مدرسة الدويم الريفية العريقة:
ماض زاهر وحاضر مؤلم والصرح يتحول لخراب
كتب:عبدالخالق بادى
وأنا فى طريقى لزيارة مدرسة الدويم الريفية العريقة والتى تأسست فى العام ١٩٠٨م، فى ذهنى صورة عن حالتها الغير مرضية والتى يتحدث عنها خريجوها والحادبين على مصلحتها، إلا أننى وعندما اقتربت من البوابة الرئيسة للمدرسة، صدمت كثيرا للحال البائسة التى وجدتها عليها، بسبب أعيان الشوك التى وضعت عليها ولأسباب أمنية(كما علمت لاحقا).
وكما يقولون (الجواب يكفى عنوانه)
فقد توقعت وانا ابحث عن مدخل المدرسة من الناحية الشمالية، أن يكون الحال من الداخل أسوأ من الخارج، وبالفعل ، فقد وجدت فصول آيلة للانهيار، ومرافق مهدمة، ومعمل مسح من الوجود، ومسرح متصدع ، فحتى الملعب الريفية المشهور والذى سبق واستضاف بطولات قومية فى الطائرة والسلة والذى يضم معظم المناشط،اصبح أثرا بعد عين، فلا تكاد ترى منه إلا بقايا قوائم السلة.
توجهت بعد أن وجدت مدخلا من الناحية الشمالية، إلى مكتب مدير المدرسة الأستاذ الزين ابراهيم الزين ، لمعرفة أسباب هذا التردى الغير مقبول لهذه المدرسة فى كل المناحى ، حيث استقبلنا الرجل بحفاوة كبيرة ، وبدأ يحكى لنا قصة هذه المأساة وقد بدأ عليه التأثر والحزن الشديد ط
حيث ابتدر حديثه قائلا: اولا نرحب بزيارتك الاخ عبد الخالق بادى وسعداء بأن نلتقيك لكى تسلط الضوء على ما آل إليه حال مدرسة الريفية، وحقيقة ومنذ تسلمى لمهام إدارة هذه المدرسة وجدت الكثير من البنيات قد تدهورت و الاثاثات أتلفت بسبب وجود الوافدين بالمدرسة لعامين كاملين، كما الفصول والمكاتب أصلها التصدع والتشققات والتى تحتاج لصيانة عاجلة.
وهناك العديد من المشاكل الأخرى التى تعانى منها المدرسة ، أولها السور الخارجى ، والذى انهار من سنوات ، ،فنحن فى حوجة ماسة لبناء هذا السور لحماية المدرسة من الناحية الشمالية ، وهنالك أيضاً مشكلة البوابة الرئيسية من الناحية الشرقية، فهى تحتاج إلى تعلية حتى لا تكون ثغرة للصوص، ونحن اضطررنا لوضع الأشواك عليها لحماية المدرسة من السرقات .
وبخصوص الاستثمار الذى يحيط بالمدرسة من الجهات الغربية والشمالية والشرقية ،فقد أكد الأستاذ الزين أن المدرسة و لعامين لم تتسلم نسبتها من الإيرادات والتى تبلغ ٤٠٪ و٤٠٪ تذهب للوزارة و٢٠٪ لمكتب التعليم ، وقالت أن عدم وجود أى عائد من الاستثمار لعامين أثر سلبا على عملية الصيانة والتى كانت تتم بصورة سنوية
وفيما يخص وضع الفصول قال مدير الريفية ،أن بعضها أصبح آيلا للسقوط ويحتاج لجهود كبيرة لصيانته،وهناك فصول محتاج لصيانة داخلية وخارجية بدأنا فى صيانة واحد منها بجهود ذاتية، ونحتاج لدعم ملموس لإكمال صيانة باقى الفصول.
ومن المشاكل التى ظلت تمثل هاجساً كبيرا لإدارة المدرسة كما ذكر الاستاذ الزين ، هو أن بعض الدكاكين حول المدرسة تفتح داخل حوش المدرسة ، وقالت أن ذلك يشتت أذهان الطلاب ويؤثر على تحصيلهم .
الاستاذ الزين وفى إفادته للصحيفةكشف عن أن المدرسة حاليا بلا منافع ، وأن المعلمين والطلاب يعانون كثيراً لعدم وجودها، وذلك بعد أن تعطلت المنافع القديمة، وقال أن المنافع التى شهدتها منظمة بلان مستغلة من إحدى الأسر الوافدة والتى ماتزال متواجدة بأحد منازل المدرسة .
وهناك جانب آخر ومهم وهو مرتبط بالعملية التعليمية ، وهو المعمل الذى تقام فيه الدروس التطبيقية ، حيث ذكر الاستاذ الزين أنه مغلق منذ سنوات بعد أن تصدع وبات فى حساب العدم، وأنه (كما ذكر) يحتاج لجهود لإعادته لوضعه السابق.
الاستاذ الزين تحدث عن وجود بعض المبادرات من جهات وأفراد وكذلك مساهمات من أجل إصلاح مايمكن إصلاحه وتحسين حال المدرسة ، حيث حدثنا عن الدعم الذى قدمه البروف معتز بكرى مدير جامعة بخت الرضا ،والمتمثل( كما قال) فى أجهزة كهربائية وأدوات مكتبية إضافة صيانة مكتب المدير، وأشار إلى أن هناك مبادرة بدعم المدرسة من جهات وشخصيات معروفة مازلنا فى انتظار نتائجها ونتمنى أن ترى النور قريبا .
خريجوا مدرسة الدويم الريفية بعضهم( كما ذكر) مدير الريفيةوعد بتأهيل الملعب والمسرح ، وقال أنه يتمنى أن يتم ذلك قريبا ، وعبر هذه الصحيفة اناشد كل خريجى مدرسة الدويم الريفية بمد يد العون لمدرستهم والتى( بحسب قوله) لها عليهم دينا مستحق والآن هى فى أمس الحوجة لمساهماتهم العينية حتى تعود المدرسة (كما )افضل مما كانت عليه ، وفى الختام أكرر شكرى لك أستاذ عبد الخالق بادى على زيارتك لنا بالمدرسة وعكس مشاكلها للرأى العام .
*اين وزارة التربية من معاناة المدرسة الريفية؟
وزارة التربية ممثلة فى الدكتور الطيب على عيسى سبق وزار المدرسة قبل فترة ووعد بتقديم الدعم ، وينتظر الجميع مساهمة الوزارة لهذه المدرسة التاريخية .
*لماذا لم تستفيدالمدرسة من الاستثمار ؟
كل من يزور المدرسة يجدها محاطة بعشرات الدكاكين كمشروع استثمارى ، يفترض أن تدر شهريا مليارات الجنيهات ، إلا أن الإيجارات تورد فى الولاية كما علمنا ، وأن ال٤٠٪ من جملة الإيرادات والتى تمثل نصيب المدرسة لم تستلمها إدارة المدرسة منذ عامين.
ولمعرفة الاسباب اتصلنا بالاستاذ قسم الله محمد البشير المدير الإدارى وهو عضو بلجنة الاستثمار بوزارة التربية والتعليم بالولاية، حيث عزا عدم تحويل نسبة المدرسة من الإيرادات لعدم تحصيل إيرادات الدكاكين لعامين ، واضاف بأن قيمة الإيجار أصبحت ضعيفة جدا معللا ذلك لقيود عقودات الاستثمار .
*المحرر:
ما شاهدته من وضع مؤلم لمدرسة الدويم الريفية ، أمر غير مقبول ومخجل حقا، خصوصا أن هذه المدرسة العريقة خرجت اجيال واجيال، والكثير من خريجيها تبوؤا مراكز رفيعة، كما أن هذه المدرسة تعتبر إرثاً تاريخياً لمدينة الدويم، لأنها من اوائل المدارس المتوسطة فى السودان التى انشأها المستعمر البريطانى بعيد احتلاله للبلد، وبالتالى فإن مسؤولية الحفاظ عليها واعمارها مسؤولية كل مواطنى المدينة المقيمين بها والمقيمين خارجها وكذلك خريجوها ، مثلها مثل المواقع التى تصنفها اليونسكو كمواقع التراث العالمى ، والا نكون نحن لا نقدر قيمة مؤسساتنا العريقة ، وحتى تجسد لقب (مدينة العلم والنور، )، فيجب أن نكون فعلا على قدر هذا الافتخار، والذى يحتاج إلى أن نترجمه لواقع حقيقى بأن نتدافع لإنقاذ هذه المدرسة التى نتباهى بأن الملك فهد رحمه الله درس بها، هذا فضلا عن أن فطاحلة العلماء فى مجالات عديدة تخرجوا منها.
إن الدعم الذى قدم للمدرسة حتى الآن جيد ونشكر كل من ساهم من أجل تأهيل المدرسة، ولكن ومن خلال وقوفنا على الاحتياجات الفعلية للمدرسة، فهى تحتاج لأضعاف ماقدم حتى الآن ، فالمظرسة فى وضع يرثى له ، ونحن لانريد مجرد زيارات والتقاط للصور و(طبطبة)، نريد عملا ملموسا يعكس حبنا واهتمامها بتاريخها التليد ، فهلا تحركنا قبل فوات الاوان.
أما فيما يتعلق بالاستثمار الموجود بالمدرسة ، فهذا يحتاج إلى تحرك عاجل وسريع لأجل الحفاظ على حقوق المدرسة ، وذلك أولا، بالجلوس مع المستأجرين وبالتنسيق مع الوزارة، لرفع قيمة الإيجار وتكوين آلية لتحصيل الايجار أولا بأول، فلا يعقل أن يوجد هذا الكم الكبير من المحلات التجارية بأرض المدرسة وتشكو
الفاقة، هذه صورة مقلوبة يجب تعديلها.
السابق بوست
القادم بوست