الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون إنها الحرب

دولة القانون
إنها الحرب
في غضون أقل من أربع وعشرين ساعة استشهد ما لا يقل عن ستين سودانياً وسودانية أبرياء كما جرح عشرة أمثالهم من المدنيين العزل نتيجة حرب كانت كل الدلائل تشير إلى أنها ستندلع طالما وصلنا هذه المرحلة من دق الطبول. فبهذه الحشود المدججة كنا أمام ما يسمى في القانون بالشروع في الجريمة. أي تجاوز التحضير وبلوغ المرحلة التي لا يستطيع فيها الجاني التراجع عن فعله. أي أن القانون يساءل عن الشروع في الجريمة حتى ولو لم تترتب النتيجة التي قصدها المتهم وذلك بحسبان أن الجاني حتى وإن لم يتحقق مبتغاه إلا أنه بات جلياً أن تصرفه لم يعد يحتمل أي تأويل غير قصد ارتكاب الجرم. صحيح أن النتيجة لم تتحقق على أرض الواقع، لكن ذلك كان لسبب أجنبي خارج عن سيطرة المتهم، كأن يرمي شخص نفسه قصداً في بئر أو نهر ثم يأتي آخر فينقذه. فالمتهم بفعله يعتبر مرتكباً جريمة الشروع في الانتحار حتى وإن لم تحدث وفاته. كذا في جريمة الشروع في القتل لا يعد دفعاً أن يدعي المتهم أنه لم يقصد المجني عليه طالما أنه إطلق الرصاص عمداً.
بالطبع وراء كل حرب مؤجج قد يستفيد منها وقد لا تتحقق أمانيه الشريرة. قطعاً، الشعب السوداني هو المضرور الأوحد من هذه الحرب لكونها حرب بالوكالة أو بالأصح حرب مفروضة عليه من قيادة غير مرغوب فيها. الحقيقة التي يجب الاقرار بها أن قوات الشعب المسلحة وإن كانت غير راضية عن قيادتها مع ذلك فهي تقاتل لادراكها أن قوات الدعم السريع لا يجوز أن تحل محل قوات الشعب المسلحة أو أن تستلم لقيادة لا تقل خطرأً عن قيادة الجيش.
مهما طالت الحرب فإنها ستنتهي ولكنها ستترك واقع يجب الاستفادة منه. فالحرب اندلعت قبل أن تنتهي الفترة الانتقالية المترتبة على ثورة ديسمبر المجيدة. بسبب هذه الحرب سندخل فترة انتقالية أكثر تعقيداً بعد أن استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة والتكتيكات الحربية داخل المدن الأمر الذي سيزيد من عدد الضحايا. مهما يكن من أمر، فبعد كل التجارب المريرة السابقة والتي ستتجلى سنسمح بالإضافة للدكتاتورية العسكرية والمدنية غير المتوافق عليها أن تختطف المشهد وتقرر لوحدها في مصيرنا؟ بالطبع وقبل أن نلوم غيرنا، السؤال موجه لأنفسنا وكل المهنيين لفشلنا منذ قيام الثورة في اختيار نقاباتنا الشرعية أو حتى قيادة متوافق عليها من الفاعلين. بالله علينا وعليكم: من كانوا يمثلونا ويمثلوكم؟ هل اخترناهم أو اخترتوهم؟ على الرغم من أنهم فرضوا أنفسهم لماذا كنن نهمس ولم نواجه؟هل كانوا يرجعوا في القرارات المصيرية التي تم اتخاذها؟ ما لهم دور في هذه الحرب؟ هل كان بالإمكان تلافي تصرفاتهم لولا الصمت؟ هل كان معلوماً أن أعداء الثورة يخططون لهذه الحرب؟ هل نجحوا في تفتيت قوى الثورة لتبرير الحرب؟ بعد احرب إلى ماذا يخططون؟ وكم سيكون الثمن لو عادوا؟ هل يستحقوا أن يحكمونا؟ مهما كانت الصعوبات، هل ما زال ترياق الوحدة موجوداً لتلافي الأخطاء، وحتى إن وجد، فما السبيل لتحقيقه؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
16 أبريل 2023

التعليقات مغلقة.