بعيدا من معارك الخرطوم… ساحة افتراضية لإدانة العسكر
تعج مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات واسعة بين السودانيين من مختلف الأطياف والفئات حول ما يجري في بلادهم من حرب شعواء أقلقت مضاجعهم وهددت أمنهم، وبخاصة سكان العاصمة الخرطوم الذين عاشوا أياماً عصيبة منذ تفجر الاشتباكات في 15 أبريل (نيسان).
غلبت على هذه النقاشات اتهامات متبادلة عن المتسبب في اندلاع هذه الحرب ودوافعها ومن يديرها، وتوقعات في شأن توقفها أو اتساعها، ولا يخلو الحديث بالطبع عما يجب فعله بكل من أوقد شرارة المعارك، سواء أفراد أو جماعات أو تنظيمات.
كما يتناول النقاش أيضاً المستقبل المنتظر للبلاد، فضلاً عن إطلاق المبادرات والنداءات العاجلة لمساعدة المنكوبين وما تتعرض له أحياء ومشاف من إطلاق نار.
لكن هناك إجماعاً كبيراً على أن المؤسسة العسكرية لم تعد الخيار المفضل في الحكم، نظراً إلى فشلها في إدارة البلاد نحو سبعة عقود منذ استقلالها في 1956، وتحميلها مآلات الانزلاق الذي يحدث الآن باعتباره صراع جنرالات حول السلطة، فضلاً عن رفضهم وجود أية قوات موازية للجيش الذي يعتقدون أنه يحتاج إلى عملية إصلاح واسعة ليصبح جيشاً قومياً ومهنياً ذا عقيدة عسكرية ولا علاقة له بالسياسة من قريب أو بعيد.
تراوح مكانها
بحسب المواطن حسن عبدالكريم، “لن ينتصر طرف على الآخر في هذه الحرب العبثية التي اصطنعها منسوبو الإخوان أملاً في قطع الطريق أمام الثورة السودانية التي ترفع شعار (حرية، سلام، عدالة) حتى يتسنى لهم العودة إلى السلطة بواسطة عناصرهم في الجيش، وسبق أن قالوا قبل ذلك إنهم لن يسمحوا للعملية السياسية بأن تصل إلى نهايتها بتشكيل حكومة مدنية وعودة الجيش إلى ثكناته، فقد أصابهم التوتر والقلق بعد أن فشل مخططهم السابق عن طريق انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021”.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف “الحرب حالياً في يومها الـ13 وما زالت تراوح مكانها، والمتضرر الأول هو المواطن والوطن الذي دمرت بنيته التحتية ومنشآته الحيوية، وما زالت عناصر النظام السابق تروج لانتصار سريع وحاسم وتخون كل من يهتف (لا للحرب، أوقفوا الحرب)، ففي اعتقادي أنها ما كان لها أن تندلع داخل المدن لولا الفتنة التي تأججت بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وواصل عبدالكريم “يجب أن يسعى السودانيون من الوطنيين الشرفاء إلى إيجاد حل سلمي يعيد طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات، وعلى شرفاء الجيش إقالة قادته المتسببين في دماره وضعفه، فمثل هؤلاء لن يزيدوا الجيش إلا وبالاً، وسيكونون ميليشيات جديدة في ما بعد لحمايتهم، فهم الفيل الذي يجب أن يطعن وليس ظله المتمثل في الميليشيات الموازية للجيش”.
مغامرات وكراهية
أما معتصم عبدالله فيرى أن “ما يحدث اليوم في الخرطوم هو نتيجة لصراعات السودانيين ككل، عسكريين ومدنيين وحركات مسلحة وغيرهم، إضافة إلى أنه نتيجة طبيعية للاستمرار في هدم أجهزة الدولة السودانية من خلال تكوين قوة موازية للجيش (الدعم السريع)، فلا يمكن أن تنظر لهذه الحرب على أنها نتيجة غباء رجلين فقط، أو كونها مجرد تدبير عناصر الإخوان”.
وتابع “السودانيون لم يتمكنوا من بناء دولة أو مشروع مستدام واحد، لكنهم قادرون على هدم أنظمة الحكم، وليس هناك دليل أبلغ من الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي نتيجة تراكمية لخطاب الكراهية السائد في المجتمع بشكل لافت، فضلاً عن العنصرية والقبلية وتراجع الوطنية، بالتالي فإن الجميع مسؤول مسؤولية كاملة عن كل روح أزهقت وكل قطرة دم سالت، وإن كانت القيادتان العسكريتان تتحملان الوزر الأكبر وكل من وقف خلفهما ليشجع على القتال”.
سلمى حسن أيضاً تشدد على ضرورة معاقبة المستسبب في هذه المأساة،
تقول “التاريخ لن يرحم كل من تسبب في إشعال هذه الحرب التي أدت إلى دمار
كامل للمنشآت الحيوية في العاصمة، وشردت آلاف المواطنين من منازلهم،
وقتلت عشرات الأبرياء غير الجرحى والجوعى، هذه الحرب لم يحسب حسابها من
الجانبين فخاضوها بلا حسابات أو وعي بانعكاساتها المدمرة للقوتين، ناهيك عن
دمار الإنسان ومكتسباته وممتلكاته وأعراضه، فالشعب السوداني لا يستحق هذا
المأزق وهذا الاختبار الصعب، هو شعب مسالم لا يستحق أن يحكمه من هم على رأس السلطة ومن يخططون لهم من وراء الكواليس”.
ومضت سلمى تقول “الآن الشارع يريد أن تتوقف هذه الحرب اللعينة حقناً للدماء،
ودرءاً لعمليات الهدم وتشريد المواطنين وعدم ترويعهم جراء دوي الرصاص، على
أن يلتفت إلى شأن السلطة في الفترة التي تلي ذلك بعد ضمان موافقة الرجلين
(البرهان وحميدتي) عبر إنهاء مغامرتهم الخاسرة، لكن لن يكون هناك إفلات من العقاب بحق كل من كان له دور في إشعال فتيل الحرب”.
التعليقات مغلقة.