دولة القانون جرائم الحرب بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
جرائم الحرب
نشأ القانون الدولي الإنساني لينطبق على الجرائم التي تقع أثناء النزاعات المسلحة سواءً ضد المدنيين أو العسكريين. ولأن تلك النزاعات يتعدد ضحايها فقد رأى فقهاء القانون أن يضعوا معايير لما يجب أن يجعلها جرائم تستوجب العقاب، وذلك لاغراض التفرقة بينها وبين المخالفات المدنية التي تستوجب التعويض. يجدر بالذكر أن القانون الدولي الإنساني وبدلاً عن لفظ الجرائم استخدم مصطلح المخالفات الجسيمة. ولأن الحروب تتاثر بها قطاعات محلية وإقليمية ودولية، فقد استقر الفقه على أن حقوق المضرورين لا تسقط بالتقادم كما يجوز لهم تحريك الدعاوى في معظم الدول بحسبان الجرائم محرمة دولياً.
والحرب، كما هو معلوم، إما أن تكون بين قوات مسلحة نظامية لدولة ضد قوات دولة أخرى أو أن تنشأ نتيجة تحرك قوات تتجاوز حدود دولتها المعترف بها لدولة أو إقليم آخر الأمر الذي يبيح لمواطني الدولة المعتدى عليها وقواتها النظامية ممارسة حق الدفاع الشرعي بلا قيد من أي تصرفات تمنع الاستيطان حتى لا ينال المشروعية. ويذهب بعض الفقهاء إلى أن جريمة الحرب لا تقتصر على النزاعات المسلحة وإنما يجوز أن تنطبق متى استخدمت الأجهزة النظامية القوى غير الضرورية لتفريق المتظاهرين السلميين بالذات إذا تزامن معها عمليات اغتصاب أو قتل جماعي كما حدث في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة. وكما تنشأ النزاعات المسلحة بين القوات النظامية لدولتين يجوز أن تترتب نتيجة تمرد فصيل أو فصائل أو وحدات نظامية في إقليم ذات الدولة. بهذا الفهم فإن النزاعات المسلحة وما تتطلب من استخدام للقوى المميتة والأسلحة الخفيفة والثقيلة بين المتحاربين وما ينشأ عن ذلك من حالات للقتل ودونها من الانتهاكات لهي عين ما يستوجب انطباق القانون الدولي الإنساني أو ما يعرف بقانون الحرب.
ولأن القانون الدولي الإنساني يحكم النزاعات المسلحة، فهو لا ينطبق على حالات العصيان المدني ولا يفيد منه حملة السلاح ومعتادي الإجرام ما لم تتخذ مجموعاتهم شكل وطبيعة القوات النظامية من حيث التدريب والتنظيم والمظهر العسكري. نخلص مما تقدم إلى أن القانون الدولي الإنساني يقبل انطباقه على القوات العسكرية وشبه العسكرية بما فيها قوات الشرطة أو أي قوات نظامية مشابهة.
من المقرر أن جرائم الحرب المحظورة دولياً تنطبق على كل مقاتل يمارس تهجير المدنيين أو يتخذ منهم دروعاً بشرية. بذات القدر يرقى لجرائم الحرب دخول المرافق المدنية والبقاء فيها أو اتخاذها ثكنات عسكرية. بالمقابل، لا ترقى للمخالفات الجسيمة، وطبقاً للقانون الدولي الإنساني، كافة التدابير الضرورية لإخراج المقاتلين الذين تنطلق عملياتهم العسكرية من المرافق المدنية العامة أو الخاصة. ولأن معظم المخالفات الجسيمة تقع ضمن مناطق العمليات الحربية، فمراقبتها وجمع البينات المطلوبة لإثبات التعمد أو القصد الجنائي يقع على عاتق منظومات حقوق الإنسان العاملة في رصد وتوثيق المخالفات. والتحقق من الوقائع يعتمد على عدة معايير منها تحديد وسائل الإثبات والظروف التي صاحبت جمع الأدلة وما إذا كانت مصادر محايدة أو مستقلة عند تحديد أي سلوك منسوب لأطراف النزاع المسلح ومن ثم تطبيق القواعد المقررة بشأن كافة المخالفات وتصنيفاتها.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
7 أكتوبر 2023
التعليقات مغلقة.