جريدة مصرية : هل يصمد البرهان؟
خالد محمد علي
كشفت الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاؤها عن خطة استهداف السودان، والقضاء على جيشه، ومؤسساته المدنية والعسكرية، وبات واضحًا أن العقوبات الأمريكية هي المدخل، والهدف الرئيسي للقضاء على كل مؤسسات الدولة، حيث تضمنت العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي على الصناعات العسكرية السودانية التي تقوم بتصنيع كل ما يلزم الجيش السوداني من ذخيرة وأسلحة خفيفة وطائرات مسيرة وعربات ومدرعات، وقد اختارت الإدارة الأمريكية بعناية تلك الصناعات التي تشكل قلب وروح الجيش السودان، كما أضافت إليها شركة ماستر تكنولوجي، وهي أيضًا أهم الشركات التي تزود الجيش السوداني بالتقنيات الحديثة..
ويلاحظ المراقبون أن الاستهداف الأمريكي جاء بقصد القضاء على تلك الصناعات التي تحدى بها السودان الحصار الأمريكي- الأوروبي الذي استمر أكثر من 30 عامًا في عهد البشير، واستغلت الإدارة الأمريكية الحرب الدائرة مع قوات التمرد بزعامة حميدتي للتخلص من تلك الصناعات الناشئة التي نجح السودانيون بها في اختراق الحصار المحكم أمريكيًّا وغربيًّا.
وفيما وصف بأنه محاولة للخداع والتضليل فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركتين تابعتين للدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي) وهما شركة الجنيد التي تضم 11 شركة تعمل في استخراج المعادن والذهب والعقارات والاستيراد والتصدير وتربية، وتصدير اللحوم وأنشطة مختلفة، وهذه الشركة يمتلكها قائد التمرد محمد حمدان دقلو وأخوه عبد الرحيم إضافة إلى شركة تريدف التي تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة والتقنيات الحديثة وتتخذ من دولة الإمارات مقرًّا لها، ويملكها القوني دقلو الشقيق الأصغر لحميدتي، وفي هذا الاتجاه لم يعد لشركتي الدعم السريع أي نشاط، أو قيمة مادية بعد قيام فريق أول عبد الفتاح البرهان بإصدار قرار بتجميد أموال، وحسابات الشركتين، وإحالة جميع ممتلكات الدعم السريع إلى ملكية الدولة.
وهكذا يتضح أن جميع العقوبات الأمريكية موجهة ضد الدولة السودانية، ومؤسساتها العسكرية والصناعية والتجارية، وجاءت العقوبات الأمريكية سريعة، وشاملة للرد على محاولات الجيش السوداني وقف مهزلة الهدن القتالية السبعة التي كانت ترعاها واشنطن، والرياض وكانت تسمح لقوات التمرد بالسيطرة على مؤسسات الدولة، وممتلكات الأفراد والتوسع في العاصمة الخرطوم مع فتح ثغرات لاحتلال مطاري الخرطوم والأُبيض في الجنوب لتلقي الدعم العسكري من الدول التي تساعد التمرد.
وتوافقًا مع الخطة الأمريكية أصدر مجلس الأمن، بضغط أمريكي أوروبي، قرارًا نهاية الأسبوع الماضي بتمديد عمل بعثة الأمم المتحدة في السودان لمدة 6 أشهر أخرى، وتجديد الثقة في المبعوث الأممي فولكر بريتس، وهو ما يخالف الأعراف، والقوانين الدولية التي تشترط موافقة الدولة المعنية على عمل بعثة الأمم المتحدة بها.
وفي سابقة غريبة تخطط الولايات المتحدة الأمريكية مع المنظمة الدولية لعمل فولكر بريتس في الملف السوداني من خلال دول الجوار خاصة إثيوبيا المعادية للسودان، وهو ما يعد فرض وصاية أمريكية بغطاء دولي على البلاد، ومحاولة صناعة مستقبلها، وتقرير مصيرها ضد إرادتها، وضد سيادتها وأمنها القومي حيث رفض السودان تجديد ولاية فولكر بريتس واعتباره شخصًا غير مرغوب فيه، ولكن تمسك به الأمين العام للأمم المتحدة بضغوط أمريكية مباشرة وضمن التحديات الخارجية التي تواجه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان هو انخراط دول عربية وإقليمية في الخطة الأمريكية مما جعل التحدي السوداني يمر بظروف قاسية جدًّا، وهكذا تتضح الصورة جلية في السودان الآن حيث يتحرك البرهان والجيش السوداني بانتزاع استقلال وسيادة البلاد من أيادٍ متعددة، منها ما هو داخلي، وتمثله قوات التمرد، ووكلاء أمريكا في الداخل، ومنها ما هو خارجي ويمثله تحالف أمريكي أممي إقليمي يشهر سيف العقوبات التي تخنق الشعب والجيش السوداني، ويهدد أيضًا بالتدخل العسكري، وهي مخاطر كبيرة لم يمر بها السودان من قبل، وتحتاج إلى إعادة الوعي للأمة العربية كي تنتفض، وتقف إلى جانب الشعب الشقيق السوداني حتى تمنع لحاقه بركب العراق وسوريا واليمن وليبيا.
جريدة الاسبوع المصرية – صحيفة يراس تحريرها مصطفى بكري
التعليقات مغلقة.