ما تأثير العقوبات الأمريكية على طرفي الصراع العسكري في السودان؟
أحمد حمدان
ارم – توقع محللون سودانيون أن يكون للعقوبات الأمريكية المفروضة على طرفي الصراع العسكري في السودان، تأثير شديد على الجهات المستهدفة بالعقوبات، لاسيما أن تلك العقوبات تصل إلى حد تجميد الأرصدة البنكية، وحظر التعامل مع المؤسسات الخارجية.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت، يوم الخميس، عقوبات اقتصادية على مؤسسات مملوكة لطرفي الصراع في السودان “الجيش وقوات الدعم السريع”، كما شملت العقوبات قيودًا على التأشيرات ضد ما أسمتها “بالجهات الفاعلة، التي تكرس العنف في السودان”.
ومن أبرز الشركات التي طالتها العقوبات الأمريكية “منظومة الصناعات الدفاعية” المملوكة للجيش السوداني، إلى جانب شركة “الجنيد” المملوكة لقوات الدعم السريع، بينما لم تتم تسمية الشخصيات المعنية بتقييد التأشيرات.
تداعيات كارثية
من جانبه، قال المحلل السياسي، وائل محجوب، إن العقوبات المفروضة تستند للقوانين الأمريكية وعلى رأسها قانون دعم الانتقال الديمقراطي في السودان، الملحق بالميزانية السنوية لوزارة الدفاع والصادر في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2022، ويتضمن مواد تنص على معاقبة كل الجهات التي تقوض الانتقال وتهدد الاستقرار في السودان.
وأوضح محجوب في تصريح لـ”إرم نيوز” أن “العقوبات الأمريكية ستكون لها تداعيات كارثية على المؤسسات المشمولة، من بينها حظر الأرصدة المصرفية بشكل مباشر في أي مكان بالعالم، ما يعني عدم قدرة الطرفين على الاستفادة من الأموال المجمدة، وإلغاء كل الاتفاقيات والعقود التجارية الموقعة، كما ستفقد هذه المؤسسات القدرة على التعامل المباشر مع كل الجهات الرسمية والمؤسسات التي كانت تتعامل معها وفق القانون.
وأشار إلى “إمكانية تتبع أي حسابات خفية أو باسم أفراد على صلة بالمؤسسات المشمولة بالعقوبات، وحظرها وتجميدها”، مؤكدًا أن هذه المؤسسات لن تجد مساحة للعمل والتعامل مع مختلف الجهات الإقليمية والدولية، والتي بدورها ستجد نفسها مجبرة لوقف التعامل مع الشركات السودانية تجنبًا لإجراءات أمريكية عقابية معلومة ومجربة في هذه الحالات، على حد تعبيره.
وقال محجوب إن “الإدارة الأمريكية عازمة على إنهاء الحرب في السودان، وتملك الأساس القانوني الذي يخولها للتحرك الكامل لتحقيق الهدف، بما في ذلك التحرك العسكري المنفرد، سواء من خلال دعم تحرك أفريقي تقوم به دول الاتحاد الأفريقي، أو عبر تشكيل تحالف عسكري مع بعض دول القارة والجوار، حال استمرار الطرفين بعدم احترام التزاماتهما وتقاعسهما في الوصول لحل سلمي ينهي الحرب”.
وتأتي العقوبات الأمريكية بعد تعثر المحادثات السودانية في مدينة جدة السعودية، بين ممثلين للجيش وقوات الدعم السريع، بوساطة أمريكية سعودية.
خيبة أمل
من جهته، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، أن العقوبات ستؤثر على الوضع المالي والنشاط الاقتصادي للمؤسسات التي صدرت في مواجهتها عقوبات، رغم أنها قد لا تفضي لإيقاف أنشطتها.
وأشار أبو الجوخ، في تصريح لـ “إرم نيوز”، إلى أن “الشروع في تطبيق العقوبات عوضًا عن التلويح بها يظهر خيبة أمل واشنطن تجاه سلوك الطرفين، وهو مؤشر لإمكانية اتخاذ إجراءات عقابية أكثر قوة في الفترة المقبلة”.
وذكر أن “الغضب الإقليمي والدولي على طرفي الصراع في السودان، لا يبدو بسبب الحرب وحدها، وإنما لسجلهما الطويل في تقويض الانتقال الديمقراطي والانقلاب عليه ودفع البلاد صوب الحرب وإصرارهما على حسمها عسكريًا”.
وأوضح أن هذه العقوبات تختلف في ظرفها، عن عقوبات تسعينيات القرن الماضي التي شهدت تباينات حول أسبابها وظروفها وتفسيرها بأنها عقوبات ذات طابع سياسي أكثر من بعدها الإنساني.
ويقلل أبو الجوخ من إمكانية تأثير هذه العقوبات على المواطن السوداني، مثلما كان على عهد الرئيس المخلوع البشير، قائلًا إن “منهج العقوبات المتبع منذ بداية القرن الحالي خاصة من قبل الأمريكيين، انتقل من عقاب الدولة إلى عقاب المؤسسات والكيانات والأفراد، وهو نموذج لا يشمل كل الدولة ويجعل مقدار الضرر على العامة أقل، ويقتصر تأثيره على الأشخاص المرتبطين بها والمتعاملين مع تلك الكيانات”، على حد قوله.
ومع ذلك أشار أبو الجوخ إلى سيطرة المؤسسات ذات الصلة بالصناعات الدفاعية بما يقارب 80% من اقتصاد المؤسسات التابعة للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، مما سينتج عنه تأثير مباشر على تلك المؤسسات المرتبطة بمنظومة الصناعات الدفاعية، وبالتالي يوسع دائرة المتأثرين بالعقوبات.
وأضاف أنه “مستقبلًا بعد إنهاء الحرب، فإن خطوات رفع العقوبات عن هذه المؤسسات بناءً على تجربة المرحلة الانتقالية لن يكون أمرًا سريعًا وعاجلًا، وستترتب عليه أضرار حتى على الاقتصاد السوداني، ولذلك يجب استصحاب هذا الأمر في أي ترتيبات سياسية مستقبلية بأن يتم النص على إلغاء العقوبات الخاصة بالشركات التي تؤول لحكومة السودان فور تكوين مؤسسات الحكم المدني الديمقراطي”.
عقوبات سياسية
من جهته، وصف المحلل السياسي حبيب فضل المولى، العقوبات الأمريكية على طرفي الصراع العسكري في السودان، بأنها عقوبات سياسية لن يكون لها تأثير اقتصادي ملموس على الجهات المعنية بها.
وقال فضل المولى، لـ “إرم نيوز” إن “العقوبات الأمريكية ليست جديدة على السودان، وكانت مفروضة على البلاد، خلال حقبة الرئيس المخلوع عمر البشير، ولم يكن لها تأثير على النظام الحاكم وقتها”.
وأشار إلى أنه “رغم العقوبات الاقتصادية الأمريكية على نظام البشير، إلا أنه استطاع إحداث طفرة اقتصادية، منها استخراج البترول، وإنشاء منظومة الصناعات الدفاعية نفسها، المشمولة الآن بالعقوبات الأمريكية”.
التعليقات مغلقة.