لقاء مسرور بارزاني وقوباد طالباني.. بعد قطيعة
أربيل – استقبل رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني الاثنين نائبه
قوباد طالباني في لقاء هو الأول من نوعه بين الطرفين منذ قرار الاتحاد
الوطني الكردستاني تجميد عمله الحكومي ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء في الخريف الماضي.
وجاء اللقاء بين بارزاني وطالباني بعد أيام من وساطة قادها عدد من
أعضاء حكومة إقليم كردستان لإقناع الأخير بعودة فريقه الوزاري، وحل الخلافات السياسية ضمن أطر الحكومة.
وكان فريق الاتحاد الوطني الذي يقوده طالباني قرر تعليق نشاطه في حكومة كردستان،
متهما رئيس الحكومة المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بالاستفراد بالقرار، وتهميش محافظة السليمانية.
ويرى مراقبون أن الخلافات بين بارزاني وطالباني لا تخلو من خلفيات شخصية في
علاقة بسعي كل طرف فرض مسار معين للعمل الحكومي.
وذكر بيان لمكتب بارزاني أن الاجتماع جرى “في أجواء إيجابية، وتمت مناقشة
المشاكل المالية والإدارية التي تواجه حكومة إقليم كردستان، وتم الاتفاق على
حل جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية”.
وقال البيان إن اللقاء سلط الضوء على آخر مستجدات الوضع السياسي في
الإقليم والمنطقة، مع التأكيد على حماية التضامن والتآزر والوحدة الداخلية،
حفاظاً على المصالح الوطنية والحقوق الدستورية لمواطني إقليم كردستان.
ويرى مراقبون أن هناك حرصا من الحزب الديمقراطي على عودة فريق الاتحاد الوطني إلى الحكومة، كخطوة تمهيدية لتفكيك عقد الأزمة بين الطرفين، مشيرين إلى أن هذا الحرص من الحزب الذي يقوده الزعيم الكردي المخضرم مسعود بارزاني يعود إلى إدراكه بأن استمرار الوضع الراهن بات يؤثر بشكل كبير على استقرار الوضع السياسي في الإقليم، وبالتالي على وضعه.
ويشير المراقبون إلى أن الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الرئيسي الحاكم في
كردستان، يخشى من أن يجد نفسه في مواجهة أزمة دستورية، في حال فشل
في إقناع الاتحاد الوطني وباقي الطيف السياسي بالسير قدما في الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر المقبل.
واستقال سبعة نواب من حزب العدل الكردستاني الاثنين من برلمان الإقليم،
وسط مخاوف من أن تكر هذه الخطوة معها المزيد من الاستقالات الأمر الذي
سيزيد من إضعاف شرعية البرلمان، والذي يملك فيه الحزب الديمقراطي الأغلبية النيابية.
وقال النائب المستقيل عبدالستار مجيد في تصريحات لوسائل إعلام محلية
إن “7 نواب من حزب العدل الكردستاني في برلمان إقليم كردستان قدموا استقالاتهم نتيجة عدم إقامة الانتخابات الخاصة ببرلمان الإقليم في موعدها المقرر”.
وأضاف أن “حزب العدل يرى بأن البرلمان لا يحمل صفة شرعية نتيجة عدم
إقامة الانتخابات، وأيضا بسبب عدم انتخاب مفوضية جديدة تشرف على الانتخابات بمهنية ومستقلة”.
وكان من المفترض إجراء الانتخابات التشريعية في أكتوبر الماضي، لكن الخلافات حول قانون الانتخابات والهيئة العليا للانتخابات حالت دون ذلك ما أدى إلى تمديد عمل المجلس الحالي لعام كامل.
ومن المنتظر أن تنظر المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، في دعوى بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
ويرى متابعون أن إقرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية البرلمان، وهو أمر وارد، من شأنه أن يخلق أزمة مضاعفة في الإقليم، ويعزز الشكوك في شرعية باقي المؤسسات، وهو ما يسعى الحزب الديمقراطي اليوم لتلافيه من خلال محاولة تذويب الخلافات مع شريكه في الحكم الاتحاد الوطني.
وكان رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني عرض خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى بغداد على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن يتوسط في حل الأزمة بين الحزبين، فيما لم تظهر حتى الآن أي إشارات من الأخير حول استعداده لقبول العرض.
وقال بارزاني على هامش فعاليات منتدى العراق إن “عدم حضور الفريق الوزاري للاتحاد لا يخدم الحكومة، فعندما تكون ضمن الحكومة تستطيع أن تتحدث عن المشاكل وسبل حلها، أنا ورئيس حكومة الإقليم (مسرور بارزاني) طلبنا منهم العودة لحل تلك المشاكل”.
وشكك رئيس الإقليم في إمكانية انسحاب الاتحاد الوطني من الحكومة، قائلا إن “خروج الفريق الوزاري للاتحاد الوطني من حكومة إقليم كردستان غير صحيح، هذه وجهة نظري الشخصية، فالاتحاد شريك رئيسي في تشكيلها”.
ودعا بارزاني بغداد إلى “المساعدة في حل الخلافات مع الاتحاد الوطني”، مضيفا “أطلب من السوداني مساعدتنا في حل هذه المشكلة فهذا ليس في مصلحة إقليم كردستان ولا يخدم العراق أيضا”.
وقال عضو الاتحاد الوطني ديار عقراوي إن دعوة بارزاني للسوداني من أجل التوسط تعكس “تطور المشكلات بين الحزبين وتأزم الأوضاع، وأنه لم يعد باستطاعة رئاسة إقليم كردستان حلّ هذه المشكلات، ولهذا تم طلب التدخّل من السوداني”.
وأكد عقراوي في تصريحات صحفية أن “تزايد هذه المشكلات وعدم حل الخلافات القائمة بين الجانبين سيؤثران في الحياة اليومية للمواطنين في إقليم كردستان، وسينعكس ذلك سلبا على الواقع في بغداد”.
وأشار عضو الاتحاد الوطني إلى أن “الحزب يرحب بالمبادرات، خاصة إذا كانت من شخص رئيس الوزراء العراقي”، مؤكدا أن “جهات إقليمية ودولية عدة، بينها مساعدة وزير الخارجية الأميركية، بادرت للتوسط والجلوس مع الطرفين”.
وتشعر واشنطن بقلق بالغ إزاء التوترات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وما قد تنتهي إليه الأمور من انفراط عقد الوضع في الإقليم، وهو ما يتعارض ومصالحها في المنطقة.
ويرى المراقبون أن الضغط حاليا يبدو منصبا أكثر على الحزب الديمقراطي الذي سيكون عليه تقديم تنازلات للاتحاد الوطني من أجل ضمان سيطرته على الإقليم، مشيرين إلى أن أي خلاف سيعني مواجهته لوضع استثنائي في علاقة بشرعية المؤسسات التي يتحكم بها، فضلا عن تنامي حالة الغضب في الأوساط الشعبية التي باتت تطالب بإنهاء حكم العائلات.
التعليقات مغلقة.