للحديث بقية عبد الخالق بادى أخيرا قالتها أمريكا
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
أخيرا قالتها أمريكا
الإدانة الأمريكية لمليشيا الدعم المتمردين أمس وعبر الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية ،والذى اتهم مليشيا المتمردين بالقيام بعمليات تطهير عرقى بالجنينة ،هى المرة الأولى التي تنتقد فيها الإدارة الأمريكية المليشيا وتوجه لها هكذا اتهام مباشر وبشكل صريح منذ بداية الحرب فى الخامس عشر من أبريل الماضى ،فلم يحدث أن انتقدت الإدارة الأمريكية سابقا أى انتهاكات انتهاك مثل احتلال بيوت المواطنين والاعتداء عليهم وتشريدهم ونهبهم،وكذلك احتلال المشافى وتعطيل الخدمات الضرورية، فكل ذلك لم يتم حتى الإشارة اليه فى تصريحات المسؤولين الأمريكيين، وهذا ما لاحظناه أيضا فى بيانات ورسائل الأمم المتحدة والتى تساوى بين الجيش الوطنى ومتمردى الدعم السريع.
انتقاد الحكومة الأمريكية لمليشيا الدعم السريع جاء كردة فعل لمقتل خميس أبكر والى غرب دارفور(رحمه الله) على يد مليشيا حليفة للمتمردين (حسب بيان التحالف السودانى)،ويبدو أن الإدارة الأمريكية هذه المرة وجدت نفسها فى مأزق حقيقى، وأنه ليس أمامها إلا إدانة هذا السلوك الخطير والذى لم يكن فى الحسبان .
ترى ماهو موقف حلفاء امريكا الإقليميين بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أمس الخميس عن موقفها بوضوح تجاه مليشيا الدعم السريع واتهامها بالتطهير العرقى ،خاصة أن معظم الحلفاء وإعلامهم ظلوا يصرون على عدم الاعتراف بأن ماقامت به مليشيا الدعم السريع هو تمرد على الجيش الوطنى ،ولم تدين ولو مرة انتهاكا واحدا لها من جملة الانتهاكات الفظيعة التى ارتكبتها بحق المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم.
وموقف بعض حلفاء امريكا المنحاز للمليشيا واضح من خلال القنوات الفضائية لبعض حلفائها بالمنطقة العربية والإفريقية ،والتى تؤكد ازدواجية المعايير لديهم ،ولاحظنا التناقض الواضح والفاضح فى تناولها للحرب بالسودان مقارنة بحروب شبيهة ،ففى خبر بث صباح اليوم ببعض القنوات جاء فيه: أن مليشيا الحوثيين(لاحظ:مليشيا) لم تقل قوات الحوثيين، قالت أنها( اعتدت وروعت النساء والأطفال باقتحامها البيوت فى مناطق سيطرتها)،وفى نفس النشرة أذاعت خبر آخر عن السودان وكان عن مقتل خميس أبكر والى غرب دارفور جاء فيه:(أن الجيش وقوات الدعم السريع تبادلا الاتهامات فى مقتل الوالى)،فى الخبر الأول وصفت الحوثيين( الذين تنطبق عليهم نفس وضعية متمردى الدعم السريع بتمردهم على الجيش الوطنى اليمنى)، بالمليشيا، وفى الخبر الثانى وصفت متمردى الدعم السريع( الذين هم أيضا تمردوا على الجيش الوطنى السودانى) بقوات الدعم السريع، وهذا برهان على عدم حيادية معظم القنوات الفضائية المتابعة للأزمة السودانية.
ما أدهشنى هو تسابق بعض الحركات المسلحة والأحزاب والنقابات وأشباه النقابات، لإدانة مقتل والى غرب دارفور ،وذلك بعد لحظات أو دقائق من تأكيد خبر اغتياله ،والذى وصفته بأنه انتهاك للقانون والمواثيق الدولية وأنه تطور خطير ، فيما ظلت صامتة لشهرين على كل الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت فى حق المواطنين وموت الآلاف منهم بالخرطوم والجنينة وغيرهما،فلم تحدثنا عن انتهاك القانون الدولى والمواثيق والمعاهدات الدولية، حيث كان قادتها عندما يسألون لماذا لا تتحدثون عن الانتهاكات الممارسة ضد المدنيين،كان ردهم المكرر هو:أنهم يقفون على الحياد!.
فهل عدم إدانة قتل المواطنين والانتهاكات التى طالت أعراضهم والسلب لممتلكاتهم، و الامتناع حتى عن كتابة تغريدة صغيرة تترحمون فيها على من قتلوا ظلما، يعتبر الحياد عذرا مقبولا له؟ثم ألم تدعى معظم الحركات والأحزاب ومنذ عقود أنها تقف مع المواطنين وأنها ما حملت السلاح إلا دفاعا عن حقوقهم وأنها تناضل من أجل المهمشين والمظلومين ؟ وهل هنالك ظلم أسوأ من القتل وهتك الأعراض ؟،لقد مر حتى الآن شهران كاملان على الحرب وهم يرون بأم أعينهم الانتهاكات والجرائم التى ترتكب ضد المواطنين فى العاصمة والجنينة ،والتى لم نشهدها حتى أيام هتلر النازى ،فماذا فعلوا حيالها ،سكتوا حتى عن التعليق عليها ناهيك عن الدفاع عن المواطن المسكين الذى تاجر معظمهم بقضاياه .
إن هذه الحرب المدبرة منذ سنوات وبتآمر داخلى وخارجى ،كشفت للشعب السودانى الكثير من الحقائق ،وبينت من يقف مع قضاياه ومصالحه ومن يتاجر بها، ومن قلبه على البلد ومن قلبه على المناصب والمكاسب السلطوية ،ومن يعمل على تنمية البلد ومن سعى في خرابها ،ومن هو سودانى وابن بلد ومن هو متسودن وجبان يهرب عندما يحمى الوطيس ،اللهم أحمينا وأحمى بلدنا من المتاجرين والخائنين والمتآمرين، وانعم عليها بالاستقرار والأمن والسلام،و…و… وللحديث بقية.
التعليقات مغلقة.