الايام نيوز
الايام نيوز

موسوعة السوابق القضائية المدنية السودانية

شركة ساتك انترناشونال طاعن ضد الشركة السودانية للترحيل الجوي مطعون ضدهم النمرة : م ع / ط م/ 18 /1994م

(إن مؤدي نص المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية هو أنه لا يجوز قبول دعوى للفصل في نزاع لا يزال قيد النظر أمام محكمة مختصة وعبارة محكمة تعني المحكمة المدنية دون الجنائية)
…………….
المحكمة العليا
القضاة :
سعادة السيد / علي يوسف الولي قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد / محمد سر الختم ماجد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد / محمد صالح يوسف قاضي المحكمة العليا عضواً
مجلة الاحكام 1994

الأطراف :
شركة ساتك انترناشونال طاعن
ضد
الشركة السودانية للترحيل الجوي مطعون ضدهم
النمرة : م ع / ط م/ 18 /1994م
المبادئ:
إجراءات مدنية – النزاع قيد النظر – أمام المحكمة المختصة – المقصود – المحكمة المدنية – المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية 1983م
إجراءات جنائية – السلطة المدنية للمحكمة الجنائية في التعويض عن الضرر المترتب على الجريمة – لا تمارس في وجود دعوى مدنية في نفس الموضوع ما لم يتنازل عنها لدي المحكمة الجنائية – المادة 204 قانون الإجراءات الجنائية 1991م
2 – إن مؤدي نص المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية هو أنه لا يجوز قبول دعوى للفصل في نزاع لا يزال قيد النظر أمام محكمة مختصة وعبارة محكمة تعني المحكمة المدنية دون الجنائية

1 – إن مؤدي نص المادة 204 من قانون الإجراءات الجنائية هو أنه يمتنع على المحكمة الجنائية صاحبة السلطة الاستثنائية في التعويض عن الضرر المترتب على ألفعل الجنائي يمتنع عليها ممارسة هذه السلطة إذا كانت هنالك دعوى مدنية تتعلق بالمطالبة بنفس التعويض ما لم يتم التنازل عن الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية
ملحوظة المحرر:
خالف الحكم قضاء المحكمة العليا في قضية بنك الخرطوم ضد محمد علي الباهي 1069 / 1992م ( غير منشورة ) والتي قضت بالأغلبية أنه لا يجوز رفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر المترتب على ألفعل الجنائي محل الإجراءات الجنائية إلا إذا تخلي المضرور عن الإجراءات الجنائية
المحامون :
الأستاذ / عبد الرحمن محمد علي سليمان عن الطاعنة
الحكـــــم
القاضي : علي يوسف الولي :
التاريخ : 10 /10 / 1994م
هذا طعن بالنقض رفعه لهذه المحكمة العليا المحامي عبد الرحمن محمد علي سليمان نيابة عن الطاعنة شركة ساتك انترناشونال ضد حكم محكمة استئناف الخرطوم الذي قضي بإلغاء حكم محكمة الخرطوم الجزئية القاضي بشطب الدعوى في مواجهة الطاعنة المذكورة ( المدعي عليها الثانية ) والذي أمر بإعادة أوراق الدعوى المدنية رقم 2653 /1992م إلي المحكمة الجزئية مرة أخري لموالاة السير فيها
نوجز الوقائع موجزاً غير مخل بأن الطاعنة ( المدعي عليها الثانية ) المذكورة دفعت أثناء سير الدعوى رقم 2653/93 دفعاً مبدئياً بأن المطعون ضدها ( المدعية ) الشركة السودانية لترحيل الحبوب والتجارة والخدمات قد قامت بفتح بلاغ جنائي ضدها بالرقم 2208/1992م تحت المادة 178 من القانون الجنائي 1991م بتاريخ 16 / 11 / 1992م وبما أن الشاكية في ذلك البلاغ هي نفس المدعية في الدعوى المدنية المذكورة فتطلب الطاعنة من المحكمة الجزئية شطب الدعوى في مواجهتها كمدعي عليها ثانية وذلك بموجب المادة 204 (أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م
قضت المحكمة الجزئية بشطب الدعوى رقم 2653 / 1992م في مواجهة المدعي عليها الثانية ( الطاعنة ) وجاء في حيثيات حكمها ما يلي :
هل وجود الدعوى الجنائية يمنع أصلاً من إقامة دعوى مدنية في نفس الموضوع ) إن المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية تحتمل معني أن تكون الإجراءات التي تمنع قبول دعوى مدنية جديدة – إجراءات جنائية إذ أنها تشير إلي ( نزاع قيد النظر أمام محكمة مختصة ) ولا شك أن النزاع إن كان المفهوم منه في معرض الإجراءات المدنية هو النزاع المدني – لا يقتصر على النزاع المدني وحده وإنما يمتد بالمدلول العام للعبارة للمسائل الجنائية خاصة في ضوء ما تنص عليه المادة 57 من قانون الإثبات التي تقضي بأن يرتبط القاضي بما فصل فيه في الدعوى الجنائية كما أن مؤدي نص المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية هو أنه لا يصح رفع دعوى مدنية بالتعويض عن الضرر الذي يكون محل إجراءات جنائية إلا بعد التخلي عن الإجراءات الجنائية وواضح أن السبب في هذه القاعدة هو أن المحاكم الجنائية أصبحت مختصة بالفصل في المسائل المدنية الناشئة عن الأفعال التي تشكل جنايات
أنظر إلي قضاء المحكمة العليا السابقة غير منشورة :
علي محمد الباهي /ضد/ بنك الخرطوم
م ع / ط م / 1069 / 1992م
وما ينبغي النظر إليه بشأن البلاغ المقدم اتحاد موضوعه وأطرافه والخصومة فيه مع الدعوى المدنية المقيدة أمامنا وفي حالة عدم التخلي عن الإجراءات الجنائية نجد بالضرورة شطب الادعاء في مواجهة المدعي عليه الثاني أمامنا) عند الاستئناف لمحكمة الاستئناف قضت بإلغاء حكم المحكمة الجزئية ولقد ورد في مذكرة الطعن ما يلي :
” انبنى الدفع الأساسي الذي قامت بموجبه محكمة الموضوع الموقرة بشطب الدعوى على منطوق المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م والتي قضت بأنه لا يجوز لمضرور إقامة دعوى أخري للمطالبة بذات الضرر أمام المحكمة ما لم يتنازل عن الدعوى المدنية التي أقامها للمطالبة بهذا الضرر والقصد الأساسي من هذه الدعوى هو منع ازدواجية التقاضي وعدم شغل المحاكم والخصوم بدعاوى واحدة متشابهة تطالب بحق واحد “
تأكدت محكمة الموضوع الموقرة بعد مكاتبتها للمحكمة الجنائية من وجود بلاغ جنائي بالقسم الأوسط تحت الرقم 2208 / 29 تم فتحه بتاريخ 16 /11 / 1992م تحت المادة 187 من القانون الجنائي سنة 1991م
وبما أن المحاكم الجنائية أصبحت وفقاً لهذا القانون مختصة بالفصل في المسائل المدنية الناشئة عن الأفعال التي تشكلها جنايات لهذا قامت المحكمة المدنية بشطب الدعوى التي أمامها تطبيقاً لروح القانون وتوحيداً للتقاضي أمام محكمة مختصة واحدة فهي بهذا لم تخطيء ولم تأت بما يخالف القانون
إن البلاغ رقم 2208 / 92 المفتوح بالقسم الأوسط بالخرطوم بتاريخ 16/11/1992م والذي تم بموجبه القبض على المدعي عليه في ذات الدعوى المدنية المشطوبة هذا البلاغ لا يزال قيد النظر ولم يتم شطبه أو التنازل عنه فما معني القانون وماذا يعني التشريع إذا لم يتم التقيد بروحه وما جدوى المادة 204 من قانون الإجراءات الجنائية التي رمت إلي منع الازدواجية في التقاضي
الأســــباب
لقد أعلنت الطاعنة بالحكم المطعون فيه بتاريخ 6 / 1 / 1994م وقامت برفع هذا الطعن بهذه المحكمة العليا بتاريخ 8 / 1 /1994م ومن ثم فيتعين قبول هذا الطعن من حيث الشكل لأنه رفع خلال القيد الزمني المحدد قانوناً لرفعه
ولكن من حيث الموضوع فاني أري رفض هذا الطعن وعدم قبوله إيجازيا دون حاجة بنا لرد المطعون ضدها على مذكرة الطعن لأن الطعن بات لا أمل في نجاحه البته
إن قرار المحكمة الجزئية بشطب الادعاء في مواجهة الطاعنة ( المدعي عليها الثانية ) في الدعوى رقم 2653/92 استناداً لنص المادة 204 (أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م جاء مخالفاً للقانون
إن المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية تنص كالآتي :
” عند ممارسة المحكمة لسلطاتها في الحكم بالتعويض ودون إخلال بأحكام الدية تراعي المحكمة الآتي :
أ ) لا يجوز لمضرور أقام دعوى مدنية بالتعويض عن ضرر مترتب على الجريمة المطالبة بالتعويض عن ذات الضرر أمام المحكمة ما لم يتنازل عن تلك الدعوى “
معلوم أن المحكمة المدنية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر دعاوى التعويض فقد منحت المادة أعلاه محكمة الجنايات سلطة الحكم بالتعويض استثناء بموجب القضية الجنائية فيجوز للمضرور أن يفتح بلاغاً ضد الجاني ويطالب أمام محكمة الجنايات بتعويض عن الضرر المترتب على الجريمة ” وفي نفس الوقت يجوز له أن يرفع دعوى مدنية أمام المحكمة المدنية مطالباً بتعويض عن الضرر الذي سببه له الجاني بذلك ألفعل فليس في القانون ما يمنع المضرور أن يسلك السبيلين الجنائي والمدني للحصول على التعويض عن الضرر الذي حاق به في وقت واحد كما يجوز له أن يختار طريقاً دون الآخر
فالمشرع في المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م يطالب محكمة الجنايات صاحبة السلطة الاستثنائية وليست المحكمة المدنية صاحبة السلطة الأصلية في الحكم بالتعويض عن الضرر بالا تنظر في مطالبة المضرور بالتعويض في القضية الجنائية عن الضرر المترتب على ألفعل الجنائي إذا كانت هنالك دعوى مدنية أمام المحكمة المدنية تتعلق بالمطالبة بالتعويض عن نفس الضرر إلا إذا تنازل المضرور أمام محكمة الجنايات عن الدعوى المدنية وبالطبع إذا لم يتنازل المضرور عن الدعوى المدنية فإن محكمة الجنايات لا تستطيع ممارسة سلطاتها الاستثنائية في الحكم بالتعويض وسوف تكتفي بمعاقبة المتهم حسب جريمته في حالة إدانته تاركة النظر في أمر التعويض للمحكمة المدنية في الدعوى المرفوعة أمامها والتي أصر المضرور على عدم التنازل أو التخلي عنها أمام محكمة الجنايات والغاية التي توخاها الشارع من هذا النص هي عدم تكرار الدعاوى في التعويض عن نفس الضرر الواحد أمام مختلف المحاكم الجنائية والمدنية
فإذا كانت القضية الجنائية والدعوى المدنية مرفوعتين الأولي أمام محكمة الجنايات والثانية أمام المحكمة الجزئية ( المحكمة المدنية ) في آن واحد بالمطالبة بالتعويض المترتب على نفس الضرر فلا بد أن يتنازل المضرور ( الشاكي ) أمام محكمة الجنايات عن الدعوى المدنية كشرط مسبق لاستمرار محكمة الجنايات في القضية الجنائية
ومن الجانب الآخر يجب على المحكمة المدنية صاحبة السلطة الأصلية في الحكم بالتعويض ألا تشطب الدعوى بالتعويض المرفوعة أمامها بسبب أن المدعي لم يتنازل أمامها عن الدعوى الجنائية بالتعويض المرفوعة أمام محكمة الجنايات صاحبة السلطة الاستثنائية في الحكم بالتعويض
فباستقراء نص المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م يتضح بجلاء أن المقصود بكلمة ” المحكمة ” هي محكمة الجنايات يمتنع عليها السير في القضية الجنائية المطالب فيها بالتعويض طالما أن هنالك دعوى مدنية مرفوعة أمام المحكمة المدنية لم يتنازل أو يتخلى عنها المضرور أمام محكمة الجنايات
وفي تقديري أن المحكمة العليا ( الأغلبية ) في قضية بنك الخرطوم ضد علي محمد الباهي م ع / ط م / 1069 / 1992م ( غير منشورة ) قد جانبها التوفيق في تفسيرها لنص المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م حيث قضت بأنه لا يجوز رفع دعوى مدنية بالتعويض عن الضرر الذي يكون محل إجراءات جنائية إلا إذا تخلي المضرور عن تلك الإجراءات الجنائية فقالت المحكمة العليا في حيثيات حكمها ما يلي : –
أن مؤدي نص المادة 204(أ) من قانون الإجراءات الجنائية هو أنه لا يصح رفع دعوى مدنية بالتعويض عن الضرر الذي يكون محل إجراءات جنائية إلا بعد التخلي عن الإجراءات الجنائية وذلك لأن التخلي أو التنازل المقصود في المادة المذكورة هو عن الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة المدنية وليس عن الإجراءات الجنائية المرفوعة أمام محكمة الجنايات وفي تقديري أن التخلي أو التنازل عن الدعوى المدنية يجب أن يتم أمام محكمة الجنايات حتى يمهد لها المضرور الطريق للنظر في الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالتعويض وفي ذلك نتفق مع الرأي المخالف في قضية بنك الخرطوم ضد علي محمد الباهي المشار إليها آنفاً حيث أن إجراءات التخلي أو التنازل عن الدعوى المدنية المرفوعة لدي المحكمة المدنية يجب أن تتم أمام محكمة الجنايات – جاء في الرأي المخالف ما يلي :
كلما هنالك أنه لمحكمة الجنايات أن تقوم بتطبيق المادة 204(أ) على نفسها إذا ما تيقنت من توفر شروطها لأن أمام المحكمة يعني محكمة الجنايات المطروح أمامها الدعوى الجنائية وهذا واضح من اسم الإشارة الوارد في ذيل ألفقرة ( تلك ) وهذه ألفقرة أدخلت استثناء في الإجراءات الجنائية لأن القاعدة العامة هي أن جبر الضرر من اختصاص المحاكم المدنية أصلاً
ففي هذه القضية التي بين أيدينا قد ثبت وجود بلاغ جنائي بالقسم الأوسط الخرطوم تحت رقم 2208/1992م تم فتحه بتاريخ 16 / 11 / 1992م تحت المادة 187 من القانون الجنائي سنة 1991م ولكن لم يثبت أن المدعية (المطعون ضدها ) طالبت بالتعويض في ذلك البلاغ الذي ما زال قيد التحري وعلي أية حال عند تقديم ذلك البلاغ للمحاكمة أمام محكمة الجنايات والذي طالبت فيه المدعية في هذه الدعوى رقم 2653/1992م بالتعويض عن نفس الضرر الذي تطالب بالتعويض عنه في هذه الدعوى فيجب على محكمة الجنايات ألا تستمر في إجراءات الحكم بالتعويض ما لم تتنازل أمامها المدعية عن الدعوى المدنية المذكورة
فكان ينبغي أن يرفع الدفع المبدئي بضرورة التنازل أو التخلي عن الدعوى المدنية رقم 3562/ 1992م في مواجهة الطاعنة أمام محكمة الجنايات في تاريخ محاكمة البلاغ رقم 2208 / 1992م
عليه فإن قرار المحكمة الجزئية بشطب الدعوى رقم 2653/ 1992م في مواجهة الطاعنة جاء مخالفاً للقانون مما يتعين إلغاؤه
أيضاً إن قرار المحكمة الجزئية بشطب الادعاء في مواجهة الطاعنة ( المدعي عليها الثانية ) في الدعوى رقم 2653 /1992م استنادا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م ونص المادة 57 من قانون الإثبات سنة 1983م جاء مخالفا للقانون أيضاً
فالمادة 30 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م تنص كالآتي :
” لا يجوز قبول دعوى للفصل في نزاع لا يزال قيد النظر أمام محكمة مختصة “
فهذا النص صريح في أنه لا يجوز قبول دعوى للفصل في نزاع لا يزال قيد النظر أمام محكمة مختصة وعبارة ( محكمة ) جاءت لتعني المحكمة المدنية دون المحكمة الجنائية فوجود دعوى جنائية لا يمنع – كما ارتأت المحكمة الجزئية – إقامة دعوى مدنية في نفس الموضوع ولكن النص يعني عدم قبول دعوى مدنية سبق قيدها أمام محكمة مدنية أخري مختصة “
ففي قضية حكومة السودن ( البريد والبرق ) ضد زكريا محمد أحمد مجلة الأحكام القضائية سنة 1976م ص 250 قضت المحكمة العليا بأن وجود بلاغ جنائي قيد النظر لا يمنع قبول دعوى مدنية في نفس الموضوع فالإجراءات الجنائية أما محاكم الجنايات ليس بالدعاوى أمام المحاكم المدنية ومن ثم فإن وجود البلاغ رقم 2208 / 1992م لا يمنع من قبول الدعوى رقم 2653 / 1992م التي بين أيدينا وقد ورد في الرأي المخالف من قضية بنك الخرطوم ضد علي محمد الباهي المشار إليها سابقاً ما يؤيد هذا النظر فيما يلي :
إن نص المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية لم يرد مطلقاً بحيث يمكن أن يقول أنه يشمل الإجراءات الجنائية بل ورد مقيداً بالمادة 3 /1 من ذات القانون مما يعني أن ما ورد بين دفتي قانون الإجراءات المدنية ينطبق على المسائل المدنية ومسائل الأحوال الشخصية حتى لو اتحد الأطراف والخصومة ليس هنالك ما يمنع من رفع دعوى مدنية مع وجود دعوى جنائية في نفس الموضوع خاصة وأنه من المعلوم أن طبيعة بعض الدعاوى المدنية يمكن أن تكون المسؤولية فيها مزدوجة كما أري أن تقدير الأدلة وتقييمها يختلفان في الدعوتين الجنائية والمدنية
لم أجد سبباً لإقحام المحكمة الجزئية بالمادة 57 من قانون الإثبات سنة 1983م في هذا النزاع الذي بين أيدينا فإذا أرادت أن تقول بقاعدة حجية الأحكام الجنائية على الأحكام المدنية فما كان ينبغي لها ذلك لأنه ليس هنالك حكماً جنائياً في البلاغ 2208 / 1992م حيث أنه ما زال قيد النظر في مراحل التحريات أو أمام محكمة الجنايات ولأن المادة المذكورة نفسها لا تعني حجية الأحكام الجنائية على الأحكام المدنية وهي تنص على الآتي :
(يرتبط القاضي في المعاملات بالحكم الجنائي في الوقائع التي فصل فيها ذلك الحكم وكان فصله فيها ضرورياً )
فقد حرمت المادة 57 من قانون الإثبات سنة 1983م على المحاكم المدنية عند الفصل في الدعوى المدنية أن تعيد النظر فيما أثبتته محكمة الجنايات في حكمها من وقائع بشرط أن تكون الوقائع التي يحتج بها بمقتضي ذلك الحكم الجنائي قد فصل فيها ذلك الحكم الجنائي حقيقة وبشرط أن يكون فصل ذلك الحكم الجنائي في تلك الوقائع ضرورياً له بحيث لا يعتبر تعرضه لها مجرد تزايد منه ولقد ورد في كتاب قانون الإثبات وما عليه العمل في السودان مقارناً بالإنجليزي والمصري والهندي للدكتور البخاري عبد الله الجعلي على صفحتي 360 و 361 ما يؤيد هذا النظر فيما يلي :
العديد من الجرائم الجنائية يمكن أن ينشأ عنها ضرر لبعض الأشخاص وبما أن الدعوى الجنائية تختلف اختلافاً أساسياً عن الدعوى المدنية من حيث اختلاف الخصوم واختلاف الموضوع فليس من المتصور أن يكون الحكم الصادر في أي من الدعوتين حجة في الدعوى الأخرى وفي ذات الوقت ليس سائغاً أن تحكم المحكمة الجنائية بإدانة معينة ثم تأتي المحكمة المدنية فتقضي برفض دعوى التعويض باعتبار أن الإدانة لم تكن صحيحة
لما تقدم من أسباب مجتمعة فاني أري تأييد حكم محكمة الاستئناف القاضي بإلغاء حكم المحكمة الجزئية وبإعادة أوراق الدعوى رقم 2653 / 1992م إلى المحكمة الجزئية مرة أخري لموالاة السير فيها ومن ثم أري شطب هذا الطعن إيجازياً برسومه
القاضي : محمد سر الختم ماجد :
التاريخ : 6 / 12 / 1994م
أوافق الأخ العالم علي يوسف الولي على مذكرته الضافية التي لا تحتاج إلي أي إضافة
القاضي : محمد صالح يوسف :
التاريخ : 8 / 12 / 1994م
أتفق تماماً مع زميلي العالم مولانا علي يوسف الولي في الأسباب والنتيجة التي توصل إليها فقد أوفي الموضوع حقه بما لا يحتاج إلي مزيد

جبر الضرر باعتباره حقاً مدنياً من صميم ((إختصاص المحكمة المدنية أصلاً وقد جاء إختصاص المحكمة الجنائية إستثناءً فدعوى إشانة السمعة التي هي من دعاوى التعويض عن الضرر الأدبي ليس بالضرورة لكي تكون منتجة أن يتحصل المضرور – مسبقاً – علي حكم جنائي أو إدانة جنائية لمرتكب الفعل الضار إن عدم إقامة دعوى جنائية لا يمنع إقامة دعوي مدنية للمطالبة بالتعويض للضرر))
__
بسم الله الرحمن الرحيم

المحكمة العليا

القضاة :

سعادة السيد / علي يوسف الولي قاضي المحكمة العليا رئيساً

سعادة السيد / عبد الرحمن علي صالح قاضي المحكمة العليا عضواً

سعادة السيد / أحمد عبد الرحمن علي قاضي المحكمة العليا عضواً

الأطراف :

عثمان علي محمد الطاعن

// ضد //

حامـــد محمـود مطعـون ضده

النمرة : م ع / ط م/ 77 / 1996 م

المبادئ:

قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 م – السلطة المدنية للمحكمة الجنائية – المادة 402 ق·إ·ج

جبر الضرر باعتباره حقاً مدنياً من صميم إختصاص المحكمة المدنية أصلاً وقد جاء إختصاص المحكمة الجنائية إستثناءً فدعوى إشانة السمعة التي هي من دعاوى التعويض عن الضرر الأدبي ليس بالضرورة لكي تكون منتجة أن يتحصل المضرور – مسبقاً – علي حكم جنائي أو إدانة جنائية لمرتكب الفعل الضار إن عدم إقامة دعوى جنائية لا يمنع إقامة دعوي مدنية للمطالبة بالتعويض للضرر

المحامون :

الأستاذ / يحيي هاشم عـن الطاعن

الحكـــــم

القاضي : علي يوسف الولــي

التاريـخ : 25 /3 / 1998م

هذا طعن عن طريق النقض رفعه لهذه المحكمة العليا المحامي يحي هاشم نيابة عن الطاعن عثمان علي محمد ضد حكم محكمة إستئناف ولاية شمال دارفور المؤيد لحكم محكمة الفاشر الجزئية القاضي بشطب دعوي الطاعن

نوجز الوقائع إيجازاً غير مخل ودون أسهاب ممل في أن الطاعن عثمان علي محمد بتاريخ 31/1/1995م أقام الدعوي رقم 130/1995 لدي محكمة الفاشر الجزئية في مواجهة المطعون ضده حامد محمود فحواها أنه يعمل ميكانيكياً بمدينة الفاشر 24 عاماً ويتمتع بسمعة حسنة وطلب المطعون ضده منه تصليح عربة وقام الطاعن بإصلاحها وتسلمها المطعون ضده في حينها أمام جمع من الناس أساء المطعون ضده الطاعن وتضرر الطاعن من جراء ذلك في سمعته ومكانته كصاحب ورشة وميكانيكي

عليه طلب الطاعن من المحكمة الحكم له بمبلغ مليون جنيه عبارة عن تعويض من المطعون ضده عام وخاص من جراء إساءة المطعون ضده له

بعد أن صاغت المحكمة الجزئية نقاط النزاع وإستمعت إلي قضية الإدعاء قضت بشطب الدعوي وجاء في الأسباب ما يلي :

(( ما قدم كافٍ لشطب هذه الدعوى حيث فوت المدعي حقه في البلاغ في إشانة السمعة والمحكمة المدنية غير مختصة وفقاً لنظرية المسؤلية التقصيرية لأن المحاكم المدنية مسؤليتها تكون في حالة المسئولية التقصيرية وليس الأضرار المعنوية التي تحدث من الكلام بالتفوه وهذا محله البلاغ الجنائي اشانة السمعة وليست المحاكم المدنية الضرر المعنوي من الأضرار غير المحسوسة التي يصعب جبرها بالنقود وفقاً لقانون المسؤلية التقصيرية وتحديد ذلك بالتعويض والضرر وطالما فوت المدعى حقه جنائياً فلا يحكم له بهذا التعويض مدنياً ))

عند الاستئناف وبعد أن اتفقت محكمة الإستئناف مع المحكمة الجزئية في النتيجة و إختلفت معها في الأسباب قالت محكمة الإستئناف في حيثيات حكمها ما يلي :

التعويض عن إشانة السمعة مقرر بموجب المادة 153 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م ولا تقتصر المسئولية علي الضرر المادي فقط كما قالت بذلك محكمة الموضوع وقد جاء في قرار محكمة الموضوع أن المحكمة المدنية غير مختصة وفقاً لنظرية المسئولية التقصيرية في نظر قضايا الأضرار المعنوية ولا نري سنداً في القانون في ذلك فالمحاكم المدنية لم تسلب اختصاصها في الفصل في كافة النزاعات المدنية المتعلقة بالتعويض سواء كان ذلك علي أساس المسئولية التقصيرية أو علي أساس الضرر الأدبي أو غير ذلك إلاَّ أن التعويض عن إشانة السمعه يستلزم ثبوت عناصر جريمة إشانة السمعة ولا يتأتي ذلك إلاَّ بحكم جنائي ولم يتقدم الشاكي بدعوي جنائية لكل هذه الأسباب أري شطب الطعن إيجازياً حيث لا أمل فيه

لقد ورد في مذكرة الطعن ما يلي :

القول بموجب صدور حكم جنائي فيما يتعلق بالمطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن إشانة السمعه قول بعيد كل البعد عن القانون حيث أنه لا يوجد نص في القانون أياً كان نوعه يلزم المضرور باللجؤ إلي المحكمة الجنائية ثم بعد ذلك المطالبة بالتعويض وباستقراء المادة 204 من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م نجد أنها لم تستبعد وجود دعوي مدنية بالتعويض عن الضرر مع وجود دعوي جنائية أمام المحكمة الجنائية عن ذات الفعل موضوع المطالبة المدنية

والقيد الوحيد الذي أوردته المادة 204 في هذه الحالة هو أن المضرور لا يحق له المطالبة بالتعويض أمام المحكمة الجنائية ما لم يتنازل عن دعواه أمام المحكمة المدنية

ان معظم الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي تشكل في الوقت ذاته خطأً مدنياً يمكن مساءلة مرتكبها مدنياً أمام المحاكم المدنية إن شاء المضرور في هذه الحالة مخير في أن يلجأ إلي المحاكــــم المدنية فقط وقبل اللجوء الى المحاكم الجنائية ))

بعد أن قبلت هذه المحكمة العليا هذا الطعن بصفة مبدئية أتاحت الفرصة للمطعون ضده للرد علي مذكرة الطعن وقد وصل الرد

الأســــــــباب

لقد سبق وأن قبلنا هذا الطعن من حيث الشكل لأنه رفع خلال القيد الزمني المحدد قانوناً لرفعه

ومن حيث الموضوع فأري أن هذا الطعن أيضاً مقبول وبالتالي يتعين إلغاء حكم محكمة الإستئناف المؤيد لحكم المحكمة الجزئية علي أن تعاد الأوراق إلي المحكمة الجزئية للسير في الدعوي من حيث انتهت لتصدر حكمها بعد مناقشة الأركان الأساسية التي تنهض عليها إشانة السمعة أحد فروع المسئولية التقصيرية

أن القاعدة العامة تقضي بأن جبر الضرر بإعتباره حقاً مدنياً من صميم اختصاص المحكمة المدنية أصلاً أي أن المحكمة المدنية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر دعاوي التعويض الذي يلزم بدفعه من ارتكب الفعل الذي سبب ضرراً للمضرور

والتعويض عن الضرر قد نصت عليه المادة 138 من قانون المعاملات المدنية سنة 1984م كالآتي :

(( كل فعل سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ولو كان غير مميز ))

والضرر الذي يوجب التعويض قد يكون مادياً أو قد يكون أدبياً معنوياً كما نصت عليه المادة 153 (1) من ذات القانون كالآتي :

(( يشمل التعويض الضرر الأدبي كذلك فكل تعدٍ علي الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الإجتماعي أو في اعتباره المالي يوجب مسئولية المتعدي عن التعويض ))

وإشانة السمعة هي أحد فروع المسئولية التقصيرية وهي من دعاوي التعويض عن الضرر الأدبي المعنوي الذي نصت عليه المادة 153 (1) من ذات القانون ولذلك فإن نظر المحكمة الجزئية بأن المحكمة المدنية غير مختصة في الفصل في دعاوي التعويض عن الضرر المعنوي الأدبي لا سند له في القانون

ودعوي إشانة السمعة التي هي من دعاوي التعويض عن الضرر الأدبي المعنوي ليس بالضرورة لكي تكون منتجة أن يتحصل المضرور – مسبقاً – علي حكم جنائي أو إدانة جنائية لمرتكب الفعل الضار كما إرتأت محكمة الإستئناف ومن قبلها محكمة الموضوع فعدم إقامة دعوي جنائية لأي مسئولية تقصيرية توجب التعويض كإشانة السمعة لا يمنع إقامة دعوي مدنية أمام المحكمة الجزئية للمطالبة بالتعويض للضرر لأن محكمة الجنايات لا تملك اختصاصاً في النزاعات المدنية التي توجب التعويض عن الضرر ولا تكتسب محكمة الجنايات مثل هذه الصلاحية لمجرد أن النزاع له صبغته أو صفته الجنائية ولذلك فإن وجود بلاغ جنائي – كما قضت المحكمة العليا في قضية حكومة جمهورية السودان ( البريد والبرق ) ضد زكريا محمد أحمد مجلة الأحكام القضائية 1976م صفحة 250 – قيد النظر لا يمنع قبول دعوي مدنية في نفس موضوع النزاع

ولكن نجد أن بعض مواد القانون الجنائي قد منحت محكمة الجنايات سلطة الحكم بالتعويض إستثناء بموجب الدعوي الجنائية فيجوز للمضرور أن يفتح بلاغاً ضد الجاني ويطالب أمام محكمة الجنايات بتعويض عن الضرر المترتب علي الجريمة وفي نفس الوقت يجوز له أن يرفع دعوي مدنية أمام المحكمة المدنية مطالباً بتعويض عن الضرر الذي سببه له الجاني بذلك الفعل فليس في القانون ما يمنع المضرور أن يسلك السبيلين الجنائي والمدني للحصول علي تعويض عن الضرر الذي حاق به في وقت واحد كما يجوز له أن يختار طريقاً دون الآخر

فالمشرع في المادة 204 (أ) من قانون الإجراءات الجنائية سنة 1991م شاء أن يخاطب محكمة الجنايات صاحبة السلطة الإستثنائية وليست المحكمة المدنية صاحبة السلطة الأصلية في الحكم بالتعويض عن الضرر بألا تنظر في مطالبة المضرور بالتعويض في القضية الجنائية عن الضرر المترتب علي الفعل الجنائي إذا كانت هنالك دعوي مدنية أمام المحكمة المدنية تتعلق بالمطالبة بالتعويض عن الضرر نفسه إلا إذا تنازل المضرور أمام محكمة الجنايات عن الدعوي المدنية فقد جاء نص المادة المذكورة كالآتي :

(( عند ممارسة المحكمة لسلطاتها في الحكم بالتعويض دون إخلال بأحكام الدية تراعي المحكمة الآتي :

(أ ) لا يجوز لمضرور أقام دعوي مدنية بالتعويض عن ضرر مترتب علي الجريمة المطالبة بالتعويض عن الضرر ذاته أمام المحكمة ما لم يتنازل عن تلك الدعوي ))

وبالطبع إذ لم يتنازل المضرور عن الدعوي المدنية فإن محكمة الجنايات لا تستطيع ممارسة سلطاتها الإستثنائية في الحكم بالتعويض وسوف تكتفي بمعاقبة المتهم حسب جريمته في حالة إدانته تاركة النظر في أمر التعويض للمحكمة المدنية وحدها في الدعوي المدنية المرفوعة أمامها والتي أصر المضرور علي عدم التنازل أو التخلي عنها أمام محكمة الجنايات والغاية التي توخاها الشارع من وراء هذا النص هي عدم تكرار الدعاوي وإزدواجيتها في التعويض عن نفس الضرر الواحد أمام مختلف المحاكم الجنائية والمدنية

فإذا كانت القضية الجنائية والدعوي المدنية مرفوعتين الأولي أمام محكمة الجنايات والثانية أمام المحكمة الجزئية ( المحكمة المدنية ) في آن واحد بالمطالبة بالتعويض المترتب علي الضرر نفسه فلا بد أن يتنازل المضرور ( الشاكي ) أمام محكمة الجنايات عن الدعوي المدنية كشرط مسبق لإستمرار محكمة الجنايات في الدعوي الجنائية

عليه فإن المضرور يستطيع أن يرفع دعوي إشانة سمعة مطالباً بالتعويض أمام المحكمة الجزئية ( المحكمة المدنية ) دون حاجة به لفتح بلاغ بإشانة السمعة ضد الشخص الذي تسبب في ضرره ومن ثم فإن حكم محكمة الإستئناف المؤيد لحكم المحكمة الجزئية القاضي بشطب دعوي الطاعن تأسيساً علي أن التعويض عن أشانة السمعة يستلزم ثبوت عناصر جريمة إشانة السمعة التي لن تثبت إلا بحكم جنائي بموجب دعوي جنائية لم يرفعها الطاعن – حكم ورد مخالفاً للقانون وتأويله وتطبيقه مما يتعين نقضه والغاؤه

إن الأركان الأساسية التي تنهض عليها إشانة السمعة والتي يتعين علي المحكمة الجزئية مناقشتها هي :

1 – هل نشر المطعون ضده ( المدعي عليه ) عبارات مشينة للسمعة ؟؟

2 – هل أشارت العبارات لشخص الطاعن ( المدعي ) ؟؟

3 – هل تم نشر العبارات للآخرين بقصد إشانة سمعة الطاعن (المدعي )؟؟

وبالطبع إذا تخلف ركن واحد من هذه الأركان سوف تشطب الدعوي أما إذا ثبتت جميع الأركان فإن المحكمة سوف تنبري لرصد ووضع التعويض وفقاً لنص المادة 153 من قانون المعاملات المدنية سنة 1984م مع مراعاة الضوابط الآتية :

1 – ألا يكون التعويض مغالي في كثرته أو مبالغاً في قلته

2 – ألا تأخذ المحكمة في الإعتبار أمراً ما كان عليها أخذه أو تغفل أمراً كان عليها الأخذ به

3 – أن تبدي المحكمة أسبابها الموضوعية لتقدير التعويض وألا تقدره تقديراً جزافياً دون أسانيد

لهذه الأسباب مجتمعة أري إعادة الأوراق لمحكمة الموضوع للسير في الدعوي من حيث انتهت وذلك علي هدي هذه المذكرة

القاضي : عبد الرحمن علي صالح

التاريـخ : 28 /3 /1998م

أوافق

القاضي : أحمد البشير محمد الهادي

التاريـخ : 29 /3 /1998م

(لا تمارس المحكمة الاستئنافية سلطاتها الطبيعية لمد مواعيد تقديم الطعن إلا بتوافر مبررين هما :

(أ ) قيام أسباب معقولة وكافية ووجيهة وقاهرة وخارجة عن إرادة الطاعن

(ب) إذا شاب الحكم المطعون فيه خطأ واضح وجسيم في تطبيق القانون أو انبنى علي أسباب أو إجراءات معيبة)

سعادة السيد / علي يوسف الولي قاضي المحكمة العليا رئيساًَ

سعادة السيد / جون وول ماكيج قاضي المحكمة العليا عضواً

سعادة السيد / حيدر مصطفى حمد قاضي المحكمة العليا عضواً

الأطراف :

أحمد عثمان حمراء طاعـن

// ضد //

ورثة محمد عثمان حمراء مطعون ضده

الرقم : م ع / ط م/ 123 /1995م

المبادئ:

قانون الإجراءات المدنية – المواد 77 (ب) و 303(2) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م – سلطات المحكمة الطبيعية وضوابط مواعيد الطعن

لا تمارس المحكمة الاستئنافية سلطاتها الطبيعية لمد مواعيد تقديم الطعن إلا بتوافر مبررين هما :

(أ ) قيام أسباب معقولة وكافية ووجيهة وقاهرة وخارجة عن إرادة الطاعن

(ب) إذا شاب الحكم المطعون فيه خطأ واضح وجسيم في تطبيق القانون أو انبنى علي أسباب أو إجراءات معيبة

المحامون :

الأستاذ : شمس الدين اللدر عن الطاعن

الحكـــم

القاضي : علي يوسف الولي

التاريـخ : 28 /5 / 1996م

هـــذا طعــن عــــن طريـــق النقض رفعـــه لهـــذه المحكمـــة العليا المحامــــي شمس الدين محمد اللدر نيابة عن الطاعن عثمان حمراء ضد حكم محكمة استئناف الخرطوم القاضي بشطب طلب المراجعة لحكمها بشطب الاستئناف لفوات المدة المحدد لها قانوناً لتقديمه

لقد ورد في حيثيات محكمة الاستئناف في طلب الاستئناف رقم 1123/94 في الرأي الأول ما يلي :

(( والمدة من 19/5/1994م إلي 14 / 6 / 1994م أكثر من القيد الزمني المحدد لسماع الاستئناف كنص المادة 178/1992م ق·أ·م لسنة 1983م عليه أري أن وافق الزميلان شطب الاستئناف شكلاً لتقديمه بعــد فـــوات الزمن القانوني المحدد لسماعــه ))

وجاء في الرأي الثاني ما يلي :

(( أوافق علــي الشطب إذ أن الاستئناف قــدم في اليوم السادس عشر لصدور الحكم ))

بعد أن قبلت محكمتنا العليا هذا الطعن بصفة مبدئية أتحنا الفرصة للمطعون ضدهم للرد علي مذكرة الطعن وقد وصل الرد

                      الأسباب

لقد قررنا في مرحل قبول هذا الطعن بصفة مبدئية أن نقبله من حيث الشكل لأنه رفع لهذه المحكمة العليا خلال القيد الزمني المحدد قانوناً لرفعه

ومن حيث الموضوع أري قبول هذا الطعن أيضاً وإلغاء حكم محكمة الاستئناف وإعادة الأوراق لها لتنظر الاستئناف من جديد

صحيح أنه يجوز لمحكمة الاستئناف أو أي محكمة استئنافية أخرى عملاً بنص المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م أن تقــوم بشطب الاستئناف إيجازياً بسبب أنه رفع إليها بعـد فوات المدة القانونية مخالفاً بذلك المادة 208 من ذات القانون

ومعلوم أن المحكمة الاستئنافية يجوز لها أن تقضي بشطب الاستئناف لفوات المدة القانونية من تلقاء نفسها لأن مواعيد الطعن تتعلق بالنظام العام ومعلوم أن الحكم من وراء تحديد مواعيد للطعن تكمن في قصد المشرع في حسم منازعات المتقاضين واعتبارها منتهية بالسرعة وخلال الزمن الذي يراه معقولاً وعليه فـإن تجاوز المواعيد يترتب عليه سقوط الحق في الطعن تلقائياً كقاعدة عامة لحماية مصلحة أولي بالرعاية هي حسم المنازعات بالسرعة المطلوبة

ولكن يجوز لمحكمة الاستئناف أو لأي محكمة استئنافية أخرى تحقيقاً للعدالة والإنصاف أن تتغاضى عن مدة تقديم طلب الاستئناف فبرغم أن للمشرع حكمة خاصة في تحديد مواعيد تقديم طلب الطعن كما أسلفت إلا أن محكمة الاستئناف بمقتضى سلطاتها الطبيعية المورثة من أجل تحقيق العدالة والإنصاف الواردة في المادتين 70(ب) و 0303(2) من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م لها الصلاحيات الواسعة – وكما استقر قضاؤنا – التي يجب أن تمارسها ممارسة قضائية في امتداد المواعيد حتى لا تقف الإجراءات الشكلية حجر عثرة في سبيل تحقيق العدالة وإزالة الحيف والظلم وحتى لا يطغي الشكل علي الموضوع وحتى لا تنهار قواعد العدل ويجهض ويهدر الإنصاف ومحكمة الاستئناف لا تمارس سلطاتها الطبيعية تلك لامتداد مواعيد تقديم طلب الاستئناف توطئة لنظر الاستئناف في الموضوع إلا بعد توافر مبررين أثنين لا ثالث لهما وهما :

1 – قيام أسباب كافية ومعقولة ووجيهة وقاهرة خارجة عن إرادة الطاعن وحالت دون أن يقدم الاستئناف خلال الميعاد القانوني

ففي هذا النزاع الذي بين أيدينا وباستقراء مذكرة محكمة الاستئناف أجد أن محكمة الاستئناف لم تفدنا إن كانت هنالك أسباب طرحها لها المستأنف حالت دون أن يقدم لها الاستئناف خلال القيد الزمني المحدد قانوناً ولم تناقش موضوعية تلك الأسباب من عدمها

2 – إذا شاب الحكم المطعون فيه أو حكم محكمة الموضوع خطأ واضح وجسيم في تطبيق القانون أو انبنى علي أسباب أو إجراءات معيبة وتستطيع محكمة الاستئناف أن تكتشف هذا العيب في الحكم أو الإجراءات بمجرد فحص الأوراق أو المحضر فحصاً عابراً

ففي هذا النزاع الذي بين أيدينا لم تفدنا محكمة الاستئناف عما إذا كانت قد فحصت الأوراق أو المحضر وبدأ لها ذلك العيب أو لم يبد لها

لهذه الأسباب أري إلغاء حكم محكمة الاستئناف وإعادة الأوراق لها لتنظر في توافر المبررين المذكورين أو أحدهما لمد ميعاد تقديم الاستئناف والنظر فيه موضوعاً

عليه أرى قبول الطعن شكلاً وموضوعاً

القاضي : جــون وول ماكيج

التاريـخ : 8 / 6 / 1996م

أوافـــق

القاضي : حيدر مصطفي حمد

التاريـخ : 23 / 6 / 1996م

التعليقات مغلقة.