تصنيف المشاركة المباشرة لعصابات المرتزقة ضمن صفوف الدعم السريع بلقم د. رجاء عبد الله الزبير
تصنيف المشاركة المباشرة لعصابات المرتزقة ضمن صفوف الدعم السريع
تنامت في السنوات الاخيرة ظاهرة اللجوء الى المرتزقة في كل النقاط الساخنة بالعالم،مما يعد بمثابة حرب غير علنية تلجأ اليه بعض الدول للحصول على خدماتهم للقيام بمهام قتالية كقوة ردع او إرهاب لخلق الزعر بين السكان المدنيين،وإطالة أمد النزاع وزيادة قسوته.
وثبت بالدليل الواضح إستاجار الدعم السريع لمرتزقة من دول مختلفة مدربين تدريباً خاصاً للعمل في صفوفهم وتدفع جهات خارجية مقابلهم المادي ،وأكدت القوات المسلحة السودانية القاء القبض على مجموعات منهم تشارك في العمليات العدائية أغلبهم من الاطفال ،خلال النزاع المسلح الدائر الآن في السودان.
وقد حدد البروتوكول الإضافي الاول لاتفاقيات جنيف مفهوم المرتزق بانه :شخص لا ينتمي الى أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع المسلح، وليس مُوفداً في مهمة رسمية من دولة ليست طرفاً في النزاع بوصفه فرداً في قواتها المسلحة، ويجند خصيصاً محلياً أو في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح، يحفزه أساساً إلى الاشتراك في الاعمال العدائية ، هي الرغبة في تحقيق مغنم شخصي ، ويتقاضى تعويضاً مادياً يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يُدفع لهم، كما أنه ليس من رعايا طرف ولا متوطناً بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع.
وأجازت الامم المتحدة إتفاقية دولية ضد إستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة، ونظراً لاهمية الموضوع أجازت الدول الافريقية إتفاقية لمنع الارتزاق من بينها السودان أكدت تلك الاتفاقيات إدانة اعمال الارتزاق وحرمانهم من صفة المقاتلين ،وأسرى الحرب،علاوة على ذلك لم يمنح القانون الدولي الإنساني صفة المقاتل وأسير الحرب للمرتزق وفق ما ورد بالبروتوكول الاضافي الاول لإتفاقيات جنيف .
وأفاد التقرير الصادر من المقرر الخاص المعني بموضوع إستخدام المرتزقة أن مشاركتهم في العمليات العدائية تدخل في إطار الاعمال الإجرامية لانها تشكل إنتهاكاً لاحكام القانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان وعملا من اعمال العدوان،وجرائم الحرب،كما أنها تهدد السلام والاستقرار في الدولة.
ويجب علينا التفريق بين أعمال التطوع والارتزاق،لان التطوع يشكل مساهمة بعض الافراد في الدفاع عن دولة أخرى غير الدولة الموالين لها بالاشتراك مع قواتها المسلحة في العمليات العسكرية التي تقوم بها سواء كان تكليفاً لهم أو حثاً عن طريق الدعاية والتحريض للتطوع ويكون مرد ذلك ضمن إطار الدفاع الشرعي عن النفس أو الامن الجماعي أو يكون نابعاً من إيمانهم بعدالة القضية في إطار الحرب المشروعة.
وعندما يتم القبض على الشخص الممارس لاعمال الارتزاق يعاقب بموجب القانون الجنائي الوطني ،لكنه يستحق الحماية الواردة في أحكام المادة الثالثة المشتركة التي نصت على وجوب أن يُعامل الشخص بإنسانية وتطبق عليه معايير المحاكمة العادلة ،ولا يجوز تعذيبه أو إصدار حكم في مواجهته أو تنفيذ عقوبة إلا بناءً على حكم صادر من محكمة مختصة.
وعليه فإن إستأجار الدعم السريع للمرتزقة يعد عملاً ممقوتاً من الناحية القانونية والاخلاقية ويخالف المبادئ المستقرة في القانون الدولي العام منها مبدأ عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدولة ومهدد للسلام والاستقرار لان الدفاع عن الدولة والحفاظ على الامن من مهام القوات المسلحة .
وأخيراً فان إستخدام مرتزقة من قبل دولة ما او باسمها بهدف القيام بعمليات عسكرية ضد دولة أخرى يصنف من أعمال العدوان المحظور في القانون الدولي،ويؤدي الى تدويل النزاع المسلح الداخلي
20/أبريل/2024
د.رجاء عبدالله الزبير
التعليقات مغلقة.