*دولة القانون* *معركة الجمل*
يؤجج الفتن ويصنعها الفاسدون ليخفوا معالم جرائمهم وأدلة الإدانة ليفلتوا من العقاب. ففي معركة الجمل، وقبل أن ينام الجيشان توصلا لصلح يقضي بأن ترجع عائشة والزبير للمدينة المنورة في مقابل تعهد علي بن أبي طالب بأن يقبض ويقتص من قتلة عثمان. في تلك الليلة، وأثناء نوم الجميع، عمد من قتلوا عثمان لجيش عائشة والزبير فقتلوا منهم مقتلاً.
بذات الطريقة مضوا لجيش علي بن أبي طالب فقتلوا نيامهم مشيعين وسط كل فريق أن الآخر نقض العهد. بهذه الفتنة دارت المعركة التي بسببها شاعت مقولة ” *الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها*”. المستفاد من تلك الحادثة لا يتوقف عند ما يسببه قتل نفس، ولو واحدة، من فساد، وإنما فيما ستخلقه أجواء الفتن من عواقب مجهولة المآلات والنتائج. نجاح الثورة ليس بعنفوانها وإنما بقدرتها تقديم قياداتها المؤمنة بمبادئها فتتخطى بفعلهم الجماعي صعوبات ما بعد النجاح على الدكتاتور. في كل ثوراتنا، أو بالأصح، انتفاضاتنا السابقة، نجحنا في التغلب على العسكر بينما فشلنا في تجاوز شح الأنفس واللا مسؤولة.
أي أننا هزمنا أنفسنا بتسلط بعضنا واختطافهم للثورة معتقدين أنهم سينجحوا بمفردهم. فالقيادة الأحادية لا يجوز لها أن تتوقع مباركة البقية لخطوة لا تقل فساداً عن سلوك الكوزنة.
بفعلهم الشائن، لا يدرك المختطفون أنهم يقدمون هدايا مجانية لأعدائها وزائدين حصار أنفسهم بمناصريها متوقعين منهم ملائكية ردة الفعل. معلوم أن الفرقة أخصب البيئات التي تتغذى عليها الفتن فتكون النتيجة الحتمية أن يوئد الثوار مشروعهم بأيديهم لا بأيدي سبأ.
ليس بمقبول أن يتذرع من يتصدى للمشهد بأن ينكر فشله ويلقي باللائمة على الفلول أو العسكر أو غيرهم. فأعداء الثورة، سواء قبل أو بعد نجاحها، معلومين بالاسم ومكان العمل وحتى الإمكانيات المادية والمعنوية.
فإذا كان العدو معلوم والتحدي واضح، فعلينا أن نعترف بفشلنا في وضع الخطط وتقديم الكفاءات القادرة على تجاوز المرحلة. مهما يكن من أمر، وحتى لا نغرق في المشكلة بعيداً عن الحلول يجب التذكير بأن الثورة ليست ملكاً لأحد، ولن يدفع الثمن من فشل أو أفشل. مع ذلك، فهذه ليست ساعة الملامة. إذ على الجميع أن ينخرطوا معاً من أجل حماية ثورتهم باختيار القيادة الواعية من بين المهنيين الذين كانت قروباتهم هي التي ألهبت الثورة فنجحت. بالله عليكم، ألسنا بقادرين على ترشيح ولو 3 أو 5 من كل قروب من القروبات الثورية، فيقدموا قيادة واعية خبرت بعضها بعضاً ومتأكدة من إمكانياتها وثوريتها؟ يا لجان المقاومة، يا محامو السودان، يا محامو الطوارىء، يا نقابة الصحفيين، يا تروس المهجر، يا أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، إلى متى ستنتظروا السماء لتمطر الذهب والفضة؟
د. عبد العظيم حسن المحامي
الخرطوم 13 أبريل 2023
التعليقات مغلقة.