الايام نيوز
الايام نيوز

للحديث بقية عبدالخالق بادى مقال جديد للدكتور عبد المهيمن عثمان بادى

للحديث بقية
عبد الخالق بادى
(من أجل مزيد من الوعي)(٣)
نواصل اليوم نشر سلسلة مقالات الدكتور عبد المهيمن عثمان بادى المحلل والخبير الاقتصادى والتى تحدث فيها عن ضرورة رفع الوعى وسط المجتمع ،مما يساعد فى تجاوز الكثير من المشاكل والعقبات التى اقعدت بالوطن لعقود، وحلقة اليوم جاءت تحت عنوان:
(أهمية بناء الوعي الوطني في السودان)

ما هو الوطن؟

الوطن مفهوم واسع ومتشعب يعني البقعة الجغرافية التي ينتمي إليها الإنسان بكل مكوناته العرقية والدينية والثقافية والاجتماعية والوجدانية، ويتدرج من مقر الأسرة ثم العشيرة والحي ثم القرية أو المدينة ثم المنطقة ثم البلد ثم القارة ثم الكرة الأرضية بأسرها. وليس بالضرورة أن يولد الإنسان في تلك البقعة ولكن المهم أنه ينتمي إليها.

ما هو الانتماء للوطن؟

الانتماء، هو شعور الإنسان بأنه فرد من مجموعة ما، وهو عبارة عن علاقةٍ شخصيةٍ حسيةٍ ايجابية يبنيها الفرد ضمن مجموعته. أما مفهوم الانتماء إلى الوطن فيعني شعور الإنسان بأنه أحد ابناء ( أو إحدى بنات) هذا الوطن، ومن ثم يتولد لدية علاقةٍ ايجابيةٍ قوية معه. وهي غريزة فطرية أصيلة في الإنسان وليست مجرد عاطفة متغيرة أو شعور مكتسب. ولذلك فإن عدم الشعور بهذا الانتماء أمر غير طبيعي يتنافى مع الفطرة السليمة.

ماهي ثمرات ولوازم الانتماء إلى الوطن:

تتولد من الانتماء إلى الوطن ثمرات ولوازم عديدة منها:

– حبه والتعلق به مهما كانت الظروف ومهما بعد الإنسان عنه.

– الإخلاص والوفاء له وعدم خيانته بأي شكل..

– الاعتزاز به.

– الاعتراف بفضله ورد جميله.

– الالتزام بكل قوانينه ونظمه.

– معرفة مكوناته الجغرافية وخلفياته التاريخية.

– الوعي بكافة قضاياه وتحدياته.

– التعاون مع مواطنيه في كل ما فيه الخير والعمل على بنائه وتطويره.

– الدافع عنه والحفاظ على أمنه ووحدته واستقراره.

ما هو الوعي:

الوعي يعني إدراك الإنسان الواقع والحقائق والاحداث الّتي تجري من حوله، وذلك عن طريق اتّصاله مع المحيط الّذي يعيش فيه، ممّا يجعله قادرا على إجراء المقاربات والمقارنات من منظوره، واتّخاذ القرارات الخاصة به. ويعتمد الوعي كذلك على المحصول الفكري والمفاهيم المختلفة للإنسان.

ما هو الوعي الوطني؟

الوعي الوطني هو إدراك المواطن لمحيطه الوطني من كافة جوانبه وتطوراته. ويعتبر من أرقى وأهم أنواع الوعي لأنه يحفظ أمن واستقرار الوطن ويحافظ على الهوية والانتماء الوطني ويسهم في نمائه.

ما معنى بناء الوعي الوطني؟

بناء الوعي الوطني يعني ترقية الوعي الفطري لدى المواطن بحيث يكون مدركا لقضايا وطنه متفاعلا مع مواطنيه، قائما بواجباته تجاه وطنه.

ما هي أهمية بناء الوعي الوطني؟

تكمن أهمية بناء الوعي الوطني فيما يلي:

-تعزيز الانتماء والولاء للوطن:

يساهم الوعي الوطني في تعزيز الانتماء والولاء للوطن، وهو ما يساعد على بناء وحفظ الوحدة الوطنية وتعزيز الانسجام بين أفراد المجتمع.

-الدفاع عن الوطن:

يساهم الوعي الوطني في تعزيز روح الدفاع عن الوطن وحمايته من الأخطار الداخلية والخارجية، ويعزز الاستعداد للمشاركة في الخدمة العسكرية والدفاع المدني.

— تطوير الوطن:

يعزز الوعي الوطني الرغبة في العمل لتطوير الوطن وتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبذلك يكون للوعي الوطني دور كبير في تحقيق التقدم والازدهار للوطن.

-المساهمة في بناء المجتمع:

يساهم الوعي الوطني في تعزيز المشاركة الفعالة والإيجابية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الوطن، وبالتالي يسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.

-الحفاظ على التراث الديني والثقافي والتاريخي:

يعزز الوعي الوطني الاهتمام بالتراث الديني والثقافي والتاريخي للوطن، ويساهم في حمايته والمحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة.

كيفية بناء الوعي الوطني

تسهم العديد من العوامل في بناء الوعي الوطني لدى المواطن، نلخصها فيما يلي:

– العامل الديني: إدراك أهمية ومكانة الوطن الدينية وحقه على المواطن، مما يعزز روح الانتماء إلى الوطن.

– العامل التعليمي والإعلامي: التعريف بالوطن وقضاياه وتعزيز التربية الوطنية.

– العامل الاجتماعي: فتح قنوات الاتصال بين المواطنين وتعزيز الاندماج بينهم ونبذ التعصب الجهوي والعرقي.

– العامل الثقافي: تعريف المواطنين بمختلف ثقافات مكونات المجتمع.لايجاد.ثقافةةعامة مشتركة.

– العامل القانوني: توعية وتثقيف المواطن حول النظم القانونية والإدارية للوطن.

– العامل الأمني: توعية المواطنين حول المخاطر الأمنية التي تحيق بالوطن ودورهم لحفظ الأمن والدفاع عن الجلاد.

– العامل السياسي: نشر التوعية السياسية وتوسيع مشاركة المواطنين في الشأن العام-

ما هي وسائل ومراحل بناء الوعي الوطني؟

يتم بناء الوعي الوطني عبر الوسائل والمراحل الآتية:

– الأسرة: وذلك بتعزيز الانتماء إلى الأسرة الصغيرة وصولا إلى المجتمع الكبير.

– المؤسسات التعليمية: من خلال مناهج التربية الوطنية.

– المنابر الدينية: من خلال الخطب والمواعظ حول أهمية الوطن الدينية.

– وسائل الإعلام: عبر البرامج التوعوية والتثقيفية والإخبارية.

– المنتديات الثقافية: عبر الندوات والبرامج الثقافية.

– منظمات المجتمع المدني: عبر الأنشطة الاجتماعية والإنسانية.

– الأحزاب والتكتلات السياسية: عبر نشاطها الشعبي والسياسي وتبني المعارضة الإيجابية والبعد عن المعارضة السلبية.

– أجهزة الدولة: عبر الالتزام بالشفافية والنزاهة في أداء مهامها.

أسباب ضعف الوعي الوطني في السودان

يلاحظ ضعف الوعي الوطني في السودان بصورة عامة وربما قصوره على جوانب عاطفية ووجدانية وعدم انعكاس ذلك على الوضع العام في بلادنا العزيزة خاصة في العقود الأخيرة، وذلك للأسباب الآتية:

– ضعف التربية الوطنية داخل الأسر وفي المؤسسات التعليمية والمجتمع والدولة بصورة عامة.

– خلط بعض من الناس ما بين الوطن والنظام الحاكم، ومن ثم تنعكس معارضتهم وعداوتهم للنظام على الوطن.

– تسلط الأنظمة الحاكمة ومحاولاتها تحويل الولاء للوطن إلى الولاء إليها.

– الحروب وحركات التمرد والنزعات المسلحة العديدة التي أثرت سلبا على اللحمة الوطنية.

– الأزمات الاقتصادية المستمرة التي جعلت معظم السودانيين مشغولين بحياتهم اليومية مما أثر سلبا على وعيهم بالوطن وقضاياه.

– هجرة أعداد كبيرة من السودانيين إلى الخارج وظهور أجيال جديدة غير مرتبطة بالسودان إلى حد كبير مما أوجد جفوة أو فجوة بينها وبين الوطن بكل مقوماته.

– غلبة الانتماء إلى القبيلة والمكون الصغير على الانتماء إلى الوطن الكبير لاسيما في المناطق النائية.

الخلاصة

بناء الوعي الوطني من أساسيات استقرار وتقدم أي دولة بل هو العنصر الأساسي لتحقيق كل ذلك سواء كان من الجوانب الدينية أو السياسية أو الاجتماعية أو ألأمنية أو القانونية أو الثقافية وغيرها. وقد وضح ذلك جليا في بلادنا خلال الفترة القليلة الماضية بما في ذلك الحرب الدائرة والتي يعتبر ضعف الانتماء والوعي الوطني بكل جوانبه من أهم أسباب اندلاعها واستمرارها وحالة الإرتباك والممارسات السلبية التي انتشرت خلالها، رغم ارتفاع هذا الوعي خلال الأشهر الأخيرة ومن ثم بروز الحراك الشعبي الكبير لحماية الوطن والدفاع عنه بل وإنقاذه عبر دعم القوات المسلحة.
ومن ثم لا بد من وضع قضية بناء الوعي الوطني في السودان في قمة أولويات المرحلة الحالية والقادمة.

ونقترح في هذا الصدد
إطلاق حملة توعوية شاملة وفعالة تشترك فيها وزارات الشؤون الدينية والتربية والتعليم والإعلام والثقافة والرعاية الاجتماعية والحكم المحلي والشباب والرياضة والداخلية والدفاع وغيرها من الوزرات والمؤسسات والمنظمات والجمعيات والمعنية، كل فيما يليه وذلك من أجل تعزيز وترقية الوعي الوطني بين عموم السودانيين بمشيئة الله.

د. عبد المهيمن عثمان حسن بادي
ابوجا- نيجيريا
٢٠٢٤/٥/١٨م

التعليقات مغلقة.