دولة القانون أدوات التغيير [3] بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
أدوات التغيير [3]
تنشب الحروب في حالتين، الحالة الأولى: صداً لعدوان خارجي، كأن تتعرض إحدى الدول للعدوان من دولة أو تحالف دولي. فالعراق، على سبيل المثال، غزاها التحالف الدولي مرتين، المرة الاولى: عندما غامر صدام حسين مجتاحاً الكويت. أما المرة الثانية: فكانت تحت ذريعة امتلاك صدام لأسلحة الدمار الشامل. مما يجدر بالذكر أن خبير القانون الدولي أ. د. فيصل عبد الرحمن علي طه يرى أن النزاعات الحدودية تمثل السبب الجوهري لمعظم الحروبات بين الدول. الحالة الثانية: الحروب التي تندلع نتيجة الصراعات السياسية الداخلية، ويندرج تحت هذه الحالة أي فتيل حرب ناشئ عن تمرد قوة أو قوات عسكرية أو بسبب أي مواجهات بين أو ضد المدنيين، فتخرج من طابعها السلمي لصراعات دامية ومن ثم حرب أهلية. وكما هو معلوم أن القانون الدولي يسمح في الحالة الأولى بالتدخل واستخدام القوة مواجهاً الدولة المعتدية. في الحالة الثانية تعتبر مثل هذه الصراعات شأن داخلي لا تستدعي تدخل المؤسسات الدولية إلا إذا هدد الصراع الأمن والسلم الدوليين كما في حالتي سوريا وليبيا بحجة مكافحة الإرهاب والعناصر الإرهابية.
بحسبان استخدام القوة وسيلة مفضية للحروب وأن العنف ليس بالأداة المناسبة للتغيير، وبغض النظر عن التصنيف القانوني لحالة الحرب فإن كافة الجهود المحلية والدولية يجب ان تنصب نحو نزع أسباب الحرب بأعجل ما يمكن. اللافت للانتباه أن الحروب، سواء صُنفت من النوع الأول أو الثاني، فهي حتما لا تنتهي إلا بالوسائل السلمية. فرغماً عن التعنت، في بادئ الأمر، إلا أن تعاضد الرأي العام ضد المعتدي سيجعل الأخير يجنح للسلم سواءً طوعاً أو كرهاً. ما يستوجب التأسيس عليه أن الحروب الداخلية، على وجه التحديد، لا تتوقف إلا بشبه إجماع الرأي العام الوطني. أي مساعي حميدة أو وساطة محلية أو دولية لوقف الحرب وما لم تنطلق من الثوابت القانونية المتمثلة في الشرعية القائمة فإن الحرب لن تتوقف. مهما كان الرأي في تلك الشرعية. بلا شك، من بين المتقاتلين من هو أولى طبقاً للنظام القائم وقت نشوء الحرب.
لكونها الأسوأ من حيث النتائج من بين وسائل التغيير الأخرى، فالحروب هي أم الكوارث ومنبع الفتن. الحروب تبدأ بالكلام إلا أنها سرعان ما تتحول لمنطق الغاب بسبب تقاطعات المصالح السياسية الخفية لكل طرف من أطرافها. معركة صفين بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ما كانت لتنشأ لو أن معاوية التزم قوله تعالى: “ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً“. معاوية وبوصفه ولي الدم في ابن عمه عثمان بن عفان، فهذه المطالبة بالقصاص كانت تستوجب التأخير سيما وأن تحقيقه بنظر علي بن أبي طالب، الصائب، كان سيؤدي لمزيد من الإسراف في القتل وصولاً للمتهمين ومعاقبة للجناة، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
6 أبريل 2024
التعليقات مغلقة.