( من أجل مزيد من الوعي)
أساليب الخداع العسكري
( ….الغرض من هذا المقال هو التنوير بأساليب الخداع العسكري بجوانبها الاستراتيجية والتكتيكية والنفسية والإعلامية والسياسية والديلوماسية التي تطورت كثيرا في عالم اليوم وطبقت وتطبق في العديد من الدول بما فيها بلادنا….. ومن ثم لا بد من الإلمام بهذه الأساليب للفهم الصحيح والتعامل المناسب مع المؤامرة والحرب التي تدور في السودان في الوقت الراهن… )
ماهو الخداع العسكري؟
…يشير مفهوم الخداع العسكري (بالإنجليزية: Military deception) إلى محاولات تضليل قوات العدو خلال الحرب.
….ويشار إلى ذلك عادةً من خلال إطلاق أو تضخيم حالة ضبابيّة للحرب عبر العمليات النفسية، وحرب المعلومات، والخداع البصري، وغيرها من الوسائل.
…ويتقاطع الخداع العسكري كوسيلة إستراتيجية للمعلومات (التضليل)، مع الحرب النفسية، لدرجة أنّه عندما يقع العدو في فخّ التضليل العسكري، يفقد الثقة بنفسه وينهزم نفسيا.
….الخداع العسكري قديم قِدَم التاريخ.
وفي العصر الحالي، تطوّر مفهوم الخداع العسكري إلى نظرية عسكرية قائمة بذاتها. فخلال الحرب العالمية الأولى لجأت الجيوش المتحاربة إلى توظيف تكتيكات التضليل والخداع البصري، والتي اكتسبت مزيدًا من الأهمية في الحرب العالمية الثانية. لاسيما خلال الاستعداد لإنزال النورماندي في العام ١٩٤٤م، حيث نفّذ الحلفاء عملية خداع كبرى، وهي عملية (الحارس الشخصي،) وهو ما ساعدهم على تحقيق أعلى درجات المفاجأة التكتيكية للعدو
وقد نفذت عملية (الحارس الشخصي) بعدة طرق، بما في ذلك استخدام العملاء المُزدوجين وحركة البث الإذاعي والخداع البصري.
أنواع الخداع العسكري
… بصفةٍ عامة، يتخذ للخداع العسكري أشكالًا إستراتيجية أو تكتيكية، حيث، يوظّف الخداع العسكري في مجالات التضليل البصري، والتضليل الإعلامي(على سبيل المثال، عبر العملاء المزودجين)، والتقنيات الحديثة، وعلم النفس لدفع العدو إلى تصديق ما ليس حقيقيًّا.
….وهناك العديد من الأمثلة على اساليب الخداع العسكري التي وُظِّفت خلال الحروب عبر التاريخ، منها:
١- الانسحاب الوهمي
يدفع الانسحاب الوهمي العدو للوقوع في فخّ منصوبٍ مسبقًا بسبب شعوره الزائف بالأمان.
٢- الوحدات العسكرية الزائفة
إنشاء قوات عسكرية زائفة، أو وحدات عسكرية وهمية لا وجود لها، أو المبالغة في تصوير عدد قوات الجيش.
٣- ستار الدخان
هو خداع تكتيكي يتضمن استخدام الدخان او الضباب، وغيرها من أشكال التخفّي لإخفاء التحركات على أرض المعركة وفي المواقع المختلفة.
٤-حصان طروادة
يستخدم الحصول على منفذ إلى المنطقة المحصّنة بموجب ذرائع كاذبة، لتسهيل دخول قوة مهاجمةٍ بعدد كبير.
٥- التطويق الاستراتيجي
وذلك بإنشاء قوّة صغيرة لتشتيت انتباه العدو، في حين تهاجم قوّة أكبر العدو من الخلف.
حكم الخداع العسكري في الإسلام
رغم ان الله سبحانه و تعالى حرم الغدر وذمَّ فاعله في قوله:
” الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون ” الأنفال ٥٦
…وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
” لكل غادر لواء يوم القيامة يُعرف به ”
رواه البخاري ومسلم
….إلا أنه جَوَّزَ الخداع في الحرب لتحقيق الظفر، رحمة بالعباد وحفظا للأرواح.
….فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” الحرب خدعة ” رواه البخاري ومسلم
وفي شرح هذا الحديث الشريف، قال النووي رحمه الله :
“اتفق العلماء على جواز استخدام اساليب الخداع في الحرب كيف أمكن ذلك، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل.”
…ومن أساليب الخديعة في الحرب مفاجأة العدو وأخذه على حين غِرَّة قبل أن يستعد للقتال.
….ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يوصي السرايا التي يبعثها، بالسير ليلاً والاستخفاء نهاراً حتى يباغتوا عدوهم.
…ومن ذلك التمويه، فقد.كان صلى الله عليه وسلم يموه العدو قبل مسيره إليه، ويخفي مقصده كما اخفى مسيره إلى مكة.
….وكذلك تخذيل العدو كما أمر نعيم بن مسعود رضي الله عنه في غزوة الخندق ان يخذل بين المشركين ويهود بني قريظة.
…كما استخدم القادة العسكريون من الصحابة الكرام، مثل سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، تكتيكات الخداع العسكري في انتصاراتهم العظيمة في مختلف الجبهات.
…وكذلك الحال في كل الفتوحات الإسلامية الكبيرة في الحقب اللاحقة.
( الاستراتيجية العسكرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم باب كبير الفت فيه كتب عديدة)
تعليق
….إن الانتصار في الحروب يعتمد في المقام الأول على استعمال الخدع العسكرية والحرب النفسية والإعلامية أكثر من المواجهة العسكرية رغم أهمية العمليات العسكرية وإعداد العدة والعتاد،
…وبمعنى آخر، استعمال الذكاء والدهاء أكثر من القوة المادية.
…وهذا ينطبق على معظم الحروب التي وقعت على مر التاريخ.
الخلاصة
….ونحن في معركتنا ضد الأعداء في الداخل ولاسيما في الخارج،( مهما كان حجم المعركة أو طبيعتها)،
….علينا أن نفكر خارج الصندوق،
…. ونتبع أساليب ذكية في إدارة هذه المعركة بكافة جوانبها العسكرية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية.
… والتفوق على العدو في ذلك..
فربما فكرة ذكية..
.. تحفظ الآلاف من الأرواح،
…وتوفر الملايين من الأموال،
…وتغني عن ضياع الكثير من الوقت.
.. وتعجل بتحقيق النصر
بمشيئة الله تعالى
د. عبد المهيمن عثمان حسن بادي
٢٠٢٤/٩/١٥م
التعليقات مغلقة.