الخرطوم ـ «القدس العربي»: كشف تجمع «الصيادلة السودانيين» عن تدمير ونهب 50٪ من مصانع إنتاج الدواء ونحو 40 شركة استيراد دوائي في العاصمة السودانية الخرطوم من قبل قوات «الدعم السريع» التي تقوم أيضا باحتلال المخازن المركزية للصندوق القومي للإمدادات الطبية.وقالت المتحدثة الرسمي باسم التجمع، سماهر المبارك لـ«القدس العربي» إن الموقف الدوائي في السودان عموما والعاصمة الخرطوم على وجه الخصوص أقل ما يوصف بأنه «كارثي» مشيرة إلى أن «الحرب عندما بدأت كانت البلاد تعاني أساسا من إشكالات في هذا القطاع بسبب عدم توفر النقد الأجنبي للاستيراد في محاولة كنا نظن وقتها أنها تهدف لانسحاب الحكومة من هذا القطاع عبر تجفيف صندوق الإمدادات الطبية التي أكدت الظروف الحالية ضرورة وجوده وعمله بفاعلية».وأضافت: «الدعم، وفي سعيها للاستيلاء على الحكم وإطار حربها على المواطن، قامت باحتلال المخازن المركزية للصندوق القومي للإمدادات الطبية مما تسبب في حدوث ندرة كبير للأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة ومستلزمات الطوارئ».وتابعت «ما حدث في القطاع الخاص لا يختلف كثير عما حدث في القطاع العام، المصانع المحلية 50٪ منها تعرض لتدمير من ميليشيا الدعم السريع بشكل مباشر. تم نهبها وتكسير الماكينات فيها وتوقفت عن العمل، والتي لم تتوقف نتيجة التدمير توقفت نتيجة لصعوبة الوصول إليها لتمركزها في مناطق غير آمنة، بالتالي توقفت عملية التصنيع الدوائي».وزادت: «أما في قطاع الاستيراد هناك ما يفوق (40) شركة تم نهب مخازنها وتدميرها من قبل منسوبي الدعم السريع ومتفلتين، كذلك تم نهب عدد كبير من الصيدليات» لافتة الى أن حجم الدمار يفوق قدرتهم على الحصر.وأشارت إلى أن الموقف الدوائي في الخرطوم حرج جدا، وفي بقية ولايات السودان باعتبار أن العاصمة كانت المركز الرئيسي للإمداد الدوائي، مبينة أن مدن وقرى دارفور تعد الأكثر تأثرا بعد الخرطوم، خصوصا مدينة الجنينة التي شهدت تدميرا كاملا والبنية التحتية الصحية.ولفتت إلى أن إيصال الدواء إلى تلك المناطق في غاية الصعوبة بسبب مخاطر الطريق، موضحة أن ولاية جنوب كردفان تعاني من المشكلة نفسها مما تسبب في وجود ندرة دوائية وبالتالي ارتفاع في الأسعار.وكشفت عن رصدهم لحالات وفيات ناتجة عن عدم القدرة على الحصول على الأدوية والرعاية الصحية، موضحة أن هناك مرضى كثيرين يفقدون حياتهم نتيجة لانقطاع سلسلة الإمداد الدوائي.
وكان المجلس القومى للأدوية والسموم قد دعا جميع الصيادلة إلى عدم شراء أو استلام الأدوية المسروقة، وأهاب كافة فروعه بالولايات بضرورة مراقبة أرقام تشغيلات الأدوية المسروقة التي تم الإبلاغ عنها والتعاون مع السلطات الأمنية لجهة إعادة الحقوق لأهلها ومحاسبة أولئك الذين يستحلون أكل أموال الناس بالباطل.والأحد، حذرت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانيين، من انهيار النظام الصحي في البلاد. وقالت أن أكثر من (800) مريض فشل كلوي يواجهون الموت الوشيك في ظل توقف العديد من مراكز غسيل الكلى عن العمل بسبب النقص الحاد في المعينات الطبية.إلى ذلك، دعت منظمة الصحة العالمية طرفَي النزاع في السودان إلى توفير «ممر آمن» يمكّنها من أداء مهمتها، بينما أعلنت الإفراج عن 3 ملايين دولار من ميزانية الطوارئ؛ لمواجهة الأزمة في السودان، ودعت الجهات المانحة لتقديم مزيد من الدعم؛ حتى تتمكن من الاستجابة لهذه الأزمة الطارئة.وقال مدير الإقليمي لمنطقة الصحة العالمية للشرق الأوسط، أحمد المنظري: (20) مستشفى اضطرت للإغلاق بسبب نقص المواد في حين أصبح خطر الإغلاق يهدد 8 مرافق أخرى؛ بسبب إرهاق طواقم العمل، أو نقص الأطباء والإمدادات الطبية.وفق المكتب الاقليمي للصحة العالمية، المستشفيات تجابه نقصاً حاداً في الطواقم الطبية المتخصصة، وإمدادات الأكسجين، وأكياس الدم، كما أن استمرار انقطاعات التيار الكهربائي على نطاق واسع، يضع المرضى بالمستشفيات في خطر شديد، علاوة على ذلك تعاني المرافق الصحية نقصاً حاداً في المياه والوقود، مع توقف عدد من محطات المياه في الخرطوم عن العمل.ووفق ما قالت مسؤولة تجمع الصيادلة السودانيين، سماهر المبارك لـ«القدس العربي» فإن ما تقوم به المنظمات جهد مشكور ومحاولة لتغطية جزء من الفجوة بصورة لحظية، لكن تلك الجهود لن تستطيع سد الحاجة الكلية ولا الاستمرارية في تقديم المساعدات الجزئية، مبينة في الوقت نفسه أن غالبية الأدوية المقدمة هي أدوية طوارئ يتم تصنيفها سلفا حسب الحاجة، طوارئ حرب، طوارئ كوارث طبيعية، طوارئ أوبئة وبالتالي تغيب عنها ادوية مهمة خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة.وحذرت من تعرض الكثير من مرضى الأمراض المزمنة إلى مخاطر حقيقية خاصة مرضى الكلى والسكري والمصابين بالأمراض النفسية.وبينت أن توفير الدواء مسؤولية الدولة ومؤسساتها المتمثلة في الصندوق القومي للإمداد الطبية والمجلس القومي للأدوية والسموم، اللذين اتهمتهما بالغياب عن المشهد منذ اندلاع الحرب وحتى الآن وعدم إصدارهما اي توضيح لحجم الفجوة وكيفية العمل لتغطيتها.وقالت: اتضح من خلال الحرب أن البلاد تعاني من إشكاليات في قيادات العمل الصحي، وذلك وضح جليا خلاله تعاملها وتعاطيها مع الأزمة التي بينت أنهم لا يستطعون إدارة الأزمة ولا يرغبون في التعاطي معها».والسودان يشهد هذه الأيام اقتراب دخول الخريف الذي يأتي في الغالب مصحوبا بأمراض ووبائيات تحتاج توفير أمصال التحصين وأدوية لأمراض مثل الملاريا.وعن ذلك، قالت المبارك «ستكون هناك مشاكل في إمداد أمصال العقارب مثل المحاليل الوريدية وبعض المضادات الحيوية».وشددت على أن الأهمية القصوى الآن المطلوبة من الدولة هي توفير النقد الأجنبي المقدر بـ(20) مليون دولار للصندوق القومي للإمدادات الطبية لتوفير الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة ومسلتزمات غسيل الكلى ونقل الدم وأدوية السرطان والسكري، محذرة من أنه في حال التجاهل فإن البلاد ستدخل في دوامة أشبه بكرة الثلج من الكوراث الصحية.
التعليقات مغلقة.