الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون المبادئ والمواقف بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
المبادئ والمواقف
تواضعت البشرية، ومنذ قديم الزمان، على الأصول والمبادئ والأعراف المقبولة والمرفوضة سواء على صعيد الحقوق أو المعاملات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو حتى الترفيهية كالرياضة والفنون ونحوها. فالدماء والأموال والأعراض لا يجوز أن تكون عرضة للاعتداء بالقتل أو السحل أو الاغتصاب أو السرقة أو النهب أو نحوها من التصرفات التي تستوجب تقرير مسؤولية من تصدر عنه وتعويض المضرور مادياً ومعنوياً.
فقواعد العدالة والإنصاف والوجدان السليم ظلت هي المبادئ الراسخة ووحدها التي يجوز الاتكاء عليها في حال غياب النص الموضوعي أو حتى الإجرائي. أي أن تصنيف صحة أو سلامة الموقف يتحدد وحصراً طبقاً لهذا القسطاس والذي يتغلغل في ضمير القاضي أو السياسي أو من في حكمها.
الأمم المتحدة وإن نجحت في تأسيس جميع وكالاتها إلا أنها فشلت في أهم جوانب أمن واستقرار الشعوب. فمنظمة التجارة العالمية ورغماً عن قِدم التجارة إلا أنها ما زالت عاجزة عن التماسك لأن سلوك الشركات المهيمنة على سياساتها لا ينطلق إلا عن مصالح ذاتية وأطماع شخصية. على غرار التجارة فشلت منظومات الأمم المتحدة المعنية بالسياسة. فمجلس الأمن الدولي لم يفشل إلا لكونه خالف قواعد العدالة في طريقة تكوينه وكيفية اتخاذ قراراته. غياب المعايير في الشريعة الدولية زاد من فرص الصراعات بسبب تضارب المصالح والانطلاق من مواقف ذاتية وتغليبها على المبادئ الموضوعية.
واقعنا السياسي ومنذ الاستقلال لم يأخذ من الممارسة السياسية الدولية والإقليمية إلا الأسوأ. فالسلوك الغالب على السياسيين كان وما زال ينطلق من مواقف شخصية ومصالح ذاتية تتعارض صراحة والدستور. في أي دولة بالعالم مثل هذه الممارسات المترددة والمفاجئة أو المتأخرة تستوجب، وعلى الأقل، العزل السياسي لكل القيادات التي كانت جزءاً من تلك الأفعال. خير مثال لتلك المواقف ما أعلنت عنه بالأمس مجموعة من حركة العدل والمساواة تعيينها لسليمان صندل حقار رئيساً لها بدلاً عن جبريل إبراهيم. أتت هذه الخطوة رداً على إنهاء الأخير لعضوية من أطاحوا به عن قيادة الحركة. تزامن مع هذا الانشقاق اعتذار خجول للقيادة الجديدة عن مشاركتها ودعمها لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. السؤال الذي يطرح نفسه: هل تأتي مثل هذه المواقف المتواترة والاعتذارات المتأخرة عن قناعة مبدئية؟ أم هي من باب الضحك على الشعوب بتكتيكات شكلية حفاظاً على مكتسبات السلطة والترتيب للحصول على إحدى الحسنيين من بين الفرق المتصارعة بلا فقدان لحق العودة لاحضان الرئيس السابق والذي ظل متشبثاً بمنصبه فلم يبارحه قبل وبعد الانقلاب وحتى أثناء الحرب؟ من جانب آخر، هل يجوز لأي قوى سياسية أو ثورية مبدئية أن تقبل من اعتذر ومن لم يعتذر في قيادة أي عملية سياسية مستقبلية؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
3 سبتمبر 2023

التعليقات مغلقة.