للحديث بقية
عبد الخالق بادى
الحرية والتغير والنفاق الغريب
أصدرت ماتسمى بقوى الحرية والتغيير(تقدم حالياً) بيانا قبل يومين بمناسبة العيد ال٦٩للاستقلال ، وهو بيان أقل وصف له أنه بلا قيمة أو معنى وضحك على الذقون كما يقول المثل.
وأنا مستغرب (ولعل الكثيرين مثلى) من هذا البيان الذى بدأه من باعوا أهلهم وبلدهم بثمن بخس ، بالتهنئة بعيد الاستقلال ، فكيف يهنئون السودانيين بالاستقلال وهم قد تآمروا مع المستعمرين الجدد وأعداء البلد لأجل قتل إنسان السودان واحتلال بلده، باستجلاب مرتزقة وأجانب لقتال الجيش الوطنى ، فمن يتعاون مع عدو بلده لا يحق له أن يتحدث عن الاستقلال، ومن تسبب فى قتل أهله واغتصاب أخواته وتشريد الملايين، ليس من حقه أن يحتفل بمناسبة ضحى الآلاف من أجدادنا من أجلها، ناهيك عن أن يهنىء.
وفى بيان الحرية والتغيير قالت: انها تجدد موقفها الرافض للحرب، وهو كلام غريب ، وكما قال المثل (يقتلون القتيل ويمشي فى جنازتو)، فالحرية والتغيير وبتحالفها ومنذ سنوات مع الجنجويد وتخطيطها معهم ، تعتبر شريك اصيل فى إشعال الحرب فى ال١٥من أبريل ٢٠٢٣م، فهى الجناح السياسي لهذا المخطط الخبيث ، والمليشيا تمثل الجناح العسكري ، فالعالم كله وفى مقدمته الشعب السودانى ، علموا بل خططوا معها ومنذ سنوات كما أكد بعض مستشارى المليشيا، لذا فإن شماعة النظام البائد أصبحت قديمة ومستهلكة، لأنها غير حقيقية ، .
صحيح أن بعض منسوبي الحزب المحلول كان لهم دور فى الحرب من أجل وأد التغيير،كما لا ننسى أن نظامهم وحزبهم هو من صنع المليشيا المتمردة ، فهم والحرية والتغيير والجنجويد ومن وقف وراءهم على درجة واحدة من الجرم والمسؤولية القانونية .
أما قولهم بأن الجيش أصبح بأيديهم يحركون كما يحبون، فهذا كلام لايقبله عقل، فالجيش السودانى منذ تأسيسه قبل عقود قومى ولاؤه للبلد ليس لطائفة أو فئة ، فإذا كان هنالك بعض الضباط منسوبين للحزب المحلول ، فهذا لايعني أن الجيش المكون من كل قبائل السودان على ذات الولاء أو الانتماء ، فالحرية والتغيير باتهامها هذا تظلم الكثير من الضباط والجنود ، وأعتقد أنها تريد أن تخلق فتنة داخل الجيش ولكن هيهات.
وما يؤكد نفاق مايسمى بالحرية والتغيير (تقدم حالياً) بخصوص فزاعة الكيزان ، هو أنه وعندما واتتهم الفرصة خلال عهدهم لمحاسبة الميزان أو الفلول وتجريد الفاسدين منهم من المال الذي نهبوه من الشعب المسكين خلال ثلاثة عقود ، فشلوا وفشلت لجنة إزالة التمكين فى استرداد المنهوب، حيث تغاضت عن ملفات الفساد المهمة وركزت فى ملفات تافهة ، ولم تقف عند ذلك حيث قامت بتسليم المليشيا المتمردة بعض المبانى المهمة بالعاصمة مثل فندق قصر الصداقة وأرض المعسكرات وغيرها من المواقع الاستراتيجية.
أما الحديث عن خروج السودان من آلية التصنيف المتكامل للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة ، وكأنه جريمة فى حق الشعب، فإننا نقول أن تقارير الأمم المتحدة مؤخراً عن الوضع الغذائي بالسودان أغلبها غير حقيقية لا تمت للواقع بصلة، وآخرها التقرير الذى صدر أمس والذى ذكر بأن ثلاثين مليون سودانى يعانون الجوع ، وأن الأمن الغذائي فى وضع حرج يستدعى تدخل عاجل من المنظمات.
وما يؤكد عدم صدق هذه الاحصائية فإن تعداد الشعب السودانى يقدر بأربعين مليون نسمة، هاجر منهم بسبب الحرب أكثر من عشرة مليون ، فالمتبقى ثلاثين مليون إنسان ، أغلبهم يعيشون في الولايات والمناطق الآمنة ، كما أن الموسم الزراعى الصيفى هذه المرة حقق إنتاجية عالية وغير مسبوقة ، وهنا تحضرنى مفارقة غريبة تدعم ماذكرته بعاليه، فقبل اكثر من شهر كنت فى رحلة إلى مدينة كسلا ، وبعد أن تعطينا مدينة السواك ونحن نسير وسط آلاف وربما ملايين الحقول المزروعة بالذرة والسمسم ،صادفنا قافلة تابعة لبرنامج الغذاء العالمى(WFP) متجهة إلى مدينة القضارف، فضحكت من هذه المفارقة وإصرار الأمم المتحدة على الكذب على العالم بوجود مجاعة بالمناطق الآمنة بالسودان ،رغم أنهم يرون بأم أعينهم المساحات الضخمة التى تمت زراعتها بالمحاصيل والحبوب الغذائية.
ونقول بأن منظمات الأمم المتحدة تعلم علم اليقين أن السودانيين الذين يحتاجون للمساعدة هم من بقى فى المناطق التي تحتلها المليشيا المتمردة ، والتى منعت المزارعين بولايات دارفور والجزيرة وكردفان من الزراعة ، فحولتهم من منتجين إلى فقراء وجوعى يحتاجون إلى من يقدم لهم الغذاء ، وهذا ما فشلت فيه المنظمات الدولية ، بل انحاز بعضها وتعاون مع الجنجويد بعد أن سلمت معظم الإغاثة لهم، هذا غير المساعدات التى نهبها الجنجويد كما حدث مع مساعدات أطباء بلا حدود التى كانت متوجهة إلى معسكر زمزم ، فحولتها المليشيا لمعسكرات قواتها ، وكذلك القافلة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والتى كانت متجهة من الدبة إلى الفاشر والمعسكرات القريبة منها، حيث استولت المليشيا المتمردة عليها، ورغم ذلك التزمت الأمم المتحدة الصمت فى معظم حالات نهب المساعدات الإنسانية التى قام بها الجنجويد فى دارفور والخرطوم وغيرهما.
نعود ونؤكد أن بيان ما يسمى بالحرية والتغيير أو تقدم، لا قيمة له ولا أعتقد أن له تأثير على الواقع المرير الذى لعبت فيه (قحط) دور كبير ، بعد أن خدعت الشعب السودانى بشعارات الدولة المدنية والديمقراطية ، وهم فى الحقيقة يتآمرون ضده وخططوا للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح ، ليس هذا فحسب ، فالاخطر أنهم وضعوا أيديهم مع دول وأجانب ومرتزقة ، لأجل احداث تغيير ديمغرافى ، يتم من خلاله إبادة وتهجير السودانيين أهل البلد ،واستبدالهم بعرب الشتات المستجلبين من بعض دول غرب أفريقيا.
آخراً وليس أخيراً ، وبعد أن عرف الشعب السودانى ما ارتكبته الحرية والتغيير (تقدم) ، من جرائم وانتهاكات بالتضامن مع الجنجويد ، لا أعتقد أن لها وجود فى الواقع ، إلا من خلال الخونة والمتعاونين مع المليشيا المتمردة ، وأغلب الشعب واع بذلك وقد لفظهم كما لفظ من قبلهم فلول العهد المباد ورموزه، ونصر الله جيشنا ومن يقاتل معه، واعاد الله ذكرى الاستقلال وبلدنا بخير وأمان.
السابق بوست
القادم بوست