للحديث بقية
عبدالخالق بادى
صحافيون بلاضمير
تمر الصحافة السودانية بمنعطف خطير جدا فى ظل الحرب التى أشعلها المتمردون فى أبريل ٢٠٢٣م ، حيث تاهت الصحافة كمهنة فى دروب وعرة، وتحولت من مهنة عفيفة لكشف الحقائق وتوعية المجتمع ،الى مهنة ارتزاق وتضليل للرأى العام دون خجل أو وجل.
ما دفعني لهذه المقدمة ، هو الاسفاف وعملية النفاق التى أصبحت سمة تميز اغلب الصحفيين (الهاربون للخارج طبعا) الذين يتم استضافتهم كمحللين ، للحديث عن الأزمة التى يعانى منها المواطنون والوطن بسبب حرب الجنجويد على المواطن والوطن، والتى هم جزء لا يتجزأ منها ، وذلك بعد أن باعوا ضميرهم لأعداء البلد والمتآمرين عليها.
لقد لاحظت أن الكثير منهم أصبحوا لا يستحيون من إخفاء الحقيقة وتزييفها، وفى الوقت ذاته السكوت عن الانتهاكات والجرائم التى ترتكب من قبل المليشيا المتمردة بحق أهلهم وعرضهم ، فأصبحوا مجرد مسخ مشوه بلا قيمة أو معنى، بعد أن باعوا أقلامهم بثمن بخس .
فبالأمس القريب جبن رئيس تحرير صحيفة معروفة( تمت استضافته بإحدى القنوات الفضائية المعروفة)عن قول الحقيقة وتسمية الاشياء بمسمياتها ، وذلك عندما سئل عن أسباب تأخر وصول المساعدات الإنسانية للنازحين والمحتاجين خصوصاً بدارفور والمناطق التى يحتلها الجنجويد.
فقد رد رئيس التحرير المعروف بقوله، أن عدم وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين سببه احتجاز هذه المساعدات واعاقتها ، إلا أنه من شدة جبنه وخوفه من غضب آل دقلوا الذين اغدقوا عليه وعلى أمثاله بالمال وغيره ، لم يحدد من الذى يعتدى على المساعدات ويعوق إيصالها للاطفال والنساء بمعسكرات النازحين ، وهم وكما يعلم الجميع( الجنجويد) وأتباعهم وعملائهم ومعاونيهم ، والأغرب أنه ضرب مثلاً بقافلة منظمة أطباء بلا حدود الطبية التى كانت قبل أيام فى طريقها إلى الأطفال والمرضى النازحين بمعسكر زمزم بولاية غرب دارفور، ويعلم رىيس التحرير أن المتمردين هم من احتجزوا القافلة المكونة من شاحنتين، علما بأن منظمة أطباء بلا حدود(كما يعلم المتابعين) كانت قد أصدرت بيان الجمعة الماضى وذكرت فيه أن قوة من المليشيا احتجزت شاحنتين تتبعان لها وتم تحويلها لمدينة الجنينة.
نحن على علم بأن هناك مراسلين لبعض القنوات هم نفسهم باعوا أهلهم ووطنهم بأبخس الأسعار ومتعاونين بل عملاء للجنجويد، وهؤلاء لا يمكن أن يرشحوا محللين لقنواتهم، إلا من أولئك العملاء والخونة ، فليس هنالك معيار مهنى أو تخصصى فى عملية تحديد الضيوف ، والدليل أن وجوه ثابتة ومعينة يتم دائما استضافتها وتكرر ذات الحديث السمج المضلل، وهذا طبعا هو الدور الذى كلف به بعض المراسلين فى إطار حرب التآمر ضد من؟ ضد المواطن الغلبان،والذى بسبب عمالتهم وخيانتهم قتل واغتصب وشرد من داره.
ما أصاب الصحافة السودانية من مرض، أو يمكن أن نسميه سرطان ، بسبب سوق النخاسة الذى أقامه آل دقلوا للصحافيين عديمى الضمير ، ولكى يتم علاجه واستئصاله ، يحتاج إلى عقود والى التضحية بجيل كامل حتى تتعافى الصحافة السودانية، بل يمكن أن نقول انها تحتاج إلى ثورة إصلاحية للضماير والنفوس أولا، وهذا لن يتم إلا بتوفيق من الله ومن ثم بتضامن الصادقين والحادبين على مصلحة البلد والصحافة النزيهة التى تنطق بالحق، وللحديث بقية إن شاء الله .
السابق بوست
القادم بوست
التعليقات مغلقة.