عمل الشرطة في حالات الظروف العادية والنزاعات والحروب(2) –
أيها السودانيون، شيعوا بينكم ثقافة السلام، ولا تشيعوا بينكم ثقافة السياسة.
وأدعموا الثورة السودانية، ولا تدعموا توليفة صفقة سلام نخبوية صفويه،
تعمل على صناعتها قوى أجنبيه إقليمية ودوليه، لهندسة الإعادة لمدنيين
ناشطين سياسيين، وتمكين جنرالات عسكريين، ليستحوزوا على سلطة القهر والإزعان المدنيه والعسكرية، وإدارتها لخدمة مصالحهم السياسيه.
وإزاء ذلك، الكتابة والتدوين عن سلطة القهر والإزعان المعقلن في الدولة الحديثه
(أجهزة الشرطة والجيش والقضاء)، تفتقر للكثير من الأدبيات المعرفية،
وتتسم بقلة المعلومات وشح البيانات ذات المصداقيه، بحجة، أن نشر وكشف أى معلومات أو بيانات، محظور الكشف عنه، لأنه من الأسرار، ومهدده، لأمن الدوله.
إلا من بعض الكتابات المسحية الوصفية الإستقرائية المقارنة، التي ظهرت
بعد ما يطلق عليه ثورات الربيع العربي2011م (تونس، مصر، اليمن، سوريا، السودان، الجزائر)، وتناولت قراءات إستقصائية تحليلية، لآداء، الشرطة والجيش، والقضاء، ومؤسسات التشريع.
ولذلك، بالضرورة التنظير العلمي لوظيفة الشرطة في مجتمع الدولة، لبيان أن الوظيفه الأساسية للشرطة في الدولة، تتمحور في الآتي:
1. صناعة وإحلال السلام بين الافراد في مجتمع الدوله.
2. بناء مجتمع متحرر من سطوة العنف.
ولذلك، يبرز من الوظيفه الأساسية للشرطة، أن أفراد الشرطة عناصر سلام، وأدوات بناء لمجتمع الدولة.
ولذا، التنظير العلمي والفهم المعرفي، لأجهزة ومؤسسات القمع والقهر المعقلن،
الموازية للشرطة(الجيش، القضاء، أدوات التشريع وصناعة القانون)، ضرورة لبرهنة ولترسيخ، فهم عمل الشرطة لدى الكافة Understanding Policing، أن وظيفة الشرطة مضاده للعنف، ووسائل الشرطة الآدائية Performance، ووسائلها الأدواتية Instruments، كلاهما، وسائل وأدوات لاعنفيه.
وواقع عملي وعلمي، الشرطة تستخدم منهجية التضاد المزدوج Antinomy الأنتينومي (القانون ونقيضه)، منهجاً لإدارة حالات النزاعات بكافة أشكالها وأنواعها وحِدتها، لصناعة وإحلال السلام في مجتمع الدولة.
والعمل على حماية المجتمع من مظاهر تصدعات حالات العنف، بمعالجة الحالات المستعصية التي لا حلول لها.
وعبارة (معالجة الحالات المستعصية التي لا حلول لها)، إحدى وسائل معالجة المشاكل في المجتمع السياسي، ووضع وإيجاد الحلول لها. وهو مفهوم معرفي، يُستخدم لحل المشاكل المرتبطة بسلوك وحياة الفرد في المجتمع وتفاعله مع الآخرين. وكما هو أحد منهجيات التشريع وصناعة القانون، ويستخدمه المشرعين والمهتمين، لحل معضلات المشاكل والأزمات.
وتوضيحاً، منهجية التضاد المزدوج، هو طريق وسبيل، لحل المشكلات المستعصية، التي لا حلول لها، بإتباع طريق وسائل الحلول الموضوعية ونقيضتها، لتحقيق الأهداف والنتائج المرجوه العقلانية.
وعملياً، وتوضيحاً بمعنى آخر، منهجية اللاعنفيه، الشرطة تستخدم نقيضتها في حالات النزاعات والاختلالات الأمنية، لتحقيق النتيجة المرجوه، ألا وهي صناعة وإحلال السلام، والعودة لحالة اللاعنفيه.
ولذلك، عند التعيين والتوظيف لشغل وظيفة في الشرطة والترقي للمستويات العليا،
يلزم التقييد بمعايير وأسس الترشيح والإختيار والترقي للأفراد، بما لا يتعارض ويخالف معايير وأسس الكفاءة والقدرات والصلاحية.
وكما يجب وضع أساليب منهجيه علميه فعاله، لاكتساب المعرفة والخبرات العلمية والمعرفية على السواء.
ولذلك، بلادنا، وهي في مفصل سيولة الظروف الراهنة، يقع واجب على المهتمين الإنتيلجنتسيا Intelligentsia، أن لا يتركوا الشرطة وأدوات القهر المعقلن، النظامي والمدني، لمراهقي السياسه، وسماسرة وجنرالات الحروب، المدنيين والعسكريين.
وعلى كافة المهتمين، كُلٍ في مجاله، تجهيز الأدوات المعرفيه، العلمي والعملي منها، لتقديم رؤيه لتأسيس شرطة مهنيه إحترافيه قادرة وفاعله، وإصلاح أدوات القهر المدني الموازية للشرطة، بما يتفق مع موروث قيم وعادات وتقاليد مجتمعنا السوداني، وما يتوافق مع التجارب الدولية والاقليمية المعتبرة المقبوله، بعيداً عن غلواء وشطط السياسه، وبعيداً عن نمطية التفكير المُرسل اللاواعي، وعدم الإنجرار وراء التأثير والإنسياق العاطفي والهوى المُعلب.
ولادراك فهم الوظيفة الأساسيه للشرطة، تثير الأدبيات، جدل مجتمع اللاعنف، ونقيضتها مجتمع العنف.
واهتم المجتمع الدولي والجماعة الدولية، بمظاهر اللاعنف، بنشر رسالة اللاعنف
بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 271/ 61 بتاريخ 15/ 06/ 2007م.
والتعبير عن مظهر اللاعنف، بلوحة منحوته(المسدس المعقود)، والمنحوته موضوعة في ساحة زوار مقر الأمم المتحده. وهي لوحة فنيه للنحات السويدي/ كارل فريدريك رويترزورد. فاللوحة تعبير رمزي لمؤسسة مشروع اللاعنف، لتأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم. ولنشر رسالة اللاعنف، عن طريق، التعليم، وتوعية الجمهور. وتخليداً لذكري الزعيم الهندي المهاتما غاندي، المفكر والمنظر الفلسفي لثقافة اللاعنف. إستناداً على مرئية نظريتة القائله:(الوسائل العادلة، تفضي إلى غايات عادله).
وكذلك قوله:(أن اللاعنف، هو أقوى قوة في متناول البشريه، وسلاح أعتى
من أسلحة الدمار الشامل، وقد تم التوصل إليه من خلال إبداع عقل الإنسان).
ولذلك، لتتمكن الشرطة من صناعة وإحلال السلام في مجتمع الدوله، فإن وظيفة الشرطة، هي المساهمة في ضمانة حريات المواطنين، وفرض إحترام حقوقهم، وضمان أمنهم، المعقلنين تشريعاً وفقاً لقواعد من القانون.
ولذلك، ينبغي على عناصر الشرطة، أن يكونوا حرفياً “عناصر سلام”، أي أنهم ينبغي عليهم، أن “يصنعوا السلام” بين الأفراد والجماعات التي تعيش في مجتمع الدوله.
وكما ينبغي على الشرطة تحييدُ مثيري العنف، والعمل على كفُّ أذاهم، وفقاً لقواعد تشريعية من القانون.
فوظيفة الشرطة هي أساسًا وظيفة “مضادة للعنف”، فينبغي على الشرطة إعمال الوسائل الأكثر فعالية، لبلوغ الغاية المنشودة(صناعة وإحلال السلام)، والوضع في الاعتبار، أن الوسائل الأنسب، لصنع السلام في الأحوال والظروف العادية، هي وسائل سلمية، قوامها، بناء ووضع إستراتيجية فعالة، لتحقيق العمل اللاعنفي.
وكما ينبغي على الوسائل المعمول بها، أن تنسجم مع الغاية، وأن تتناغم معها. لأن المهمة الرئيسية للشرطة في مجتمع الدوله المدنية، درء النزاعات والتفلتات الأمنيه، وحلها عند الاقتضاء، دونما تجاوز للقانون. وذلك، باللجوء إلى الطرائق اللاعنفية، بإتباع وسيلة التوسط والوساطة والمصالحة منهجاً.
ومع ذلك، قد تضطر الشرطة إلى إستخدام طرائق “الإكراه البدني” المعقلن تشريعاً بنصوص قانون – بالمعنى الحرفي لهذه العبارة – إستخدام الاكراه البدني، بغية تحييد مثيري العنف وكفِّ أذاهم.
فهناك مواقف بعينها، يصعب فيها، من دون اللجوء إلى العنف، تحييدُ فرد، أو عدة أفراد مسلحين، يهددون حياة الغير.
إلا أنه، وحتى في ظروف كهذه، ينبغي فعل كلِّ ما في الوسع، للحدّ والسيطرة على السلوك العنيف للشخص المعني، أو الأشخاص، وإلقاء القبض عليهم، ومع تجنُّب إيقاع الأذى بجرحهم، أو حتى قتلهم.
فإذا وقع، على الرغم من كلِّ شيء، موتُ إنسان على أيدي الشرطة، يُعَدُّ ذلك، فشلاً، يحظر أيَّ “إعلان عن النصر”.
وإذا أخفقَتِ الشرطةُ في إعادة إحلال السلام الاجتماعي، دون إستخدام العنف القاتل، فإن المجتمع برمَّته، يشترك في المسئولية عن هذا الإخفاق.
وكما عندما ترفض النظم الديموقراطية الإعتراف بعنفها، بوصفه فشلاً، فإنها تبدأ بنفي نفسها بنفسها. وعندما يفرض العنف قانونه، الأمر فيه تفصيلات.
فريق شرطة(حقوقي)
د. الطيب عبدالجليل حسين
المحامي 12 /07/ 2023م
التعليقات مغلقة.