رؤية السودان المستقبلية فى التنمية الإقتصادية
إعتماداً على مــــوارده البشريــــة والطبيعيــــة
التى يذخر بها والبداية من حيث إنتهى الآخرون
بقلم: د.عمادالطيب
يتمتع السودان بموقعه الجغرافى المتميز ويمثل معبراً تجارياً وثقافياً بين قارة أفريقيا ودول العالم ومن العشرين دولة الأكبر مساحة في العالم ، فضلاً عن موقعه الإستراتيجى وكثافة موارده وثرواته الطبيعية جعل أنظار العالم تتجه إليه بعد أن صارت موارد العالم شحيحه وأصبحت مشكلة الغذاء فى المستقبل هاجساً يؤرق العالم المعاصر ، وإستناداً على هذه المعطيات تحتاج الدولة والمجتمع للتوجه للزراعة والتصنيع والتصدير بغرض بناء إقتصاد قوى قائم على المنهجية العلمية فى كافة القطاعات المنتجة والخدمية معتمدة على بنية تحتية وتكنولوجية رقمية مواكبة لمعايير التنمية الإقتصادية التى تحتاج إلى زيادة معدلات الناتج المحلى الإجمالى والناتج القومى الإجمالى ، ومعدل دخل الفرد ونصيبه من الناتج المحلى والقدرة الشرائية فضلاً عن التعليم والصحة والإستقرار ، والقضاء على الفقر ، والبطالة ، والتضخم ، ولتحقيق الرؤية المستقبلية ، تحتاج الدولة إلى إطلاق ثلاث إستراتيجيات للتنمية على فترات زمنية متعاقبة بداية باستراتيجية فى المدى القصر ، والثانية فى المدى المتوسط ، والثالثة فى المدى الطويل ، بغرض التقدم والتطور مع ضرورة حرص الدولة على الشراكة المتكاملة والتعاون والبنَّاء بينها وبين شركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى للتوصل إلى واقع ملموس يضمن الرخاء والحياة الكريمة للمواطنين وبناء مجتمع مزدهر قائم على المعرفة والإرث والعادات والتقاليد التى يتمتع بها المجتمع السودانى ومواكب للحداثة ، السمات الضرورية لتنفيذ الرؤية المستقبلية تحوى عدة تحديات وتشمل التحديث ومواكبة العالم من حولنا والمحافظة على العادات والتقاليد والتراث السودانى وتلبية إحتياجات الجيل الحالى دون التأثير على الأجيال القادمة ، والنمو والتوسع الرأسى والأفقى وتوجيه مسارات التنمية الإقتصادية بطريقة أكثر فاعلية ، وتخطيط القوى العاملة المستقبلية من حيث الحجم ونوعية العمالة المطلوبة وتطوير البنية التحتية والسعى لتحقيق مستوى معيشة مرتفع ومتوازن مع معدلات نمو السكان وحماية وإستدامة البيئة وتنميتها وترابط النسيج الإجتماعى ، ولتحقيق هذه الأهداف تحتاج الدولة والمجتمع تنفيذ حزمة من المبادرات من شأنها تحقيق التنمية المستدامة وتشمل :
التنمية البشرية : محور إستراتيجى شامل يهدف إلى بناء قوى عاملة مؤهلة تعتمد على الإبتكار قادرة على تحقيق الأهداف الطموحة للوطن وجذب الإستثمارات فى قطاعات التعليم والصحة، وتخطيط وتطوير القوى العاملة ، وتشجيع البحث العلمى والإبتكار.
التنمية الاجتماعية : بناء مجتمع آمن ومستقر ومترابط يسوده العدل وسيادة القانون، ويلتزم بالقيم الأخلاقية وشرف المهنة للنهوض بالوطن وتحقيق رفاهية المجتمع ، والمحافظة على القيم الأسرية والتراث والعادات والتقاليد .
التنمية البيئية : تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى والمحافظة على البيئة ، من خلال تطبيق ممارسات التنمية المستدامة للحد من الآثار البيئية السالبة، وحماية التنوع البيولوجى ، والطاقة المتجددة، وترشيد إستهلاك المياه وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات البيئية العالمية.
البرامج والمشاريع : تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع للوصول إلى التنمية المنشودة التى يتطلع إليها الوطن في جميع القطاعات الحيوية وتساهم فى تحقيق النمو الإقتصادى والوصول إلى حياة كريمة وآمنة فى السودان.
توطين الوظائف : تأسيس نظام مالى وإدارى كفء قائم على المعرفة ، يعتمد على العمالة السودانية ذات التأهيل والتدريب والمهارات فى مختلف القطاعات الحيوية، بغرض تخطيط وتطوير القوى العاملة السودانية لتعزيز دور أهل السودان فى بناء إقتصادهم .
بيئة الشركات : خلق المبادرات لتعزيز الإبتكار وريادة الأعمال وتوفير المؤسسات المتخصصة من خلال وكالات ترويج الإستثمار ورعاية رواد الأعمال لتقديم التوجيه وإتاحة التمويل وبناء العلاقات التجارية .
مشروع مترو السودان : يتم عبر عقد شراكات بين شركة سكك حديد السودان وكيانات أجنبية متخصصة لتنفيذ هذا المشروع الضخم ويعتبر مشروع رائد ومتطور لنقل الركاب وتحتاج الدولة لتخصيص ميزانية ضخمة لإنجاز هذا المشروع العملاق لحل ضائقة المواصلات على أن يتم تنفيذه فى مراحل حسب العقود المبرمة مع الكيانات الأجنبية ، والإستفادة من تجربة النمور الأسيوية ( هنوغ كونغ ، كوريا الجنوبية ، تايوان ، سنغافورة ) والتجربة اليابانية على أساس ما قدمته هذه الدول من تنمية شاملة توصلت من خلالها إلى النمو الإقتصادى المرتفع ، وإهتمامها بالقوى العاملة المؤهلة والمدربة والمتخصصة وإعتمادها على مواردها المتاحة في توفير رؤوس الأموال بفضل مجموعة من السياسات التعليمية والتجارية والصناعية والتكنولوجية والإجتماعية وإشراك مجتمعاتهم فى عملية التنمية عن طريق وضع خطة شاملة للخروج من الآزمات ، الحرص على تطبيق تجارب هذه الدول التى تعانى من شح فى الموارد ، بينما يتمتع السودان بموارده وثرواته الضخمة تؤهله إلى زيادة معدلات النمو الإقتصادى ، وتحتاج الدولة للجلوس والتفاكر مع المتخصصين والمستشارين والخبراء لتطبيق المنهجية والبحث العلمى فى أرض الواقع وتوجيه المجتمع إلى الإنتاج والتصدير فى كافة الأنشطة وفقاً للمؤشرات التالية :
* إستخدام الحزم التقنية والبذور المحسنة والتنوع فى المحاصيل ذات الإنتاجية العالية .
* التوجه نحو الصناعات الخفيفة والثقيلة والإلكترونيات وإنشاء مجمعات صناعية ضخمة لهذا الغرض والتركيز على التصنيع الموجه للتصدير بجودة عالية ومنافسة فى الأسواق العالمية .
* تشجيع المنتجات المحلية (إحلال ) الواردات وإنشاء مناطق النمو الإقتصادى فى الولايات لتحقيق غايات التنمية المستدامة والإستفادة من موارد تلك الولايات من المواد الخام والتصنيع فى كل ولاية على حده .
* الإهتمام بالصحة والتعليم وصقله بالتدريب ، فضلاً عن البنية التحتية ومصادر الطاقة المتجددة ووسائل الإتصالات لجذب الإستثمارات الخارجية .
* بث الوعى وثقافة أخلاقيات العمل والتطور الرقمى التقنى فى الإنتاج ، وتطبيق الحوكمة فى العمل الإدارى المالى والرقابة على فضلاً عن الإخلاص والتفانى فى العمل بروح الفريق والعمل الجماعى والتحلى بالصبر والمثابرة وتحمل ضغوط العمل ، وإتباع الإجراءات والسياسات المالية والنقدية والتجارية بطريقة أكثر فاعلية
* عقد شراكات مع اليابان فى مجال التدريب المهنى عن طريق وكالة التعاون الدولي اليابانية Agency Cooperation International, والتدريب الصناعي وبرامج التبادل الثقافى Exchange Cultural Programs للإستفادة من التجربة اليابانية من جوانبها المختلفة .
* إتباع طريقة التصنيع العنقودى : والتى تشمل رجال الأعمال والموردون والغرف الصناعية والعمل والعمال.
* إنشاء هئيه صناعية متخصصة فى وزارة الإستثمار Development Authority Industrial Sudanese وتعتبر المحطة الأولى للمستثمرين فى مجالات الصناعات المختلفة ، مهمتها توفير المعلومات عن مزايا الإستثمارفى السودان وتوفير مناخ الإستثمار لجذب المستثمر وتسهيل إجراءات التراخيص والتصاريح والتصديقات الضرورية له للقيام بعملية الإستثمار .
* إنشاء الهئية الإنتاجية القومية Corporation Productivity National، تهتم بزيادة الإنتاجية الكلية فى الإقتصاد السودانى مع ضرورة ملكية وسائل الإنتاج ومعينات العمل المختلفة .
* إنشاء هيئة تنمية التجارة الخارجية السودانية Development Trade External Sudanese ومهمتها ترويج وتشجيع التجارة الخارجية السودانية وتقديم المعلومات للمصدرين والمستوردين وتطوير وتشجيع الصادرات السودانية والتركيز على المنتجات الصناعية وإجراء الدراسات عن حوجة الأسواق الخارجية للمنتجات السودانية بغرض تحسين الوضع التنافسى والعمل على إيجاد قاعدة معلومات ضخمة لمساعدة المصدرين السودانيين وتقديم برامج تدريبية لهم لتنمية مهاراتهم فى مجال التسويق الدولى وحماية الإستثمارات السودانية فى الخارج.
* إنشاء هئية التصنيع الثقيل السودانيةSudan Heavy Industries Corporation of مهمتها الإستثمار فى مجال الحديد والصلب ومشروع صناعة السيارة السودانية عن طريق عقد شراكات مع الشركات اليابانية والكورية دايهاتسو ، ميتسوبيشى ، كيا ، تايوتا ، وغيرها من الشركات الرائدة فى مجال تصنيع وتجميع السيارات ، والحرص على إنشاء مدينة ذكية خاصة بالتكنولوجيا على أن يتم ربطها بشبكة إتصالات رقمية متطورة تخدم الرؤية المستقبلية للوطن ، لتضم أضخم الشركات التكنولوجية في العالم ، والسعى لوضع خطة التنمية للوصول إلي دولة صناعية مكتفية ذاتيا لتحقيق النمو الإقتصادى، والرفاهية الإجتماعية والإستقرار والتعليم عن بعد وعبر الإنترنت .
* التعامل مع الإستثمارات والكيانات الأجنبية ضمن ضوابط وشروط تصب فى مصلحة الوطن والإقتصاد القومى والإهتمام بالمسئولية المجتمعية تجاه المجتمع من قبل المستثمرين ، والحرص على جودة التصنيع لتحسين جودة المنتجات السودانية بأحدث التقنيات الرقمية .
د. عماد الدين الطيب أحمد
خبير الموارد البشرية
وإستشارى تخطيط القوى العاملة
التعليقات مغلقة.