بسم الله الرحمن الرحيم…
________
التغريد خارج السرب..
والناس بكربهم
منشغلون !!!
____________
من المعلوم تسليما بالتأكيد ، أن الكثير من الأمثال السودانية ، التي تتوارثها الأجيال عبر القرون ، أنما
تتضمن في جلها ، قدرا وافرا
وعظيما ، من الحكمة ومأثور
القول المستقيم . والتي كثيرا ما ألف معظم السودانيين ، ودرجوا على أجترارها وسوقها ، خلال سجال أحاديثهم، حول بعض المواقف والأحداث ، التي تجذب انتباههم وتثير فضولهم في حياتهم ، وبخاصة حين يلمسون وجوها للشبه بين بعضها ، وأمثال بعينها من بين تلك الأمثال ، فيميلون لذكرها مقارنين في معرض سجالهم ، اما بقصد الاكبار والاجلال ، أو الهزء والأستنكار،
حسبما يمليه المشهد الماثل من انطباع وأثر في النفوس….
ومن ذلك مثلهم الشهير و الساخر القائل
( الناس في شنو،
و……….في شنو!!! )
والذي يعني مضمونا ومقصدا ، الهزء والتهكم من
استهتار البعض من قومهم ، ولا مبالاتهم بما يجري حولهم من أحداث جلائل مروعات .
انشغل الكل حينها _ بلا استثناء لأحد عداهم _ بما تنذر به من هلاك للحرث والنسل ، وأخطار جم جسام . بينما هم
منشغلون بسباق أقاموه ( للحمير ) غير مبالين أو مهتمين، بما كان يجري بالفعل حولهم في ذات الحين ، من تساقط للقنابل ، ودوي للمدافع ، وأزيز للطائرات
ابان الحرب العالمية الثانية ، والتي كان بعض أخوة لهم من بني جلدتهم ، يشاركون فيها ضمن صفوف المستعمر البريطاني ، الذي
كان يحتل بلادهم وقتذاك ، مما تسبب في جعلها_ أي بلادهم_ هدفا معاديا لدول المحور وقتذاك . وأباح من ثم مهاجمتها عسكريا ، وضرب اهداف منتقاة فيها….. والان وبناءا على ما بات جليا ، ميسور الاستيعاب نظرا ، وبصرا ، وسمعا ، للمتابعين الراصدين لتطورات الأحداث في البلاد ، فان
التاريخ بما غدا يبدو ، من بعض وقائعه الماثلات ، ربما يكون قد أقدم بالفعل ،
على اعادة نفسه من جديد في حاضر الأوان ،
ب( سناريو) يستبين مماثلا
تماما ، لمفارقة
(سباق الحمير !!)
تلك ، إذ بينما تمر
البلاد الان ، باخطر المنعطفات في كل أحقاب تاريخها المديد ،
حيث ما فتئت تخوض حربا ضروسا ، لعلها الأشرس طوال عمرها المديد ، من أجل درء أخطر مهددات وجودها ، وبقائها دولة حرة معترفا
بسيادتها ، ضمن منظومة دول العالم ذوات القدر والمقام…
نعم وسط هكذا ظروف ، زاخرة بعنفوان الاضطراب ، وملابسات قاسيات ، بالغات
الأخطار والأثار
المدمرات ، فاذا بأصوات تتعالى
هنا وهناك ، مطالبة بالحاح واصرار يتردد بلا انقطاع ، بوقف فوري للحرب المستعرة الان ، واقامة حكومة مدنية بلا تأجيل أو تسويف ، مما أدخل غلبة أهل الديار ، في حيرة من أمرهم ، لما يبرز من تناغض بين ، بين ماثل الحال وما تدعو له بعض الأطراف…..
والحق الذي لا شك فيه أو مراء ، فان المناداة باقامة حكومة مدنية ، لهو _ يقينا_ مطلب واقعي رصين ، ما من
وطني أصيل من غلبة السودانيين أجمعين ، يخال بأنه رافض له أو معارضا ، لسبب جوهري أوحد مجمع حوله ، تأكيدا بجزم وقطع مبينين ، لكونه
بلا خلاف حوله أو جدال ، أنه المدخل الأوفق ، للولوج لساح التنافس الديمقراطي الشريف المأمول. غير أن التحفظ القائم حوله ، لا يعد أن يكون مرده ، مجرد تباين في التقدير حول توقيت الشروع ، في التنفيذ العملي للمطلب ، وليس حول المبدأ محل
الإجماع والقبول
كما أكدنا من قبل…..
والذي يتجلى واضحا الان ، بجلاء الحق اللجلاج ، الذي يسنده ما تعيشه البلاد في ذا الأوان ، من واقع مأزوم بالغ الخطورة والسؤ ، لما يضطرم فيها من وقائع عنيفة وفادحة مريعة ، تكاد تعصف بوحدتها ، وتزلزل أركان أمنها واستقرارها ، بل والتي قد تقود ان عجزت _ لا قدر الله _ امكانات الدولة عن لجمها والسيطرة على مالاتها ، إلى مصير التفكك ، والانهيار والفناء في نهاية
المطاف…… ولعله من هاهنا تتأتى رجاحة ، موضوعية تحفظ البعض ، حول المطالبة غير العملية وغير المستوعبة لفداحة الأخطار
الانية ، للوقف الفوري للحرب _ كما ينادي البعض_ بغير اكتراث أو اعتبار لما يتطلبه الأمر
من ترتيبات وإجراءات كثر في شتى المناحي والاتجاهات.. ولعل ذا هو عين ما جعل ، هكذا مناداة بوقف فوري للحرب ، والشروع في تسليم السلطة ، لحكومة مدنية مجهولة الهوية
والكيفية ،يتأكد بأنها لا تعد عن كونها مجرد شعار سياسي ، متعجل تمليه عاطفة متأججة في نفوس البعض ، ما يجعله ليس له في ذا الحين ، من سبيل لفوز فكرته بمجرد القبول والتأييد ، ناهيك عن المطالبة بالشروع في التنفيذ
وربما يدفع الكثيرين للقول مرددين ، ذات قول أسلافهم الهازئ الطريف ، حيال مفارقة سباق الحمير..
( نحن في شنو…
و……..في شنو!!)
حسن محمد عبد الحفيظ الشتيوي .
___________
التعليقات مغلقة.