى مع مذهب الجمهور.
2- قاعدة “الرخص لا تناط بالمعاصي”: ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر عند الشافعية وليست مسلمة عند الحنفية[5].
3- قاعدة “اليقين لا يزول بالشك” بعد الاتفاق عليها، ظهر فيها خلاف مذهبي، فالجمهور كما قال النووي في الروضة: لو تيقن الطهارة وشك في الحدث أو عكسه، عمل باليقين[6]، والمالكية منعوا من الصلاة مع الشك في بقاء الطهارة؛ كما قال القرافي في الذخيرة[7]، فهذا الخلاف ليس إبطاله لإعمال أصل، بل حدث لتعارض أصلين، وهما: (براءة الذمة)، و(الأصل بقاء ما كان على ما كان)[8].
[1] أفدت هذه المعلومات من مؤلف الدكتور محمد عبدالرحمن المرعشلي، تطور القواعد الفقهية من ظاهرة إلى علم وأثر ذلك في الفقه الإسلامي 40 وما بعدها.
[2] مختصر الفوائد المكية، ص 250.
[3] معلمة القواعد الفقهي، جدة، مجمع الفقه الإسلامي، المسودة الرابعة، 5-6.
[4] القواعد الفقهية للندوي، 351.
[5] ينظر: فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، 1/ 164، مسألة سفر المعصية لا يمنع الرخصة عندنا.
[6] انظر: روضة الطالبين، 1/ 77، كشاف القناع، 1/ 132.
[7] ينظر: الذخيرة، 1/ 212.
[8] أفدت هذه المعلومات من مؤلف الدكتور محمد عبدالرحمن المرعشلي، تطور القواعد الفقهية من ظاهرة إلى علم وأثر ذلك في الفقه الإسلامي، 40 وما بعدها، وينظر: موسوعة القواعد الفقهية: للبورنو، القسم الاول، حرف الهمزة، المجلد الأول، ص32.
التعليقات مغلقة.