الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون متى تتوقف الحرب [1]

دولة القانون
متى تتوقف الحرب [1]
الزلازل والبراكين والفيضانات والأوبئة كوارث لا تقل فتكاً عن الحروب. مع ذلك تظل مصيبة الحرب الكارثة الوحيدة التي يصنعها الإنسان، فتغيب الحقيقة ويسود الخداع. لما تتيحه من تقاطعات في المصالح المحلية والأجنبية تعتبر الحروب أسوأ الوسائل لحل الأزمات السياسية. مهما تعالى الصراخ أو تزايد الضحايا، بكل أسف، لا يعتد بهم لتحديد السقف الزمني لوقف الحرب. فصناع الحروب، ولتحقيق أعلى المكاسب، لا ينظرون للضحايا إلا قرباناً أو وسائل ضغط أو دروعاً. بإسقاط النظرية على حرب الجنجويد، أو ما يجوز أن نطلق عليهم مغول العصر، فإن تحديد الأطراف ومصلحتهم تظل حصراً المسائل الجوهرية التي أدت للحرب وقد توقفها. فالحروب وإن كانت توحد الشعوب ولو على حد أدنى من الثوابت الوطنية إلا أن التنازع المفضي للفشل، سواء قبل أو أثناء وحتى بعد هذه الحرب، يوفر البيئة الكافية لتستمر أو يطول أمدها.
لأي حرب هدف أو أهداف سياسية ترتبط وجوداً وعدماً بأطرافها سواءً أكانوا معلومين أو محرضين من خلف الكواليس أو حتى منتفعين من غنائمها المادية والمعنوية. فحرب الجنجويد التي تراكمت حلقاتها تعتبر نتيجة حتمية لفشل النخب السياسية في تقديم خطة بديلة للعملية السياسية أو ما عُرف بالاتفاق الإطاري الذي لم يخف قادته بأن دونه الحرب والدمار. بالطرق على الطار والنفخ على الغبار فالنتيجة أن يغامر منتحر بدعوى الديمقراطية فيشعلها حرباً ضروساً لا تبقي ولا تذر. بلا كثير جدال، هذه الحرب لم ولن تتوقف إلى أن يتم، بكل أسف، توافق محلي وأجنبي على أهداف من أشعلوها أو أن يدرك المتحاربون ألا جدوى منها. فأطراف هذه الحرب لا يجوز حصرهم في المتصارعين ميدانياً كقوات الشعب المسلحة أو الدعم السريع وإنما يعتبر طرفاً أصيلاً كل ألوان الطيف السياسي سواءً أكانوا من الموقعين أو غير الموقعين أو حتى الرافضين للاتفاق الإطاري. على ذات الصعيد كان من الفاعلين معسكر الشارع الذي تُمثله لجان المقاومة. الأخيرة بدورها كانت منقسمة لثلاث مجموعات منها من هم ضد الإطاري وفريق معه بينما الثالثة مجموعة مترددة أو بالأصح حائرة. ما تجدر الإشارة إليه، أنه وعلى الرغم من الانقسام الظاهري بين لجان المقاومة إلا أن معظمها كانت تعتقد جازمة أن البرهان لن يسلّم السلطة نزولاً لأي عملية سياسية. ما يقال عن لجان المقاومة يسري على القطاع الأكبر من المهنيين غير المنتمين حزبياً والذين هم بالضرورة خارج تجمع المهنيين السودانيين منذ انقسامه لشطرين أحدهما منحاز للجذريين والآخر مع مركزي الحرية والتغيير. وبحكم أن الثورة ما قامت إلا لإسقاط المؤتمر الوطني فإن قرار حل هذا الحزب جعل فلوله بمعسكر قائم بذاته. من المعسكرات أو الأطراف الأساسية في هذه الحرب المجتمعين الإقليمي والدولي. بغض النظر عن الموقف من قيادتهم فهناك طرف أصيل في هذه الحرب يتمثل في قواعد المحاربين من ضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة من جانب وضباط وجنود قوات الدعم السريع من جانب آخر. غني عن البيان أن أهم أطراف هذه الحرب الأغلبية الصامتة من عامة السودانيين والسودانيات. فهولاء الضحايا على جماجمهم وأموالهم وأعراضهم ستتم التسوية بين الأطراف التي أوقدت هذه الحرب. من خلال هذا السرد سوف لن يقتصر نقاشنا عن متى ستتوقف هذه الحرب شكلاً وإنما تحديد مصلحة كل طرف وما إذا كان من المتوقع أن تتوقف بانتصار عسكري على الأرض مهما كانت كلفته أو بعملية سياسية حقيقية تعالج أسباب الحرب. ونواصل.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
14 مايو 2023

التعليقات مغلقة.