للحديث بقية
عبد الخالق بادى
الاستقلال ودولة (٥٦)
تحتفل بلادنا اليوم الأربعاء الأول من يناير٢٠٢٥م بالعيد ال٦٩ لاستقلال السودان ، ورغم أن الاحتفال ياتى هذه المرة فى ظروف غير طبيعية ، بسبب الحرب المفتعلة من أعداء البلد،ووقوع اجزاء عزيزة من بلادنا تحت الاحتلال من المليشيا المتمردة والمرتزقة الأجانب ،والذى تقف وراءه دول إقليمية وغيرها، إلا أن ذكرى الاستقلال تبقى ذات طعم خاص لكل السودانيين المحبين لبلدهم يسترجعون فيها ذكريات حبيبة ومواقف بطولية سطرها رجال صنعوا التاريخ.
وبهذه المناسبة العظيمة ، نحيى ونترحم على كل من كان له دور في حصول السودانيين على حريتهم بعد استعمار دام قرابة السبعين عاما ، بدءاً بالرئيس الراحل إسماعيل الأزهري ورئيس الوزراء الأسبق الراحل محمد احمد محجوب وقوة دفاع السودان التى حاربت وضحت لأجل الحربة، وقادة الأحزاب السياسية في تلك الحقبة والمناضلين من الرعيل الأول.
إن حصول السودانيين على حريتهم لم يكن مجانا، فقد مهر الآلاف منهم الاستقلال بارواحهم ودمائهم ، حتى ننعم نحن الأجيال اللاحق بالحرية ، حيث خاض السودانيون فى ثلاثينيات وارعينيات القرن الماضي حروبا ضد المستعمر ، كما شارك عشرات الآلاف فى حروب الحلفاء ضد دول المحور فى الحرب العالمية الثانية ، وكان هذا مقابل خروج المستعمر من السودان ، وقد كان.
ذكرى الاستقلال هذه المرة وكما ذكرنا جاءت فى ظروف إستثنائية ، بسبب الحرب التي تآمر فيها وخطط لها أعداء بلدنا، وعلى رأسهم دولة الإمارات ودول غربية ودول جوار ومليشيا قوامها اجانب ومرتزقة وخونة وعملاء ، والذين رفعوا شعارات استعمارية تستهدف إخراج أهل البلد ، بل عملوا على محو الهوية وتاريخ البلد مثل الحديث عن فشل دولة ٥٦ وأنها وراء ما كان وما يحدث الآن من حرب وتدمير.
إن من يلومون قيام الدولة السودانية فى ١٩٥٦ ويحملون الآباء المؤسسين الأزمات التى حدثت بعدهم ، هم أما أساساً ليسو سودانيين ، ولا ينتمون لهذا السودان أو ليست لهم جذور راسخة، أو أنهم عنصريون ، ينطلقون من مفاهيم جهويةخبيثة تريد أن تغير واقع لا يمكن أن يتغير مهما فعلوا ، أو أن من يروج لفشل مؤسسى الدولة السودانية فى ١٩٥٦ مجرد عميل وخائن قبض ثمن ترويجه وتضليله للرأى العام باكاذيب لا تمت للواقع بصلة.
يجب على السودانيين المخلصين لهذا البلد ، أن يعوا ما يهدف إليه الأعداء بتحميل أشخاص أو فئة معينة اخفاقات حدثت خلال أكثر من ستين عاما ، فالهدف واضح وهو التقليل من جهود وتضحيات أجيال من المناضلين الخلص ،فهم حقيقة يستهدفون اثنيات معينة فى دارفور والوسط والشرق وكردفان والشمال ، رغم أنها هى التى كان لها دور بارز فى الاستقلال وفى بناء الدولة السودانية الحديثة.
نعود ونقول أن الحرب التى أشعلها الجنجويد وأعوانهم المتآمرين، أكدت أن الاستقلال وسلامة البلد ووحدتها تحتاج إلى إعادة صياغة الكثير من الأمور التى تتعلق بمستقبل البلد، فى مقدمتها الهوية السودانية وضرورة مراجعة الأوراق الثبوتية التى منحت خلال العهد المنهار وخلال فترة الحرية والتغيير بدون ضمير وطنى وبصورة ممنهجة، فالفوضى التى حدثت فى استخراج الارقام الوطنية والجوازات خلال العقود الثلاث الماضية ، ساهمت فى ما يحدث الآن من تقتيل وإبادة وتدمير للسودان ، فالآلاف من الذين شاركوا فى تخريب البنيات التحتية وإذلال السودانيين هم أجانب ، بل هنالك قيادات للمتمردين تحمل الجنسية السودانية ،وهى فى الحقيقة من جنسيات أجنبية قادمة من دول الجوار أو دول من غرب أفريقيا.
نترحم مجددا على الآباء المؤسسين للدولة السودانية ومساهمتهم الكبيرة فى استقلال بلدنا في العام ١٩٥٦م، ونتقدم بالتهنئة الخالصة لكل السودانيين الوطنيين ، ونقول لهم كل عام وانتم بخير ، ونسأل الله أن تأتى الذكرى القادمة للاستقلال وقد تحررت كل بقاع السودان من دنس المليشيا الأجنبية على يد الجيش والقوات التى تقاتل معه ، وأن يعم الأمن والسلام ربوع بلادنا ،ويعود كل من هجر من بيته وبلده معززا مكرماً.
السابق بوست
القادم بوست
التعليقات مغلقة.