دولة القانون أدوات التغيير [2] بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
أدوات التغيير [2]
في المقال السابق أسسنا أن السلمية هي وسيلة التغيير وصاحبة الولاية والسيطرة على كل أدوات العنف. مع ذلك تظل القوة صنوها ومظهرها ولازمتها. من ذلك نشأت مقولة لا سلام ما لم تحرسه قوة العين الساهرة واليد الأمينة. الاستعداد الدائم ليس مجرد حالة وإنما مانع الانزلاق في الحرب امتثالاً لمبدأ أن الكتاب والميزان لم ينزلا إلا ومعهما الحديد والبأس الشديد ليقوم الناس بالقسط.
الاستقرار والسلام والتنمية ما هي ثمار تقنين أدوات العنف وموالاة السيطرة عليها واستخدامها حصراً في حفظ الأمن. هذا المنوال لا يستمر إلا بتوافر مبادئ جوهرية تتمثل في الآتي: المبدأ الأول: الاعتقاد الجازم بأن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات. فطالما ارتضينا أن تظلنا سماء هذه الأرض وأن نفترش ترابها فأمنها واستقرارها مسؤولية الجميع. يترتب على المواطنة أن جميع النزاعات لا يجوز حلها إلا بالطرق السلمية. مهما كانت الدواعي، من يخرج رافعاً سلاحه فهو عدو كل الشعب. وكما هو محظور استخدام أدوات العنف إلا للجهات المخولة قانوناً لا يجوز لأي لمجموعة أو حزب أو منظومة مجتمع مدني أن تصدر من اللوائح التأسيسية او تمارس من الأنشطة الداعية للخروج على الوطن وتفتيت وحدته. بذات القدر لا يحق لأي مواطن أن يقحم أي طرف أجنبي في الشأن الداخلي. البيوت التي ليست متماسكة داخلياً يستحيل أن يحترمها الأغراب. مهما بلغت أهمية العلاقات الخارجية تظل ثانوية لا تعلو على قدسية اللُحمة الداخلية. المبدأ الثاني: خضوع كافة أدوات التغيير السلمية وغيرها لسلطة مدنية منتخبة ديمقراطياً أو على الأقل متوافق عليها بما يشبه الإجماع. ففي مرحلة تأسيس الدولة أو ما تشابهها من فترات انتقالية لا مجال للقيادة الأفقية أو تعدد الرؤوس أو التراخي في إصدرار القرارات المصيرية. بضعف القيادة وعدم التوافق تزيد السيولة وتعم الفوضى وينفرط عقد الأمن. التكامل بين أدوات السلم والعنف مسائل أساسية لا تحتمل الميوعة وإنما الالتزام الصارم بالحوكمة. المبدأ الثالث: التناغم بين مؤسسات الدولة، وهذا التناغم لا يتحقق ما لم يتم اختيار فريق العمل المدرك لطبيعة المرحلة والمشبع بمفاهيم الإصلاح والمؤمن بالتغيير وحسن إدارة الأزمات سيما لأوضاع بالغة التعقيد كالتي تحيط بملفات الانتقال. فالمراحل الانتقالية، ولكونها استثنائية بل وهشة، فيستحيل وصفها بالأوقات المناسبة للسيطرة على أدوات سلمها وعنفوانها. ليتسنى العبور بالانتقال لا يكفي أن من تسند إليهم ملفات الانتقال أن يكونوا من الكفاءات الوطنية غير المنتمية حزبياً وإنما يجب، وبنصوص واضحة وصريحة، ألا يستمروا في أي منصب بعد المرحلة التي تعقب الانتقال. عدم الالتزام بالمبادئ المذكورة نتيجته الطبيعية فشل التغيير، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
4 أبريل 2024
التعليقات مغلقة.