مفاوضات جنيف حول السودان …
تمخض الجبل فولد فأرا!!!
كتب:عبدالخالق بادى
تابعنا خلال اليومين الماضيين البيان الختامى الذى أصدره الشركاء الدوليون لما سمى بمفاوضات جنيف حول السودان ،والتى كانت فى الفترة من (١٤- ٢٣) اغسطس الجاري ، وااتى رفضت الحكومة السودانية المشاركة فيها بسبب إصرار الوسيط الأمريكى على وجودها كمراقب.
وكما توقعنا وتوقع الكثيرون فإن المفاوضات خرجت بنتائج هزيلة لا تلبى أدنى تطلعات الشارع السودانى المكتوى بويلات الحرب وانتهاكات المليشيا المتمردة، صحيح حدث اختراق محدود فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لأهلنا فى دارفور، بفتح معبر أدرى على الحدود الشادية، وآخر عبر مدينة الدبة، ولكن من الذي شرد المواطنين بدارفور وحرمهم من الغذاء والدواء وعن عمد؟، أليست المليشيا المتمردة.
اذا كان هنالك جهة واحدة تتحمل مسؤولية فشل مفاوضات جنيف فهى دولة الإمارات ، لأنها تصر على التواجد فى مفاوضات تخص أزمة هى من صنعها ، فالكل مقتنع بأنها طرف أساسى وداعم وممول للحرب بصورة واضحة ومدعمة بالبينات والأدلة الموثقة ، فكيف من شارك فى إشعال الحرب وتمويلها أن يتحول فجأة إلى وسيط أو مراقب لعملية سلام؟ .
وأمريكا ممثلة فى إدارة بايدون وتوم بريليومبعوثها الخاص للسودان تتحمل أيضاً المسؤولية فى فشل المفاوضات ، بل منعت وفد الحكومة من المشاركة لجنيف ،لانه وفى مشاورات جدة التى سبقت جنيف باسبوعين أصر على مشاركة دولة الإمارات فى المفاوضات كمراقب، وهذا يشؤكد أمر مهم ،وهو أن برييلو يأتمر بأمر الإمارات ، وأن جنيف مجرد مسرحية لاظهار الجنجويد بمظهر دعاة السلام وأنهم ضد الحرب ، رغم أنهم وحتى خلال أيام المفاوضات (المضروبة) واصلوا انتهاكاتهم ضد المواطنين ، حيث ارتكبوا مجازر فى امدرمان والابيض والقطينة وشرق النيل وغيرها.
إن المحصلة الهزيلة لاجتماع جنيف والتى يحاول المبعوث الأمريكي والعملاء وكذلك الامارات تصويرها كانجاز ، هى خلاصة طبيعية لعملية سيئة الاعداد والسيناريو والإخراج ، وكما ذكرنا فى مقال سابق بأن جنيف بكل الزخم والإعلام الذى صاحبها، مجرد حلقة من حلقات التآمر ضد الشعب السودانى الصابر ،وقد افتقرت لأدنى متطلبات وشروط التفاوض ، حيث رضخ الوسيط الأمريكى لرغبات المتآمرين والعملاء وبشكل أحرج الدبلوماسية الأمريكية وإدارة بايدن.
إن أكثر ما يضحك البيان الهزيل الذى أصدرته الخارجية الإماراتية ، والذى ذرفت فيه أنهارا من دموع التماسيح(زوراً) على الوضع الإنساني الصعب الذى يعيشه ملايين السودانيين ، حيث ادعى البيان أن الإمارات قدمت مساعدات بثلاثة مليار دولار للمحتاجين من الشعب السودانى ، والمعروف أن الحكومة رفضت أى مساعدات عرضتها الإمارات ،لسبب بسيط وهو أنها تمول الحرب وتقدم كافة أنواع الدعم للمتمردين لقتل ونهب واغتصاب المواطنين وتشريدهم، واغرب مافى بيان الخارجية الإماراتية هو قوله بأن هنالك( توجيهات جديدة للجنجويد بحماية المدنيين من العنف الجنسي وعدم تجنيد الأطفال)، وهذا دليل جديد على تورط الإمارات فى الحرب ، وأنها هى التى تعطى التوجيهات والتعليمات للمليشيا ، ورأت الآن (خصوصاً بعد الادانات الدولية للانتهاكات الممنهجة للمليشيا ضد المواطنين )، أن تغير من هذا النهج حتى تبيض وجه الجنجويد والمرتزقة أمام العالم، أما ماجاء في بيان الخارجية الإماراتية عن أن الوضع الإنساني خرج عن مستوى التحمل، وأنهم ملتزمون بدعم الشعب السودانى (الشقيق)، فهذا لا يعدو أن يكون حديثاً استهلاكيا، وامعانا فى الاستعلاء، فمن ينتهك كرامة شعب باكمله ويستجلب مرتزقة لاغتصاب بناته ويتسبب فى تشريد الملايين من السودانيين، ويتعامل بكل قسوة مع شعب له فضل عليهم (بعد الله) ، لا يمكن يتحول لحمامة سلام ورسول للإنسانية، وإذا بقى لهؤلاء القوم ذرة من ضمير عليهم أن يكفوا اذاهم عن الشعب السودانى بإيقاف دعمهم للجنجويد، وعندها ستقف الحرب.
إن ما حدث بجنيف فى الفترة من ١٤-٢٣ اغسطس الحالى ، كان فضيحة للدبلوماسية الأمريكية وحلفائها، وقد اعترف بريليو بذلك عندما قال :(أن عدم مشاركة الحكومة السودانية فى المفاوضات كان بمثابة إهانة لأمريكا وان ذلك يحدث لأول مرة) ، لذلك لاعتقد أنه وفى ظل وجود بريليو يمكن أن يحدث اختراق كبير فى أى مفاوضات قادمة بين الحكومة الشرعية والجنجويد ، لانه دبلوماسي ضعيف ، لا يملك أى رؤية للحل ، بدليل قوله فى تصريحاته أمس ل(لجزيرة مباشر) بأنه يتهم الفلول بعدم رغبتهم فى تحقيق تقدم للسودان ، وهو نفس الأمر الذى يروجه الجنجويد وعملائهم، بأن الجيش يأتمر بأمر فلول الحزب المحلول وأنهم يقاتلون معه، وهى كذبة كبرى بدليل أننا لم نسمع بمقتل فلولى واحد فى الحرب ، كما أن كل رموز الفلول هربوا خارج البلد وما بقى هم مجرد اذناب ، والأهم من ذلك أن بريللو يعلم يقيناً أن الجنجويد استقطبوا آلاف الفلول ويقاتلون معهم ، وإذا كان يريد فعلاً احداث تقدم فى سلام السودان ، فعليه أن يتذكر على الجنجويد الذين هم فى الاساس صنيعة فلول الحزب المحلول وكثير من مستشاريه و قياداته فلول.
خلاصة القول أن الموقف الذى اتخذته الحكومة بعدم الذهاب إلى جنيف ،كان صائبا وفى وقته ومكانه ، فهذه ليست مفاوضات حقيقية لحل الأزمة ، بل هى مجرد اجتماع للإذعان وأداء فروض الولاء والطاعة، وهذا لا يمكن أن يحدث مهما كانت الظروف والضغوط، فما بالك والحكومة والجيش الآن في أفضل حالتهما القتالية، وللحديث بقية إن شاء الله.
السابق بوست
القادم بوست
التعليقات مغلقة.