المنتدى الأول لمعاش الناس بالنيل الأبيض:
توصيات مهمة مع ضرورة توسيع المشاركة ومراجعة الرسوم
كتب: عبدالخالق بادى
خرج المنتدى الأول لمناقشة قضايا معاش الناس بولاية النيل الأبيض ، بتوصيات وأفكار مهمة ، يمكن أن تغير من واقع حياة المواطن المرير إلى حال أفضل ، إذا وجدت الجدية المطلوبة وانزالها إلى أرض الواقع.
فأبرز مالفت نظرى فى مخرجات هذا المنتدى ، هو ما طرحه الاستاذ حماد عبد الله مدير شؤون الحكم المحلي بالولاية ، والذى أكد أنه سيتم تفعيل شراكات مع كافة الجهات للخروج برؤية واضحة وإيجاد حلول جذرية لمشاكل معاش الناس.
وأعتقد أن ماشار آليه الاستاذ حماد هو ما يجب أن يتم التركيز عليه، وعندما نتحدث عن قضايا معاش الناس ، فالأمر ليس محصورا فى مسألة إقامة مراكز للبيع المخفض ، أو الاعتمادعلى أفكار (مجربة) لا تصمد كثيرا، إذ سرعان ما تفشل ، ونعود لمربع الغلاء والمعاناة.
فهذه القضية تحتاج إلى معالجات جذرية، والمعالجات الجذرية تحتاج إلى شراكات قوية وذات اثر طويل الأمد، وأعتقد أن أهم شراكة يمكن أن تفيد الجميع، هى تلك التى تتم بين القطاع الزراعى والمنظمات العاملة فى هذا المجال ، مثل منظمة الفاو وبرنامج الغذاء العالمى ومنظمات أخرى تهتم وتدعم المزارعين ولاةتكلفهم أى أعباء مالية .
فنحن الآن على اعتاب موسم زراعى ، والمزارع بالولاية أو (معظم المزارعين ) فى المشاريع المطرية،الآن فى أمس الحوجة للتمويل، خصوصا بعد أن حرموا لموسمين كاملين من الزراعة بسبب انتهاكات الجنجويد ، ونحن على علم بأن الفاو ومعها منظمات أخرى يمكن أن توفر هذا التمويل ، بدءاً من التحضير وتوفير التقاوى وغيرها.
وهذا الكلام بنيناه على تجربة ناجحة تمت فى ولاية كسلا، حيث دعمت بعض المنظمات الموسم المطري الماضى ،(وعلى رأسها الفاو) آلاف المزارعين بما فى ذلك الوافدين من سنار والجزيرة وسنجة(مجاناً)،مما زاد من المساحات المزروعة وحققت نجاحا وإنتاجية منقطعة النظير ، مما حسن من دخول المزارعين ومن يعملون معهم فى المزارع ، وأصبحت الاسعار فى متناول معظم الناس.
والسؤال هنا لماذا لا تطبق هذه التجربة الناجحة فى ولاية النيل الأبيض؟ ، فهذه أهم شراكة يمكن فعلا أن تحسن من معاش المواطنين ، لأنها ستشجع الكثير من المواطنين على الزراعة، فيتحسن دخلهم ومعاشهم من عائد الزراعة وتحدث وفرة فى المحاصيل، وبالتالى تنخفض اسعارها ، فيحدث تحسن فى معاش كل المواطنين، ويمكن أن تطبق مثل هذه الأفكار فى مجال الثروة الحيوانية أو اى مجال يمكن أن يمثل حل جذري للمشكلة.
إن الأفكار القديمة مثل مراكز البيع المخفض ، ضعيفة وغير ذات جدوى، وتستفيد منها فئة محدودة من المواطنين ، لأنها تطبق فى المدن فقط ، كما أن عدم ثبات الاسعار يعتبر معضلة كبيرة لها لا تستطيع الدولة أن تحلها .
ومن الأمور المهمة التى يجب أن نأخذها فى الاعتبار ، هى أن بعض قوانين الدولة وأوامرها المحلية مازالت تعتبر عبئا ثقيلا على السلع والمواطن ومرهقة ، لأنها ترفع أسعار السلع بالذات الضرورية بصورة مباشرة، فهى تفرض على التاجر ولكن فى النهاية يدفعها المواطن المسكين.
الفريق قمر الدين محمد والى ولاية النيل الأبيض أكد خلال مخاطبته المنتدى إهتمام حكومته بقضايا معاش المواطنين ، فإذا كان الأمر كذلك ، فأرى أنه يجب مراجعة الرسوم والجبايات المفروضة على السلع ، هل هى منطقية ؟، فهذا أقل شىء يمكن أن تفعله حكومة الولاية لتخفيف معاناة المواطنين ، وتحسين معاشهم ، فانسياب السلع يعيقه نقاط التحصيل الكثيرة والرسوم العالية على المحاصيل والضروريات.
المنتدى الأول لمناقشة قضايا معاش الناس (وهو شراكة مابين ديوان الحكم المحلى والمقاومة الشعبية بالولاية)، خطوة جيدة ، وكنا نتمنى أن تعمم الفكرة وتنقل إلى شمال الولاية ، بإقامة منتدى مماثل ، علما بأن هنالك الكثير من الخبراء والمهتمين والذين يمكن أن يقدموا أفكاراً تساهم فى حل قضايا معاش الناس، نحيى القائمين على المنتدى ونتمنى أن نرى توصياته واقعاً، وتجاوز إخفاقات مبادرات شبيهة قدمت فى سنوات سابقة .
القادم بوست