دولة القانون مستقبل السودان بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
مستقبل السودان
تبدأ الحرب بكلمة، وتستمر إلى أن تقضي على الأخضر واليابس بلا سقف أو موعد لنهايتها. إذا كانت هذه المقولة صحيحة وواجبة التطبيق على الصراعات الحدودية بين دولتين أو أكثر فإن وقف الحرب التي تندلع لانقسامات أو صراعات اجتماعية أو مذهبية أو اثنية تعد سابع المستحيلات. أقرب نموذج لتوصيف الحالة الأخيرة هي الحرب اللبنانية والتي بدأت في العام 1976 ولم تتوقف إلا باتفاق هزيل وقابل للانفجار في أي لحظة.
بمقال “هدر الطاقات” أشرت إلى أن لحرب السودان عشرة أضلاع منها الأصيل ومنها المحرض ومنها الحاري ومنها المحتار ومنها المنتظر لملاقاة الأقل هزيمة. أي حلول لا تستوعب تناقضات ما قبل البركان، فإن فرص السلام والواقع الأفضل تكاد تكون معدومة. فالشعوب التي تتمسك بتغذية الانقسامات ستظل في هذه الدوامة لعشرات السنين. النموذج الذي يؤكد هذه النظرية لبنان، سوريا، اليمن، الصومال، ليبيا والعراق. بكل الأمثلة لم يتسن الخروج عن حالة الحرب والدمار.
أكبر مهدد لاستمرار حرب السودان أن من كانوا السبب هم ذات من يريدون أن يوجدوا الحل ويسيطروا على ملفات ما بعد الكارثة. لو أنهم تعهدوا بالغياب عن المشهد لتوقفت الحرب بل وانتهت. لو أن أضلاع هذه الحرب تجردوا وسألوا أنفسهم عن استمرار الانقسام أو عدم اصطفاف الجماهير حولهم لوصلوا للقناعة بأن شفرة الحل ليست في عدم الرغبة في الوحدة وإنما في عدم الثقة في قيادات تناحرت وفشلت حتى في إقناع قواعدها. الشارع السوداني ليس ضد أي حزب أو تحالف أحزاب وإنما ضد الفشل المتراكم في إدارة العمل السياسي بوجه لم ينجح إلا في دمار الوطن والمواطن. سئم السودانيون الأعذار وباتوا بحاجة لأن يتلمسوا الممارسة السليمة لا القول. جاء الوقت لأن تكون المطالبة ليس بوقف الحرب وإنما بانسحاب كل العسكريين والمدنيين الذين كانوا جزءاً من المنظر الذي أدى للحرب. عندئذ، وبلا شك، ستنتهي الحرب وإلى غير رجعة، فهل سيفعلون؟
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
18 فبراير 2024
التعليقات مغلقة.