توصيف تمرد أفراد الدعم السريع في قوانين الحرب بقلم د.رجاء عبدالله الزبير
توصيف تمرد أفراد الدعم السريع في قوانين الحرب
من المعلوم أن قوات الدعم السريع كانت جزءاً من المؤسسة العسكرية الوطنية للدولة وفقاً لأحكام الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية،فضلاً عن قانونها الذي حدد إختصاصاتها، هذه القوات تمردت على الجيش النظامي منذ 15 أبريل 2023، في محاولة منها للإستيلاء على السلطة بإنقلاب عسكري ،عبر قيامها بهجمات منسقة واسعة النطاق لعدد من المواقع والمنشآت الحيوية والإستراتيجية بالبلاد،وإرتكابهم إنتهاكات خطيرة لقوانين الحرب وأعرافها ببث الرعب في نفوس المواطنيين مما أدت الى إحداث معاناة غير مسبوقة للسكان المدنيين المشمولين بحماية القانون الدولي الإنساني،وفرار الكثيرين من منازلهم بحثاً عن ملآذات آمنة،ويشكل السودان حالياً أكبر وأسوأ أزمة نزوح ولجوء في العالم،وأكثر من نصف السكان باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
بالرغم من أن افراد الدعم السريع يشكلون طرفاً في النزاع المسلح الدائر في السودان، ويفرض عليهم القانون الدولي إحترام قوانين الحرب وأعرافها لمشاركتهم المباشرة في العمليات القتالية وفقاَ لاحكام المادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف الاربع ،إلا أن القانون الدولي الإنساني لم يمنحهم وضع قانوني مقنن لتمردهم على الجيش النظامي في الدولة.
ويجوز للسلطات في سبيل الدفاع عن الوحدة الوطنية للبلاد وسلامة أراضيها إتخاذ كافة التدابير في مواجهة أفراد الدعم السريع بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الامم المتحدة ،والقوانين الوطنية ،حيث ورد في البرتوكول الإضافي الثاني من إتفاقيات جنيف نصاً يقضي بعدم جواز التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في النزاع المسلح غير الدولي باعتباره من الشؤون الداخلية للدولة.
وفي سبيل الحفاظ على السيادة الإقليمية والنظام والامن يجوز للدولة ملاحقة أفراد الدعم السريع وإحتجازهم لمساءلتهم عن أفعالاً تشكل إنتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني،علاوة على تجريم تلك الافعال في إطار التشريع الوطني، ويصنفوا بالمحتجزين في إطار النزاع المسلح غير الدولي الدائر الان بالسودان وفقاً لما ورد بالبرتوكول الإضافي الثاني لإتفاقيات جنيف، ولا يجوز تصنيفهم بأسرى الحرب وفقاً لمفهوم أسير الحرب الوارد في إتفاقية جنيف الثالثة، إلا في حالة قيامهم بالعمليات العسكرية بالوكالة عن دولة أخرى،على سبيل المثال إذا كانت دولة الامارات تقدم مساعدات فنية ولوجستية للدعم السريع يصل لدرجة السيطرة الكاملة عليها في هذه الحالة يُصنف النزاع المسلح في إطار الحرب بالوكالة.
وبالإطلاع على تطبيقات المحاكم السودانية للتمييز بين المحتجزين وأسرى الحرب،الحكم الصادر امام محكمة خاصة بمكافحة الارهاب تم تشكيلها بموجب قانون الارهاب السوداني، الذي قضى بمحاكمة المتهمين لمشاركتهم في العمليات العدائية ضمن حركة العدل والمساواة جناح (دبجو) وهم ينتمون الى دولة جنوب السودان وقد إنضموا للحركة قبل الإنفصال،وأدانتهم المحكمة بموجب القانون الجنائي لاثارة الحرب ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري، خلصت المحكمة بان المدانيين لا يستحقون صفة أسرى الحرب لعدم إنتمائهم الى الجيش النظامي لدولة جنوب السودان.
ويبقى القانون الوطني هو الواجب التطبيق على أفراد الدعم السريع ،ولم يمنحهم القانون الدولي الإنساني أية حصانة للافلات من العقاب لحملهم السلاح في مواجهة الدولة ومواطنيها.
إن خطورة إنتهاكات أفراد الدعم السريع أقرتها تقارير صادرة من آليات دولية منهم على سبيل المثال التقرير الصادر من المقرر الخاص المعني بالإتجار في الأشخاص وبصفة خاصة النساء والاطفال بمجلس حقوق الانسان الذي عبر فيه عن القلق حيال تجنيد الاطفال وإستخدامهم في العمليات العدائية من قبل قوات الدعم السريع لمهاجمة مواقع تابعة للقوات المسلحة بالخرطوم ودارفور،فضلا عن التقرير الصادر من فريق الخبراء بموجب قرار مجلس الامن الدولي 2676/2023، بشان النزاع المسلح في السودان الذي أكد تورط دولة الامارات بتمويل وتجنيد أفراد الدعم السريع، مما أدى لتعزيز قوتها العسكرية لمحاربة الجيش الوطني في الدولة ويستوجب على القوات المسلحة السودانية الدفاع ورد الهجوم عن الارض والسيادة والكرامة ضد العدوان ، وإدانة أفراد الدعم السريع.
د.رجاء عبدالله الزبير
10 أبريل 2024
التعليقات مغلقة.