للحديث بقية عبد الخالق بادى السودان والحرب الدروس والعبر (٤)
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
السودان والحرب
الدروس والعبر (٤)
نواصل اليوم وعبر عمود (للحديث بقية) حلقات مقالات الدكتور عبد المهيمن عثمان بادى تحت العنوان بعاليه، والتى حلل فيها أزمة السودان مع وضع الحلول والمقترحات ،فالى الحلقة الرابعة والتى كتبت تحت عنوان:(سودان بإرادة السودانيين)
من الأسباب الجوهرية التي أدت إلى استمرار بل وتفاقم الأزمات في السودان خلال العقود الماضية وصولا إلى الوقت الراهن، هو هيمنة افراد و مجموعات واحزاب معينة على حكم السودان دون تفويض حقيقي من قبل السودانيين، حيث ظل الشعب مجرد متفرج على ما يجري في وطنه، وفي أفضل الأحوال ناقدا لممارسات هذه المجموعات والحكومات.
وهذا ينطبق على الحكومات المدنية والعسكرية السابقة، والمجموعة التي سيطرت على مقاليد الأمور في السودان بعد الثورة.
فالحكومات المدنية الماضية جاءت إلى السلطة عبر الطائفية بشكل أساسي وليس عبر برامجها واطروحاتها وإقناع الناخبين بها، كما يفترض في النظم الديموقراطية.
والأنظمة العسكرية جاءت من خلال الانقلابات العسكرية التي دبرت بليل بتواطوء مع بعض هذه الاحزاب والمجموعات.
أما بعد الثورة، فقد قفزت أو تسللت إلى السلطة بعض المجموعات والأفراد بشكل انتهازي و تآمري دون أي تفويض من الشعب، وتصرفت على انها صاحبة الأمر والنهي، وصارت تتحدث باسم السودان، وتقرر باسم السودان، بل وتقصي الآخرين باسم السودان.
وبسبب ممارسات هذه المجموعات والأنظمة وتسلطها على الحكم بغير حق وتوجيهها للدولة وفق أجندتها الخاصة، حدثت كوارث واختلالات كبيرة في السودان على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية منذ الإستقلال وحتى الآن. كان أبرزها ما يلي:
على المستويين السياسي و الأمني
- استمرار الحرب في الجنوب لفترة طويلة دون مبرر, وما أفرزته من كوارث إنسانية واجتماعية و اقتصادية، حتى مؤامرة الانفصال وخسارة الجنوب.
- إشعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وإدخال البلاد في سلسلة حروب داخلية متتالية بكل ويلاتها و فظايعها.
- تفاقم النعرات القبلية والجهوية بسبب محاولة بعض هذه المجموعات استغلال الصراعات القبلية من اجل ضمان بقائها في السلطة، مما أدى إلى تسييس معظم الإدارات الاهلية ووقوع العديد من الصدامات القبلية والعرقية، وانتشار حالة. من الكراهية وعدم الثقة بين العديد من المكونات القبلية والعرقية السودانية.
-استعانة بعض هذه المجموعات والاحزاب بالقوى الأجنبية الإقليمية.والدولية في إطار صراعها مع خصومها ، مما أدى إلى التدخلات الأجنبية السافرة في شؤون البلاد، وظهور مجموعة من العملاء بين السودانيين الذين يخدمون أجندة هذه القوى.
- وقوع العديد من الانقلابات العسكرية بإيعاز من بعض هذه المجموعات والأحزاب وما نتج عنها من تسلط وفساد.
- ظهور الانتهازية الدينية من خلال محاولة بعض المجموعات والاحزاب استغلال المشاعر والشعارات و الاعتقادات الدينية، لتحقيق مآربها الذاتية في الاستحواذ على السلطة والثروة.
- ظهور الخداع السياسي عبر رفع شعارات الحرية والديموقراطية والمدنية من قبل مجموعات أخرى للوصول إلى كرسي الحكم.
- إنشاء مليشيات موازية للجيش استخدمت لدعم الأنظمة الحاكمة مما تسبب في الحرب الدائرة الآن، والتي كادت تطيح بالسودان برمته.
على المستويين الاقتصادي والاجتماعي
- تردي وتقلب الاقتصاد السوداني وتفاقم حالة الفقر والبطالة رغم الموارد الاقتصادية الكبيرة للبلاد بسبب القرارات الاقتصادية العشوائية والمتقلبة، فضلا عن ممارسات الفساد في الدولة.
- هجرة اعداد.كبيرة من الكفاءات في كافة المجالات، والقوى العاملة السودانية عموما إلى الخارج، بسبب سوء الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، حيث استفادت منها دول أخرى انقلبت على السودان لاحقا.
- نزوح الملايين من السكان من مناطقهم ولجوء آخرين إلى خارج السودان بكل ما لذلك من تداعيات سلبية اقتصاديا واجتماعيا وامنيا.
- استشراء ممارسات الفساد بشكل كبير في كل مفاصل الدولة بسبب فساد الطبقة الحاكمة و تغطية الحكومات للمفسدين الموالين لها. وغياب الشفافية في الدولة
- التدهور الكبير في الخدمة العامة بسبب فصل العديد من الكفاءات والخبرات من الخدمة المدنية والعسكرية لاسباب سياسية أوكيدية، وتعيين أشخاص دون المؤهلات المطلوبة.
- تردي الخدمات الأساسية بصورة مريعة كالتعليم والصحة وغيرهما بسبب الإهمال واللامبالاة من قبل المسؤولين وانشغالهم بمصالحهم الخاصة.
- تردي الأخلاقيات والقيم العامة في المجتمع بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الضاغطة، فضلا عن تهتك وفساد الطبقات الحاكمة، وضعف الوازع الديني عموما.
والقائمة تطول للاسف.
وبعد
ومن هذا المنطلق، فقد آن الأوان للسودانيين أن ينهضوا ويتحدوا ويقفوا بكل قوة ليتحرروا من هذه الوصاية، ويقرروا مصيرهم بأنفسهم، لا سيما في ظل المؤامرات التي تحاك الآن ضد السودان بعد الانتصارات المؤزرة للقوات المسلحة على المخربين والمفسدين والمتمردين، باسم وقف الحرب وإحلال السلام. بينما القصد منها فرض تفصيلة معينة على السودان عبر حلول ( وسطية ) كما يدعون، وذلك لمنع قيام دولة سودانية حقيقية قوية تعبر عن إرادة شعبه بعد إرادة الله سبحانه وتعالي
ولا شك أن هذا لن يتأتى إلا بجلوس كافة السودانيين في مؤتمر عام لتقرير مصيرهم وبناء دولتهم واختيار من يمثلهم ويدير شؤونهم،
ونقترح هنا أن يدعو مجلس السيادة أو قيادة الجيش لهذا المؤتمر بصورة رسمية ويتم اختيار فريق من الخبراء الوطنيين للإعداد للمؤتمر بمشاركة الجميع بما في ذلك المجموعات السياسية والمهنية والفئوية والاقتصادية والاجتماعية والجهوية والدينية، فضلا عن القوات النظامية، و لا يستثنى إلا من ثبت في حقه ارتكاب جرائم تحت طائلة القانون، ويتم صهر كل المبادرات السياسية والمدنية في بوتقة واحدة ومن ثم يتم التوافق حول كافة القضايا الوطنية الأساسية للدولة السودانية حاضرا ومستقبلا.
وبهذا يقطع الطريق أمام كل المؤامرات والخيانات الجارية، ويتم إعادة بناء السودان على أسس سليمة ومتينة بمشيئة الله تعالى.
حفظ الله اهلنا وبلادنا وانعم عليها بالأمن والسلام والتقدم والازدهار.
د. عبد المهيمن عثمان حسن بادي
ابوجا
٢٠٢٣/١٢/١١م
التعليقات مغلقة.