الايام نيوز
الايام نيوز

حسن محمد عبدالحفيظ يكتب: أهمية الإستقرار

(الاستقرار)
__________
شرط لازم
للأمان والنماء
واعادة بناء
الأمة
__________
قادني تفكير بتركيز ذات يوم ، خلال سانحة من سوانح الزمان النوادر ، وأنا أتأمل باستغراق تام ، في منقلب التعس البئيس ، الذي انقلب اليه حال السودان المضام ، طوال العام ونصف العام اللذين انقضيا من تاريخ حاضرنا المعاش، في ذا العصر من مد الزمان ، لكن للأسف وما يورث الندم والسقم ، فقد تبين أن الحال لم يزل حتى الآن ، كما كان في سالف الأوان على ذات سوئه والخسران ، طوال الأحقاب السياسية السابقات ، من تاريخنا السياسي
الغابر والحاضر .
وكان من الطبيعي اذ قادني بالضرورة، تداعي التفكير في ما مضى من تاريخ البلاد ، السياسي بأحقابه المتلاحقات ، أن انخرط في تقليب النظر بتمعن فاحصا ما واكب تطور التاريخ السياسي ، لكل تلك الأحقاب المتلاحقات السابقات ،
لنشأة الدولة في
السودان ، من تطورات وما سادها من صراعات ، وتقلبات سياسية ، منذ بدئها الباكر في عهد الدولة السنارية
( ١٥٠٤م_ ١٨٢١م )
إلى راهن الزمان،
فهالني بل راعني بالأحرى ، ما فاضت به كل تلك الفترات السالفات
_ والعياذ بالله _ من صراع وتدافع
حول السلطان ،
داما لزمان طال .
بعض منهما قد تم بقوة السلاح بين شتى الكيانات المتنازعات وقتذاك . ثم امتد الأمر من بعد حتى الراهن المعاش. كل يسعى ما وسعته قواه ، للسيطرة منفردا
بمواقع اتخاذ القرار ، بلا مناوئ له فيه بسلم أو قتال ، لما يتيحه الاستحواذ على الحكم بالانفراد ،
من هيبة ، ورهبة وسطوة نفوذ ، وتحقيق لكل مراد و مرغوب فيه ، من مكاسب سياسية ،ومادية عظيمة الشأن لتلك الجهات ، المالكة والمحركة بالفعل ، لما يظن
حاليا بأنها أحزاب سياسية ،
بينما هي في حقيقة جوهرها ، لم تكن الا لافتات خادعات لأحزاب صورية تملكها _ نعم تملكها _ بيوتات طائفية ،
أو كيانات جهوية عشائرية أو اثنية
أو عقائدية جامدة الفكر والفعل ، تحركها كيفما تقتضيه مصالحها الذاتية.. فضلا عن أن معظمها لدى فحص ، بنيات هياكلها التنظيمية الماثلة ، لتكشف أن غالبها لم يكن مستوف للأشراط الصارمة والحازمة ، التي
كان من المتوجب اتباعها لاحكام اجازة قيامها…
ولعل ذا هو بالفعل من أهم الأسباب _ من بين أسباب أخر هامات بالطبع _ لما ظلت تعانيه البلاد من اضطراب وعدم استقرار سياسيين دائمين ، أقعداها عن الاستقرار اللازم لانجاز التقدم المنشود ، منذاك وحتى يومنا ذا ،
ما جعل الأمر
_ لديمومته بذات طابعه المعيب ذاك _ يبدو ظاهرة لافتة ، تستوجب الدراسة المتعمقة للوقوف ، على كنه أسباب نشأتها واستدامتها ، ومالات تردي الأحوال الناجمة عن سوءات تداعياتها .
والمؤسف حقا
أن البحث في تاريخ أهم الثورات العالمية الكبرى ، وما ألفه أعلام المؤرخين العالميين ، عن حتمية تهاوي الحضارات عند بلوغها غاية مجدها وازدهارها ، بفعل
ما يعتمل في داخلها من عوامل تاكلها وأسباب فنائها .
وكل ما تم الاطلاع عليه ، من تجارب الأحزاب السياسية العريقة ، في البلدان مستقرة الأوضاع السياسية والأمنية ، حيث يتم التداول السلمي للسلطة بلا أثار سالبات على مجمل
الأوضاع في البلاد ، رغم ما يحتدم أحيانا بين مكوناتها السياسية من خلافات بارزات وصاخبات……
والمؤكد أن كل ذلك ، أنما تم بقصد المقارنة والتعرف على ما قد يفيد ، في تفسير ديمومة ألصراعات المستفحلة ، بين الأطراف السودانية المختلفة ، حول السلطة منذ بدء
الحياة السياسية في السودان . لكنه لعله لمن المثير حقا للحزن والاسف العميقين ،
إذ لم يتوفر من كل تلك الجهود المخلصة ، ما أفاد في ما يرام من تفسير لمقصد البحث والدراسة،
إذ تأكد من واقع كل تلك الدراسات الجادة، بأن لا
وجود لثمة صراع
طبقي في
السودان ، يظن بأنه كان سببا لكل ما حدث في البلاد ، من منازعات ، و تقلبات ، وعدم استقرار ،
أو دافعا لحراك متجدد للتاريخ ،
وفقا للافتراضات النظرية للفلسفة الماركسية…
كما لم يكن بالسودان حضارة قد بلغت اوج ازدهارها ،
ثم أزف زمان زوالها بفعل ما سادها من اضطراب وعدم استقرار …
وذا حقا ما أكد
قناعتي بأن حقيقة عدم الأستقرار السياسي ، الذي لا زم كل أحقاب الحكم ، في بلادنا حتى يومنا
ذا ، ان هو الا ظاهرة سودانية
أصيلة أصالة أهلها، ما من مثيل لها في
كل ارجاء الوسيعة بحالها .
نمت بذرتها هاهنا
وتغذت بما وجدته وافرا في
ذي الأرض الطيبة من روث
التناغضات المتمثلة في مسالب القبلية ، والجهوية ، والعنصرية ، واختلاف الأعراف والسلوكيات السائدة بين مختلف القوميات ألمكونة للحمة المجتمع السوداني ،
وضعف الشعور
المشترك بالهوية
المشتركة ، والانتماء للوطن
الواحد…
ما أدى كل ذلك لبروز ما هو بارز
ومشهود حتى اليوم ، من تنافر وعدم انسجام ، وضعف في الثقة
المتبادلة بين أفراد المجتمع أجمعين….
والأمر بهكذا تجليات سالبات ،
تسود بيننا حتى
الان ، لعله لمن ما يستوجب العمل
الجاد ، بتبني مبادرات من كل المؤسسات الرسمية والمجتمعية ، لاعاد بناء وصياغة المجتمع
من جديد ، بما يرسي ويوطتد
دعائم صرح وحدته الوطنية ، وتعميق الشعور بالهوية ،
والانتماء للوطن
في النفوس ، بما
يتاح من وسائل
سيما ونحن نتطلع ، لاعادة بناء سودان جديد في المستقبل القريب، وهو أمر بكل التأكيد
ممكن التطبيق والتنفيذ ، رغم مشقته وما يستلزمه من صبر
وصدق في النوايا ، واخلاص
في العمل .
وما القصد بقول ما قلت من قول
متواضع ، إلا رغبة في الأسهام
مع الأكرمين بما
قد ينفع ويفيد…
والله المستعان
حسن محمد عبدالحفيظ

التعليقات مغلقة.