الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون حرب السودان بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
حرب السودان
الحرب أعنف وآخر ملاذات العمل السياسي. وما لا يتحقق سلماً لن يأتي قسراً باستخدام العنف إلا في حالة رد العدوان ممارسة لحق الدفاع الشرعي. حرب السودان المستمرة منذ الخامس عشر من أبريل كانت وما زالت نتاج صراع على سلطة غير مستحقة بين عشرة أضلاع ضحيتهم ما زال يجلس على دكة البدلاء ينتظر المهزوم عسى ولعل يأتي مقتنعاً ومستسلماً ليحقق مطلب الضحية في انتقال خال من مطامع حرب الأصالة والوكالة.
إن الحرب، ومتى اندلعت، فوقفها لايكون على يد من يشعلها أو يشارك فيها صراحة أو ضمناً. والحرب، في جميع الأحوال، لا تتوقف بكبسة زر على الكمبيوتر أو الموبايل وإنما بشجاعة من ينبري لمواجهة المتحاربين وأخذ تعهداتهم بضمانات تؤدي لوقف العدائيات واختفاء المظاهر العسكرية من الشوارع والمرافق المدنية. من هذا الفهم، فإن مصطلح وقف الحرب يتضمن تفاصيل كثيرة أولها الهدنة غير المحدودة أو بوقف غير مشروط بعدم إطلاق النار. مع ذلك يظل من المتصور أن يلازم الهدنة بعض الخروقات المعزولة كجزء من مراحل البدء الفعلي لبث الثقة. في ذات الوقت وقف إطلاق النار يهيئ لمنظومات المجتمع المدني الموثوق بها اتخاذ التدابير القانونية المطلوبة لحصر ودفن الجثث وفتح المسارات الآمنة سواء للمتحاربين أو المدنيين شريطة أن يتزامن مع كل ذلك البدء في تأمين العودة الطوعية وتقديم المساعدات الإنسانية.
أسوأ أنواع الحروب تلك الأهلية أو مايشابهها لكونها تتحرك من نعرات عنصرية أو دينية أو جهوية. ومما لا خلاف حوله، أن وقف أي حرب، مهما كان نوعها، لابد فيه من تفاصيل تضمن حقوق الضحايا والمضرورين. مع ذلك تظل أهم ضمانات وقف الحرب النأي عن أي خطاب كراهية أو محاولات مبكرة لتصفية الحسابات عبر تيارات محرضة لفريق ضد آخر. ولأن وقف الحرب جزء من عملية سياسية معقدة تعتمد، في المقام الأول، على حنكة وحصافة من يديرونها، فانعدام الثقة في وسيط أو انحيازه لأحدهما، فإن هذا السلوك سيعيد الحرب، ولربما بأسوأ مما كانت عليه. أي قيادة سياسية مؤقتة يجب أن تتمسك وتطبق مبدأ عدم الإفلات من العقاب على جميع الأطراف وذلك انطلاقاً من مبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان سواء في جانب العسكريين أو المدنيين. من يقودون أي عملية سياسية لوقف الحرب يجب أن يتفاهموا ويقنعوا كل من كان جزءاً من عوامل أو مظاهر اندلاع الحرب أن يتقهقر مؤقتاً حتى نهاية الانتقال. أي مجاملة أو محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء ستؤجل مساعي وقف الحرب ولربما تمددها.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
19 أكتوبر 2023

التعليقات مغلقة.