الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون بيوت البكاء بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
بيوت البكاء
يرزح السودانيون ولثمانية أشهر حسوماً تحت أكبر سرداق عزاء أو ما يعرف عندنا ببيت البكاء. ولأن هذه البيوت باتت مكاناً للفارغة فقد أستفزت المرحوم محي الدين محمد علي ليسطر مجموعة من المقالات ويضمها في كتابه الضحك في بيت البكاء. معظم هذه المقالات صدرت تعليقاً على مواقف لا تفرق بين الجد والهزل. المؤسف أننا وفي خضم النهب والاغتصاب والتشريد والخراب، لا يبدو أننا نعمل لإحداث تغييرات حقيقية تعيد الأمور لنصابها. أي وبعد كل هذا الدمار، ما زالت حليمة تمارس عادتها القديمة ليستمر مسلسل الضحك حتى “يشرطنا”.
المصيبة التي حلت بالسودان جد عظيمة. والخروج من هذه الأزمة يتطلب أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم متعاهدين على عبور الانتقال ومن ثم يكون الحساب وعدم الإفلات من العقاب. أما وإننا في ظلمة البحر فالتلاوم لا يجدي لأن السفينة هكذا ستغرق بمن فيها دون بلوغ مراسيها.
المتنقل بين قروبات الأهل والأسر والأحياء السكنية، وحتى المهنية بما فيها المنظومات المجتمعية والسياسية سيحزن حقيقة لما يدور فيها من صراعات ونقاشات لا تسمن ولا تغني من جوع. ما نحتاجه كسودانيين، وفي هذا اللحظة التاريخية، ليس نقل الأخبار ومقاطع الفيديوهات السلبية بقدرما ملهمات الطاقة الإيجابية التي توقف الحرب في النفوس ومن ثم على الأرض. صحيح أنه، وكلما طُرحت فكرة إيجابية سينبري من يشكك أو يخوّن أو يخذّل بلا بدائل. صحيح أن السودان كاد أو بالاصح تخطى مرحلة الانهيار الشامل في كل المهن والمرافق، وبلا استثناء. رغماً عن ذلك فإن الواجب لا يبرر لأي مهني أن يتجمد ويقف في خانة النقد مبرئاً نفسه أو بأي وجه يدعي أن لدينا محامين أو قضاة أو مهندسين أو مصرفيين أو غيرهم. فالسؤال المنطقي، والذي سيطرح نفسه: أين كانوا وماذا قدموا من حلول قبل وبعد وقوع الحرب التي قاربت الثمانية أشهر؟ حقيقة، وبدلاً من ضحك أب سنينة على أب سنيتين فنحن بحاجة لتجاوز هذا الاستهتار طارحين، وبكل شفافية وإيجابية، حلول عملية لمصيبتنا التي لا محالة ستتمدد طالما أننا مجرد متفرجين ومنتظرين للإغاثات والإعانات. ببساطة، وطالما ليس عندنا وجيع غير أنفسنا، فيجب أن نتصدى متحزمين ومتلزمين سيما ومثلنا بقول: البكاء بحرروه أهله.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
28 نوفمبر 2023

التعليقات مغلقة.