للحديث بقية عبدالخالق بادى مقال فى غاية الأهمية للدكتور عبد المهيمن عثمان بادى يكشف فيه حجم المؤامرة التى كانت ومازالت تحاك ضد الدول العربية والإسلامية
للحديث بقية
عبدالخالق بادى
(من اجل مزيد من الوعي)
فى مقال جديد من سلسلة (مزيد من الوعى)٤ المهمة،يتحدث الدكتور عبد المهيمن عثمان بادى عن المؤامرات والمخططات التى استهدفت الدول العربية والإسلامية منذ سنوات،من أجل تقسيمها واضعافها حتى لا تنهض ، فإلى مضمون هذا المقال:
مخطط برنارد لويس لتقسيم العالم الإسلامي
….الرجاء قراءة هذا المقال والنظر إلى الخرائط المرفقة، لما له من أهمية بالغة……
اولا : من هو بارنارد لويس؟
هو مستشرق يهودي بريطاني امريكي ولد في لندن عام ١٩١٦م وتوفي عام ٢٠١٨م. درس اللغة العربية والعبرية و الآرامية و اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية، وتخرج عام ١٩٣٦ من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن و تخصص في تاريخ الشرق الأوسط، ثم حصل على الدكتوراه في تاريخ الإسلام، والتحق عام ١٩٣٧م بجامعة باريس السوربون،حيث حصل على دبلوم في الدراسات السامية. عمل أثناء الحرب العالمية الثانية في الهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات بالجيش البريطاني، ثم أعير إلى وزارة الخارجية.
بعد نهاية الحرب عاد إلى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية وتم تعيينه أستاذا لتاريخ الشرقَ الأدنى والشرق الأوسط، وبعد ذلك انتقل إلى الولايات المتحدة حيث عمل محاضرا بجامعة برنستون وجامعة كورنل في السبعينات من القرن الماضي. و حصل على الجنسية الأمريكية سنة ١٩٨٢م، وعمل مستشار لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط.
ثانيا : ما هو مشروع برنارد لتقسيم العالم الإسلامي؟
وضع برنارد لويس مشروعه لتفكيك جميع الدول العربية والإسلامية، وتفتيت كل منها إلي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وأوضح ذلك بالخرائط التى تتضمن التجمعات العرقية والمذهبية والدينية التى على اساسها يتم التقسيم ( مرفقة في نهاية المقال).
وسلم المشروع إلى بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الامريكي الأسبق جيمي كارتر، حيث كان لويس مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط. وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين ليقاتل بعضهم بعضًا، وهو الذى وضع مبررات غزو العراق وأفغانستان. كما قام بإشعال حرب الخليج الثانية حتى تتمكن الولايات المتحدة (تصحيح) حدود اتفاقية ( سايكس – بيكو) بين بريطانيا وفرنسا والتي تم بموجبها تقسيم الدول العربية وفصلها من الدولة العثمانية عام ١٩١٦م، اتساقا مع المصالح الصهيوأمريكية.
في عام ١٩٨٣م وافق الكونجرس الأمريكي علي مشروع برنارد لويس في جلسة سرية، وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية وهى الاستراتيجية التى يتم تنفيذها وبدقة واصرار شديدين. واوضح دليل على ذلك ما يحدث فى المنطقة من حروب وفتن.
ثالثا: ماهي مبررات برنارد.لويس لتقسيم العالم الإسلامي؟
قدم برنارد لويس المبررات الآتية لتمرير هذا المشروع التفكيكي في الكونغرس الأمريكي:
(إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن أن يتحضروا ، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربتين تلبريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان فيما مضي. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلي وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة ردود الأفعال من قبلهم. ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط علي قيادتهم الإسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية ( الفاسدة)، يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيهما.)
رابعا: ما هي خطة برنارد لويس لتقسيم الدول العربية و الإسلامية؟
تشمل خطة التقسيم التي وضعها بارنارد لويس جميع الدول العربية والإسلامية على النحو الآتي:
١- تفكيك شبه الجزيرة العربية
إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ٣ دول فقط هي:
– دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين
– دولة نجد السنية
– دولة الحجاز السنية
٢- تفكيك العراق إلى ٣ دويلات علي أسس عرقية ودينية ومذهبية علي النحو التالى
– دولة شيعية في الجنوب حول البصرة
– دولة سنية في وسط العراق حول بغداد
– دولة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل علي أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية.
(تم بالفعل تقسيم العراق وتحويله إلى ٣ دويلات سنية وشيعية وكردية بناء على ما يسمى بالفيدرالية)
٣- تقسيم سوريا إلي ٤ دويلات هي:
– دولة علوية شيعية علي ساحل البحر المتوسط
– دولة سنية في منطقة حلب
– دولة سنية حول دمشق
– دولة الدروز في الجولان
٤- تقسيم لبنان إلي ٧ دويلات هي:
– دولة سنية
– دولة مارونية
– دولة سهل البقاع العلوية
– تدويل بيروت العاصمة
– دولة فلسطينية حول صيدا حتى نهر الليطاني
– دولة لحزب الكتائب في الجنوب
– دولة درزية فى الجولان
٥- تقسيم مصر إلى ٥ دويلات هي:
– دولة إسلامية سنية
– دولة للمسيحيين
– دولة للنوبة
– دولة للبدو فى سيناء
– دولة فلسطينية على شمال سيناء بعد ضمها إلى غزة
٦- تقسيم دول المغرب العربي إلى ٧ دول هي:
– دولة البربر
– دولة النوبة
– دولة البوليساريو
– دولة الأمازيج
– دولة المغرب
– دولة تونس
– دولة الجزائر
٧- تقسيم إيران وباكستان وأفغانستان إلي ١٠ دول عرقية هي:
– كردستان
– اربيجان
– تركستان
– عربستان
– إيرانستان
– بوخونستان
– بلونستان.
– افغانستان
– باكستان
– كشمير
٨ – تأسيس إسرائيل الكبرى
– تصفية الأردن.
– تحويل كل فلسطين إلى دولة يهودية (من النيل إلى الفرات).
خامسا: ما هو وضع السودان في مشروع برنارد لويس؟
تقوم فكرة مشروع برنارد في السودان على تقسيمه إلى أربع دول او كونفدراليات تحت مسمى الولايات السودانية المتحدة وهي: دولة جنوب السودان ( بما في ذلك اجزاء من جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ) ودولة دارفور ودولة السودان تشمل الوسط وكردفان والشرق مع اقتطاع مناطق النوبيين في الشمال وضمها إلى دولة النوبة في جنوب مصر ( انظر إلى الخريطة في نهاية المقال) على أن يتم تنفيذ هذا المشروع تحت لافتة حق تقرير المصير، والذي بدأ بالفعل منذ لقاء فرانكفورت عام ١٩٩٤م بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية، واعتراف الحكومة السودانية آنذاك بحق تقرير مصير الجنوب، ثم مؤتمر المعارضة للقضايا المصيرية الذي عقد في أسمرا عام ١٩٩٥م، ثم اتفاق نيفاشا ٢٠٠٥م والاستفتاء على تقرير مصير الجنوب عام ٢٠١٠م الذي يعتبر تدشينا عمليا لمشروع برنارد لويس في السودان.
و استنادا على خلفية ما تم في جنوب السودان تم إدخال السودان في (صفقة القرن) كمقدمة لإدخاله في مشروع التطبيع مع (إسرائيل) نظرا للدور التاريخي الذي ظل يمثله السودان في دعم القضية الفلسطينية منذ مؤتمر الخرطوم عم ١٩٦٧م (مؤتمر اللاءات الثلاثة).
وتعتمد استراتيجية المشروع التقسيمي في السودان على اللعب على وتر التنوع والتعدد، والتفاوت التنموي، والعين المفتوحة على موارده البكر، واستغلال التناقضات الإقليمية والمطالب المشروعة التي تم تحويلها إلى مخلب قط يتغذى من لافتات تقرير المصير وينفذ من خلاله مشروع التقسيم.
تعليق
تكمن خطورة مشروع بارنارد لويس الصهيوني الأمريكي في أنه تم اعتماده من قبل الكونغرس الأمريكي بخلاف المشاريع الأخرى، وقد بدأ تنفيذه بالفعل على أرض الواقع من خلال ما اسمته مستشارة الأمن القومي الامريكية السابقة كونداليزا رايس ب(الفوضى الخلاقة فى الدول العربية والإسلامية), ويكفى أن ننظر إلى الاضطرابات التي حدثت وما زالت تحدث فى معظم البلدان العربية والإسلامية، فضلا عن الأحداث التى وقعت مؤخرا أثناء حرب غزة والتصريحات التى صدرت من الولايات المتحدة وإسرائيل حول فتح سيناء لاستقبال الفلسطينيين, وكذلك دعوات بعض النوبيين بإقامة دولة خاصة بهم وغيرها من الأحداث والتطورات التي ما هي إلا جزء من هذا المخطط الخبيث.
ملحوظة
ليس المقصود من هذا المقال التهويل أو تضخيم نظرية المؤامرة أو تحميل الصهيونية العالمية وغير ها كل إخفاقات وأخطاء المسلمين والعرب وقياداتهم ( فهذه لها مجالها)، وإنما التنبيه على هذا الخطر الداهم الذي يهدد كل بلادنا وشعوبنا من اجل التصدي له وحماية شعوبنا وبلادنا بل وعقيدتنا.
الخلاصة
على ضوء ما سبق، فإن ما نواجهه اليوم في السودان والعالم الإسلامي على وجه العموم، ليس مجرد صراعات سياسية أو عرقية أو دينية أو نزاعات مسلحة داخلية، و إنما هي هجمة شرسة على كل بلادنا لتقكيكها ومحوها من الخريطة، وتأسيس دويلات جديدة متنازعة ومتحاربة. وذلك لتحقيق الأهداف التالية.
– تهويد المسجد الأقصى وتصفية القضية الفلسطينية.
– تفكيك الأمة الإسلامية وإضعافها وتشتيتها أكثر مما هي مشتتة، وإشغالها ببعضها البعض.
– ضرب العقيدة الإسلامية وتذويبها في الآيديوليجيات الفاسدة والصالة.
– إخضاع البلاد الإسلامية للنفوذ الصهيوأمريكي.
– السيطرة على الموارد الاقتصادية الضخمة في البلاد الاسلامية.
– تمكين الصهاينة من إنشاء ما يسمى بدولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى ألفرات
وبعد،
فإن هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا وواقعنا تتطلب وعيا كبيرا وإدراكا صحيحا وعميقا لحقيقة الأمور، وبصورة خاصة في بلادنا العزيزة السودان في ظل الأحداث الجارية الني ما هي إلا جزء من هذا المخطط الخبيث، وليست فقط حرب بين الجيش والمتمردين والمرتزقة.
فهم يحاولون الآن فصل دافور ومن ثم جبال النوبة والنيل الأزرق وجزء من الشمال ويبقي فقط الوسط والشرق وما تبقى من الشمال، ولا شك أنه بعد هذا التقسيم سيكون هناك تقسيم آخر – لا سمح الله – والمفارقة هي أن الدول التي تدعم هذا المشروع الصهيوامريكي في السودان، هي نفسها مستهدفة ليس فقط بالتقسيم بل بالمحو من الخريطة،كما أن الذين يتم استخدامهم من الداخل من قبل هذه القوى لتفكيك بلادهم سيكونون أول المستهدفين بعد استنفاد أغراضهم.
وخلاصة الأمر أنه يجب علينا أن نتصدى لهذا المخطط وإفشاله بكل قوة ووعي وثبات من خلال ما يلي:
– قيام حملة مكثفة للشر الوعي بين الناس حول هذه الخطر المحدق.
– التحلي باليقظة والذكاء وعدم الانخداع بمراوغات الصهيونية الأمريكية كما حدث في فصل الجنوب وغيره من الأحداث.
– أخذ الأمر على محمل الجد والتركيز على مواجهة هذا المشروع الذي يهدد الجميع، بعيدا عن الخلافات الجانبية التي لا طائل وراءها.
– الإسراع بتحرير دارفور وتامينها قبل أن تختطف.
– تعزيز الأمن في النيل الأزرق وجنوب كردفان
– نبذ الدعوات العنصرية والحهوية التي تعتبر وقودا لهذا المشروع الخبيث وتشريع قانون صارم بالخصوص كما فعلت بعض الدول.
– ومع كل ذلك، إخلاص الدعاء لله سبحانه تعالى بأن يحفظ عباده وبلاده ويكفينا شر اعدائنا من أنفسنا ومن غيرنا..
اللهم أمين
د. عبد المهيمن عثمان حسن بادي
ابوجا – نيجيريا
٢٠٢٤/٥/٢٦م
المصادر:
– د. شاهر إسماعيل الشاهر، مقال بعنوان: حرائط ما بعد سايكس بيكو… من التقسيم إلى التفكيك، المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية، ٢٠٢٤/٣/١٣م
– د. فارس صبري الهيتي، مقال بعنوان:: مشاريع التقسيم وسبل المواجهة، مركز الأمة للدراسات والتطوير، ٢٠٢٣/٨/٢٠م
– د. عبد العزيز التركي، مقال بعنوان: الظل اليهودي وراء مشروعات التقسيم (٢)، مجلة البيان ٢٠٢٠م
– مشروع تقسيم العالم الإسلامي,الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ٢٠١٣/٤/٢٤م.
– مقال بعنوان ١٣ بلدا في أزمات ( مترجم), صحيفة نيويورك تايمز ١٩٩٣/٥/٣٠م
التعليقات مغلقة.