بإدانة أسانج وإبادة الفلسطينين:
سقوط أشهر ديمقراطيتين فى العالم فى امتحان الحريةوالتعبير والإنسانية
كتب: عبدالخالق بادى
أخيرا أصبح الصحفى الأسترالي جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس ،حرا طليقا ، وذلك بعد أن قضى ١٤ عاما بين اللجوء والسجن ،بسبب نشره لوثائق سرية لوزارة الدفاع الأمريكية تخص انتهاكات وجرائم ارتكبتها القوات الأمريكية فى عدة دول مثل العراق وافغانستان واليمن وغيرها ، وقد تم الإفراج عن أسانج يوم الأربعاء الماضي من سجن بريطاني بموجب اتفاق مع القضاء الأمريكي أقر في إطاره بنشر أسرار دفاع أمريكية،و اعترافه بالذنب أمام القضاء .
قضية أسانج وادانته بقانون التجسس الذى العلاقة له بما قام به أسانج ،فضحت أكبر وأشهر ديمقراطيتين فى العالم (أمريكا وبريطانيا)، واللتان تدعيان حمايتهما للحرية والديمقراطية فى العالم وأوهموا شعوب الدنيا بأنهما بلاد الحرية.
فجوليان أسانج لم يرتكب جرما عندما نشر تلك الوثائق السرية قبل عشرة أعوام ، فقد أدى واجبه كصحفى وناشط كشف الجرائم التى ارتكبتها الجيوش الغربية ضد بعض الشعوب، فكل القوانين والدساتير الأمريكية والأوروبية تكفل لأى صحفى، بل أى مواطن حق الحصول على المعلومة ونشرها ،طالما أنها فى شأن عام يهم كل المواطنين وكل الشعوب، إلا أن الإداراة الأمريكية و الحكومات البريطانية المتعاقبة ، أدخلتها هذه الوثائق المسربة فى موقف حرج مع شعوبها ، فماذا فعلت لكى تحافظ على ماء وجهها؟ اتهمت أسانج بالتجسس والتآمر على الدولة وطبقت فيه قانون التجسس ،واصدرت مذكرات قبض ضده ،مما اضطره للجوء للسفارة الاكوادورية فى لندن ،حيث مكث فيها قرابةالسبعة أعوام ، لتتم محاكمته بعد ذلك أمام محكمة أمريكية والتى حكمت عليه بالسجن خمس سنوات قضاها فى سجن بليمارش بلندن. نعود ونقول أن ماقام به جوليان أسانج واجبه كصحفى يؤديه تجاه المجتمع ، وهو محمى بكل القوانين والمواثيق الدولية ، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا (وطبعا اكيد هنالك دول أخرى لها نفس الموقف)، وبادانتهما للسانج بقانون لا يمت للقضية بصلة، برهنتا على أن تتباهان به من حريات تطبق فقط على مستوى المجتمع المدنى والمواطن العادى، أما مؤسسات الدولة فهى بمثابة خط أحمر لا يجوز لأى صحفى أو مواطن أن يمسها حتى ولو كانت على خطأ أو ارتكبت انتهاكات حقوقية وانسانية، واخطر ما فى الأمر هو أن ما حدث لاسانج يعتبر تهديد لكل الصحفيين فى العالم وكل المؤسسات الصحفية بأن لا تتناول أى قضية تمس أمريكا كدولة أو أى دولة أخرى ، وبالتالي فإن ما يدعونه من أن حرية التعبير متاحة للجميع ،مجرد دعاية إعلامية بلا مضمون ، وأنها مجرد قوانين تدرس فى كليات القانون فقط، أما تطبيقها على أرض الواقع فهذا غير وارد البت.
ترى مارأى حالمين بالهجرة إلى أوروبا وامريكا (السابقون واللاحقون) فى السقوط الداوى لحريةالتعبير فى البلدين الأشهر على مستوى العالم بقوانين الحريات؟ هل وبعد ماحدث لجوليان أسانج (وهو من بنى جلدتهم) من اضطهاد وتنكيل (بدون ذنب) غير أنه مارس حقه الطبيعى فى التعبير، هل شيلتون مرة أخرى ليحدثونا عن الحريةالغربية والديمقراطية؟ وهل سيعيشون بعد الآن فى بلاد الخواجات وهم مطمئنون على أنفسهم؟ لا اعتقد ذلك، فقد سقط قناع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان (الكاذب)، مرة فى غزة وفلسطين ،التى يباد شعبها بالسلاح الذى تقدمه أمريكا والغرب للاحتلال الإسرائيلي العنصرى، وتارة بالمواقف السياسية والقانونية الداعمة للصهاينة المجرمين فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، والآن فى قضية أسانج ، وآخرها تنافس كل من بايدن وترمب فى إبادة الفلسطينيين من خلال مناظرتهما أمس الأول،والتى كشفا فيها عن دعمهما اللامحدود للمحتل الظالم،وانحيازهما لأعداء الإنسانية والحرية بصورة واضحة وصريحة، فلم يتركا مجالاً لأى تأويل أو تحريف لتصريحاتهما العنصرية البغيضة لأولئك المبهورين بديمقراطية أميركا والغرب من المهاجرين والشعوب الساذجة ،خصوصاً العربية والإفريقية، فقد سقطت ديمقراطيتهم فى واد سحيق وأصبح الحديث عنها حاضراً مستقبلاً بلا معنى أو فائدة، فعلينا كشعوب وكسودانيين أن نفكر فى كيفية صون بلدنا من الأعداء والمتربصين من الدول الإقليمية والأجانب المقيمين بيننا، ومحاسبة كل خوان كفور.
التعليقات مغلقة.