مشاهد محمد الطيب عابدين روزنامة حرب قلب الوطن (٣١)
بسم الله الرحمن الرحيم
مشاهد
محمد الطيب عابدينف٤
*روزنامة*
حرب قلب الوطن
“””””””””””””””””””””””””””
( ٣١ )
( ١ )
حياد مصر في حرب وجود السودان :
بدأت حرب الخرطوم في يوم ١٢ أبريل ٢٠٢٣م، إذ تحركت قوة من الدعم السريع و إحتلت مطار مروي الدولي، بحجة وجود قوات مصرية ( تنتوي ) مهاجمة الدعم السريع، أو كما قال . ضُربت الطائرات المصرية وهي رابضة على أرض المطار . تم أسر القوة المصرية بالكامل .. و بآخرة أفرج عنها و رحلت إلى مصر عبر مطار دنقلا و مطار بورتسودان و وادي سيدنا؛ و قبل عدة أيام دخلت آليات عسكرية مصرية و أخذت حطام الطائرات و ركام بقية المعدات المصرية و قفلت عائدة إلى مصر .. و أغلق الملف على ذلك . إلا أن إثيوبيا التي تراقب كل ذلك، و كانت ترى في وجود القوة المصرية في مروي مهدداً لها، دفعت بخبراء عسكريين و مدفعجية و قناصة مهرة من جيشها ليعملوا مع الدعم السريع في قنص الجنود و المدنيين السودانيين و المرافق الإستراتيجية بالخرطوم بغية تدميرها، كما أن ضُباطاً حبوش يقودودن ، مع آخرين ، عمليات الدعم السريع، منهم من قتل و منهم من أعتقل و قبض عليه مشاركاً في القتال . ومصر تقف على الحياد في حرب وجود أو فناء السودان ..!
*و في مِحفل يرعاه الإتحاد الإفريقي بأديس أبابا ذكر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد " أنه لا توجد حكومة حالياً في السودان، و لوقف القتال يجب حظر طيران و مدفعية الجيش السوداني* " ، لاحظ أنه لم يطالب بالمقابل حظر الطيران المسير و مدفعية الدعم السريع .
*دعت مصر إلى مؤتمر جوار السودان بالقاهرة،* و قدمت الدعوة إلى آبي أحمد و محمد كاكا التشادي، *لم يخرج المؤتمر ( بجملة مفيدة ) ، بيد أن الرئيس المصري السيسي شكا من ضغط اللجؤ السوداني الكثيف إلى بلاده، و رجع الرئيس التشادي يتأمر على السودان و يفتح قاعدة أم جرس للدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع المتمردة، وهو أمر لم يعد سراً بدليل تقارير دولية موثوقة ؛ كما عاد آبي أحمد يواصل تأمره على بلادنا .. و مصر تقف على حيادٍ ..*
أقامت السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية منبر جدة لسلام السودان، و مازال يرواح مكانه في مضاوضات متعثرة و شاقة .. و غابت عنه مصر التي تقف في خط الحياد ..
*كشف الرئيس الكيني عن كالح وجهه المساند للدعم السريع،* و أسفر عن مكنون صدره في سفور كان يستره وهو معلوم .. *و ما تزال مصر تلتزم الحياد في حرب وجود السودان ..*
كما تتوالى حكايات المرتزقة الذين تبتاعهم الإمارات من كينيا، يوغندا، جنوب السودان، و تشاد و محور دول غرب أفريقيا بأعرابها الشتات لمهاجمة نيالا البحير، و الجنينة دار أندوكا .. و مازالت مصر تردد أن ما يحدث في السودان شأن داخلي ..
*وذاك الجنرال حفتر من ليبيا حليف مصر و ربيبها،* يجيش المقاتلين و يعبئ السلاح ليرسلهم إلى السودان، *ومصر تعلم و تنظر و لا تطلب منه أن يكف عن العبث بأمن السودان .. فهي على الحياد .*
تعلم مصر قبل غيرها حقيقية المؤامرة التي حيكت للسودان، و الأحابيل التي تنصبها الإمارات و من خلفها إسرائيل و أمريكا لتقسيم السودان و تمزيقه و السطو على موارده الطبيعية والمعدنية؛ تعلم مصر ما لا يعلم غيرها عن السودان، ولكنها لا تقوى على الحراك، فقد فقدت و تخلت عن دورها في السودان، بل في كل أفريقيا لدويلة الإمارات و من خلفها .
*هذه المعطيات تؤكد أن مصر تعيش حالة إرباك و تشويش و ضغط عال* في تكييف علاقاتها و مصالحها و موقفها من حرب وجود السودان في غزو أجنبي مدعوم بكامله من أبوظبي .
و في الماضي القريب ظل اللواء عمر سليمان ( العقرب السام )، كبير البصاصين و مدير المخابرات المصرية يردد مزهواً متبختراً أن لديه عين سحرية في السودان يرى بها كل شئ، كما ظل نائبه أو أحد كبار ضباطه يكرر أن لديهم في كل متر من السودان رجل مخابرات؛ و ظللنا نقول ان ما تنفقه مصر من مال و جهد و فكر إستخباراتي في السودان لا تستفيد منه البته في سرعة إتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، بدليل تضائل دورها فى السودان و إضمحلاله، و لو أنها بذلت ثلث ذاك الجهد في إثيوبيا لتمكنت من ايقاف مشروع سد النهضة وهو لم يزل بعد فكرة على الورق، ولكن و يا للعجب ساهمت بنوك مصرية في تمويل السد، و هي تبتغي الربح الوفير .
*لم يعد سراً ان السودان يتعرض إلى حرب إعلامية شرسة مدمرة* سُخرت لها منصات و غرف و فيالق من خبراء الكذب الإعلامي، للتشويش و الإرباك و قلب الحقائق لصالح الدعم السريع، و بذاك أشارات تقارير مؤسسات إعلامية غربية وقورة؛ *و مصر تمتلك قوة إعلامية مهولة قادرة على التأثير، بل صنع رأي عام عربي، و إفريقي و عالمي يشرح و يبين الحقيقة، ولكنها لا تفعل،* لأنها محايدة في معركة الوجود السوداني، *و لكن ذات الآلة الإعلامية الشرسة تطلق على السودان سباً و شتماً بالباطل، و دونكم ما حدث في مباراة كرة القدم بين مصر و الجزائر في أم درمان، و ما فعلته ماكينة الشتم و الإساءة القذرة ( قناة الفراعين ) و مالكها ذاك الأحقر ( توفيق عكاشة ) الذي بلغ به الأمر أن يعلن على الهواء انه لا يعرف و لا يعترف بدولة اسمها السودان، بل هو جنوب مصر .. و مصر الرسمية و نخبها الإعلامية ترى و تسمع دون أن تكف نباح الكلب العقور عن الإساءة للسودان و شعبه، وهي قادره*؛ فماذا فعلت مصر لتحمي جنوبها يا عكاشة ..؟؟؟
تتحدث أخبار أن مصر قدمت سراً سلاحاً و ذخيرة للجيش السوداني، إذا كان ذلك كذلك فلن يكون مجاناً لوجه الله و عيون نهر النيل، ( فكلو بتمنو، و الحساب يجمع )، و يبقى السؤال منتصباً، لماذا تقف مصر على إستحياء مع السودان في معركته الوجودية ..؟؛.. ألا ترى و تسمع و تحس ما تفعله دويلة الإمارات من شر عظيم في السودان ؟ .
نعم إستضافت مصر مئات الآلوف من السودانيين في بداية الحرب، وهي تشكر على ذلك ، إلا أنها عادت و الغت إتفاقية الحريات الأربع من طرف واحد، و غلقت الأبواب و منعت التأشيرات، و أدارت ظهرها حتى للحالات الإنسانية الحرجة، و بات الحصول على إذن دخول إلى مصر دونه خرت القتات؛ رغم أن السودانيون يقدمون إلى مصر محملين بمال كثير و فير من العملات الصعبة، انعشوا بها السوق المصري عامة، و سوق العقارات خاصة، ولو أنهم باعوا دفعة واحدة ما يملكون من عقار في أرض الكنانة لإنهار سوق العقارات تماماً و خسرت مصر مليارات الدولارات .. كما أن التحويلات المالية للمغتربين السودانيين في المهاجر قد حولت وجهتها صوب مصر بما يقدر بملايين الدولارات سنوياً
هل نسيت مصر و العالم دور المقاتل السوداني ؟ .. عندما شاركت وحدات سودانية ضمن الجيش المصري في حروب محمد علي باشا، والي مصر في سنتي 1854م و1856م،
إذ استقدمت السلطنة العثمانية وحدات من المقاتلين السودانيين للمشاركة معها في حرب القرم إلى جانب القوات التركية ضد الإمبراطورية الروسية، بين عامي 1854م و1856م .
كذلك شاركت وحدات قتالية سودانية في المكسيك سنة 1862م، عندما طلبت كل من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا إرسال فرقة من السودانيين لحماية رعاياها ضد العصابات المكسيكية.
و في الحرب العالمية الأولى أرسلت بريطانيا فرقتين من الجنود السودانيين إلى جيبوتي بناء على طلب من فرنسا لتحل محل الجنود السنغاليين هناك.
ومرة أخرى توجهت وحدات من القوات السودانية إلى معارك بالمكسيك إبّان فترة الاحتلال البريطاني للسودان
شاركت القوات السودانية في حملة الصحراء الغربية لدعم الفرنسيين حيث رابطت في واحتي الكفرة وجالو في الصحراء الليبية بقيادة القائد البريطاني أرشيبالد ويفل، وفي العلمين لوقف تقدم الجنرال الألماني رومل الملقب بثعلب الصحراء.
شارك الجيش السوداني في حرب فلسطين عام 1948م بفدائية و بسالة مازالت عالقة في أذهان قادة الجيش الإسرائيلي .
و وقف السودان إلى جوار مصر بعد هزيمة يونيو 1967م، حين أعلن محمد أحمد محجوب رئيس الحكومة السودانية آنذاك وقوفه بجانب مصر وتلبية احتياجاتها الحربية، وقطع علاقة السودان بكل من يساعد إسرائيل، ووفر السودان المأوى والملجأ للطائرات المصرية التي لم تطالها آلة الحرب الإسرائيلية، في قاعدة وادي سيدنا الحربية غرب أم درمان .
وكان السودان المكان الآمن لدفعات من طلبة الكلية الحربية المصرية خلال تلك الفترة حيث تم نقل الكلية الحربية المصرية من القاهرة إلى منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم، حيث تخرج خيرة الضباط المصريين من السودان .. ولكن لم نسمع من قائد عسكري مصري واحد يذكر بأنه تخرج من السودان !! .
وصعدت العلاقات إلى ذروتها بعدما استضاف السودان جمال عبد الناصر الجريح من هزيمة عام ١٩٦٧م؛ ثم نظم القمة العربية في الخرطوم المشهورة بلاءاتها الثلاث في مواجهة اسرائيل والتي تم التأكيد فيها على وحدة الصف العربي وتصفية الخلافات؛ إذ قام السودان بمصالحة الملك فيصل عاهل السعودية و الرئيس جمال عبد الناصر رئيس مصر .
*كما قام السودان بإقتراح و متابعة الدعم العربي لمصر و الأردن لمواجهة إسرائيل، و رفض الدعم الذي إقترحه عليه الملك فيصل، معللاً أن الأولوية الأن لدعم مصر* .
*تنازل السودان لمصر عن ١٥٠ كيلو متر من أراضية في حلفا القديمة لتبني عليها السد العالي* الذي مكن مصر من تفجير الثورة الصناعية و زيادة الإنتاجية الزراعية؛ بينما أغرقت مدينة حلفا القديمة بحضارتها و آثارها و تاريخها التليد لأجل نهضة مصر .
*ظلت مصر تحصل على جزء من حصة السودان في مياه النيل كسلفة سنوية لعدم تمكن السودان من إستغلال كامل حصته* .
تبرع الرئيس المخلوع عمر البشير لمصر بعدد خمسة ألف رأس بقر، و أردفها بعد حين بذات العدد كمنحة أخرى مجانية؛ *من منكم قرأ أو سمع في إعلام مصر عن هذه المنحة* .
*إستضاف الرئيس المخلوع عمر البشير في الخرطوم، المنتخب القومي المصري لكرة القدم و منح كل لاعب هدية سيارة فخمة من شركة جياد السودانية*.. لم يذكر أحد من اعضاء الفريق او الإعلام المصري هذا الحدث .. لماذا ؟؟؟ .. *حتى يظل السودان و شعبه في خانة ( الممنون عليهم ) و تظل يد مصر هيا العليا دوماً ..* لماذا لا تكون علاقة أخوية حقيقة دون تعال من طرف، و تنازل مستمر من الطرف الاخر ( *دا احنا اخوات* ) .. و كيف تكون أزلية العلاقة وتاريخيتها و شريانها النيلي الواحد، و السودان يتعرض لحرب تستهدف وجوده كدولة و شعب و ظهير لمصر؛ و أم الدنيا تقف حياداً في أكبر محنة و أزمة تمر بالشعب السوداني في تاريخه الحديث .
و أيضاً شارك الجيش السوداني في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973م، عندما أرسلت الحكومة السودانية قوة قوامها لواء مشاة إلى شبه جزيرة سيناء، و كان لواء الجيش السوداني قد دخل سيناء جنباً بجنب القوة المصرية، مقاتلاً بشراسة و قوة أشادت بها كل التقارير و الكتابات، حتى الإسرائيلية ، التي أرخت لحرب أكتوبر ١٩٧٣م؛ إذ لعبت القوات السودانية دوراً بارزاً في الحرب بالجبهة المصرية، إضافة إلى عدد كبير من المتطوعين المدنيين السودانيين، الذين عبر عدد منهم القناة مع القوات المصرية وحقق النصر.، وتمثلت مهمة القوات السودانية في أعمال احتواء وتصفية ثغرة الدفرسوار، وذلك ضمن خطة شامل أعدها الجيش المصري لسد الثغرة وقتذاك، حيث قامت القوات السودانية بإنجاز المهمة بكفاءة عالية .
*أستشهد عدد من جنود و متطوعي السودان المدنيين في حروب مصر؛ مقدمين أرواحهم فداء التراب المصري الذي دفنوا فيه بمدن القناة في مقابر مشهودة و معلومة؛ فلماذا تُخفي نخب مصر عن شعبها هذه الحقائق؟* .
كان الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، ضابطًا صغيرًا في لواء المشاة، وشارك في حرب أكتوبر ١٩٧٣م، بحسب موقع وزارة الدفاع السوداني.
و شاركت القوات المسلحة السودانية أيضاً في عمليات دولية تصب في مساعي حفظ السلام والاستقرار، في “الكونغو البلجيكية” عام 1960 وتشاد عام 1979 وناميبيا في 1989.
كذلك شاركت القوات المسلحة السودانية ضمن قوات الردع العربية في لبنان أواسط سبعينيات القرن الماضي، لحفظ السلام تحت لواء جامعة الدول العربية؛ و هنا نتوقف في حيرة متساءلين عن دور ( جامعة مصر العربية ) في حرب فناء السودان بغزو خارجي، و مصر تهيمن عليها و تديرها منذ نشأتها و حتى اليوم ، كذا عن دور مصر في الإتحاد الإفريقي الذي تهيمن عليه إثيوبيا التي يقاتل عناصر من جيشها مع الدعم السريع؛ و الاتحاد الأفريقي نفسه يتأمر بعض قادته على السودان و شعبه دون حياء أو خجل، و مصر تعلم بكل ما يدور فيه و لا تتحرك لمساعدة السودان .. أليست هي على الحياد ؟ !!! .
*لأماد بعيدة ظلت إستراتيجية مصر تجاه السودان ثابتة رغم تغير النخب الحاكمة فيها،* إذ تتشكل في ثلاثة محاور رئيسة :
١/ سودان ضعيف .
٢/ حكومة تابعة لمصر، أو قابلة للضغط .
٣/ الحصول على المواد الخام السودانية بأسعار تفضيلية، و تصنيعها أو اعادة تعبئتها ثم تصديرها حتى للسودان نفسه .
و لعل إنشغال مصر بالملف الإقتصادي مع السودان أنساها ، و لظروفها الإقتصادية ، الإهتمام بالملف السياسي و ملف الأمن القومي السوداني؛ وهي الآن تحصد حصرم ذلك الإهمال و التراخي فإذا ضاع السودان ضاعت معه موارده الطبيعية التي تشكل ٤٠% من إحتياجيات مصر، و ستستولى عليها دولة الإمارات و السعودية و أمريكا و من خلفها إسرائيل و كل العالم الغربي .
*لا أحد ينكر ما قدمته مصر للسودان، ولا ينبغي إنكار و تجاهل ما قدمه السودان لمصر؛* إلا أن خذلان مصر لشعب السودان في أعظم محنة و مصيبة و فتنة تعصف به في تاريخه الحديث لأمر يدعو للحسرة و الآلم ؛ فقد تركته كل النُخب المصرية من الانتلجنسيا المفكرة، و أهل الثقافة و الفن و حتى نجوم مواقع التواصل الإجتماعي؛ *إلا من نفر كريم ظل وفياً ينافح عنه،* و يذب عنه أكاذيب و إشاعات غرف الإعلام الحربي لقوات الدعم السريع المتمردة، و يؤازره في أعنف حرب دموية و نفسية و إعلامية تحاك ضده في كل تاريخه الممتد .
*سيخرج السودان من هذه المحنة الهوجاء الكؤد غداً بإذن الله .. ثم يجلس ليعيد ترتيب ما تبعثر من أوراق حياته* .. جريحاً مخذولاً من كل جيرانه الذين حمل معهم حتى عبء الدفاع عن ترابهم الوطني .
*يجب وضع علاقات السودان بكل جيرانه في نصابها الصحيح،* لا نصاب الشعب الطيب حد العبط و الغباء، ولا تهاون حكومة غافلة حد الضياع .
*يجب، بل يتحتم إعادة تعريف و تكييف العلاقة مع مصر* .. و نزع ملف السودان من إدارة المخابرات المصرية إلى وزارة الخارجية، فمن عجب أن بريطانيا العظمى التي إستعمرت السودان و مصر، كانت تدير ملف السودان من وزارة الخارجية، وليس من أروقة المخابرات البريطانية او حتى وزارة المستعمرات البريطانية ..
يجب اعادة النظر في إتفاقية الحريات الأربع و تطبيق مبدأ التعامل بالمثل .. يجب ان يكون التعامل التجاري مع مصر وفقاً للأسعار العالمية لكل سلعة ..
كما يجب على السودان، بل يتحتم عليه إعادة ضبط و برمجة علاقاته الإفريقية، و الأسيوية و الأوروبية و الأمريكية وفقاً لمصالحه و مصالحه فقط الإقتصادية و السياسية و الأمنية و الإجتماعية، فعندما يُغلق طريق شريان الشمال ترتفع أسعار اللحوم في مصر، و عندما اوقف السودان إستيراد الشاي الكيني ، سابقاً ، تراجعت كينيا و هرولت للخرطوم .. ثم كيف أصبحت فرنسا من كبار مصدري الصمغ السوداني ( العربي ) ؟ ، وهي تزود خزينتها بذهب أرياب السوداني المتدفق ثم تلمظ شفتيها و تتفرج على حريق السودان .. و كيف جمعت روسيا مخزوناً ضخماً من ذهب السودان، و فاغنر الروسية تقاتل شعب السودان ؟ .. و لماذا يصدر ذهب و صمغ السودان إلى الإمارات، وهي تحمل عود الثقاب لإشعال حرب فناء السودان ؟ .. و لماذا يعيش الاقتصاد الأريتري على ٩٠% من موارد السودان، ثم يتأمرون عليه سراً و علانية و صمتاً و خذلاً . نعم ثم نعم أنه الهوان و التهاون و التفريط الذي مارسته حكومات سودانية حتى أوصلتنا مرحلة الحرب و القتل و النهب و الاغتصاب، بأيدي أجانب كان السودان لهم مكاناً أمناً فأحالوه أرضاً محروقة .
( ٢ )
الخزلان الكبير
د. نجم الدين صالح يكتب :
كان سهل للقوات المسلحه بضباطها وجنودها ان يجدو تسويه مع الدعم السريع منذ اليوم الاول تسلم فيها انفسهم ويسلم سلاحهم ويشاركو سلطه ولو شكليه وهذا بديهي ومنطقي ولكنهم اختارو ان يدافعو عن السودان واهله بقدر ما توفر لهم من امكانيات بشريه وعسكريه فعرضو انفسهم واهلهم للضنك والبعد عن الاحبه والقتل والاسر وذلته والاصابات التي قد تحمل. العجز في المستقبل.ولا يعقل ان يكون كل هذا الثمن للابقاء على مصالحهم لانهم كيزان كما يدعي البعض. ادرك ذلك البسطاء من الجنود من ابناء مايعرف بالهامش وهم ليسو كيزان .وادركته اغلبيه كاسحه وسط افراده وهم ليسو من ابناء الاثرياء او النافذين. جميعهم يدافعون عنك اخي مهما تعاليت وتغطرست عليهم، يدفعون كل هذا الثمن في معركه سحق فيها المعتدي الغادر كرامتنا وحقوقنا واعراضنا ومستقبلنا وكان اولى ان نكون جنبا بجنب معهم. فاذا تعثر علينا ذلك واحبينا انفسنا وقام من يمثلنا بالدفاع عنا فعيب علينا ان نطعنهم في ظهرهم بالنقد الجارح والانفصال عنهم وكانما هم طرف ثالث لانهم قامو نيابه عنا لانهم منا ولان عدوهم عدونا ولان الشيطان الذي يقف مع عدونا هو عدونا وعدو كل امتنا ولن تجد من سلم من اذى اماره الشر هذه خلال ال١٥ سنه الاخيرة في اكثر من ثمانيه دول بالمال والسلاح والفتن. الذي يرتضي ان يتبنى وجهه نظر الشيطان يظلم نفسه ويخدعها . الذي يخون نفسه واهله ووطنه لان الشيطان اقنعه انها حرب ضد الاسلاميين فقد صدق الشيطان لان نفسه تملاءها مشاعر الكره للاسلامين لكنها خيانه لنفسك ولوطنك ، انه لعيب عليك ان يدرك كل ذلك البسطاء من الجنود يدركون هذه المعاني ويتصدون في شرف كبير رغم ان ان اغلبهم من الفقراء وممن كان يمكن ان يخونو انفسهم بحجه انهم هامش ولكنهم ادركو انه وطن وعار ان يخان الوطن ونحن ممن نعش الرغد نخونه بالطعن والتهكم واحيانا بادعاء الموضوعيه والتفكير بصوت عالي بنقد في غير موضعه. لاتخونو اوطانكم لانها لن تستعاد ان هي ذهبت ولا تجعلو مشاعر الكره تعمي قلوبكم فتظلمو انفسكم فان لم تكن تقاتل فلا تخزل.
ان حجم الخزلان الذي مارسه الشعب السوداني على نفسه لم ارى له مثيل ولا يمكن وصفه او تصنيفه. وان اكثر الالم لهو من بعض الافنديه الذين يعتقدون انهم اكثر فهما فيأخذون موقفا هم من العدو اقرب بل وضد انفسهم نكايه في الكيزان، ولا استثني طمع قيادات العماله الرخيصه التي لا تفكر في شئ الا استلام السلطه باي ثمن. وهذا ايضا وضع غريب يجعلك تشك في مقدراتك العقليه في التقييم وبالاخص عندما ترى الباطل واثق من نفسه فتخشى ان تكون على خطأ ولكن التاريخ يحدثنا بمثل ذلك فهكذا كان الباطل دوما موجة عاليه من الظالمين والجهال وضعاف النفوس امام معسكر الحق ،والشعب والجيش هم معسكر الحق لانهم ظلمو واعتدي عليهم وعلى كرامتهم وهم يدافعون عن ذلك والدعم السريع باطل وكل من يدعمه كذلك كان ذلك عن علم وقصد او عن جهل كلهم باطل ولو ملكو امر السودان فلن يكونو غير ذلك .
د. نجم الدين صالح
( ٣ )
أماني الطويل تكتب: هل نشهد النموذج الليبي في السودان؟
.
في الوقت الذي تنجذب فيه الأنظار، والضمائر الحية نحو غزة في مواجهتها؛ لحالة الإبادة البربرية لسكانها من الفلسطينيين التي تمارسها إسرائيل بمساندة المجتمع الدولي، فإن على حدودنا الجنوبية في السودان تطورات، من شأنها أن تشكل ضغوطا إضافية على مصر على الصعيدين الاستراتيجي والإنساني، وربما من المهم الانتباه لها في المجال العام المصري على نحو مساو من المتابعة والاهتمام، لما يجري على حدودنا الشمالية الشرقية.
التطورات السودانية في هذه لمرحلة على ثلاثة مسارات، المسار العسكري، وهو أخطرها، ومسار محاولة وقف الحرب في جدة، أما المسار الثالث، فهو مسار المدنيين الصاعدين على جبل متعرج صعب التضاريس؛ بهدف الحفاظ علي دولة السودان فيه كدولة موحدة مدنية ديمقراطية، ترنو نحو الحداثة.
المسار العسكري يشهد، ماتوقعناه سابقا، أن تتجه قوات الدعم السريع للتركيز علي أقليم دارفور، بعد أن تم الضغط عليها عسكريا في الخرطوم من جانب الجيش طوال الشهر الماضي، بحيث يتحول الإقليم إلى نقطة ارتكاز عسكرية رئيسية للدعم السريع، تستطيع انطلاقا منها إحداث تغيير كبير في المشهد السوداني، وذلك تأسيسا على ما جرى مؤخرا من انسحاب الفرقة ١٦ للجيش السوداني من عاصمة إقليم دارفور نيالا، وهي الفرقة التي تملك ٨ نقاط ارتكاز عسكرية، داخل المدينة وضعفها تقريبا خارجها، متضمنة نقاط لسلاح الإشارة، والنقل فضلا عن مخزونات لوجستية، وطبقا لذلك أعلنت قوات الدعم السريع عن استيلاءها عل المدنية بالكامل.
على الصعيد العسكري، سوف يشكل مطار نيالا، بديلا لمطار أم جرس في تشاد؛ لتلقي الإمدادات العسكرية، والطبية والغذائية لقوات الدعم السريع، وذلك في حالة تغير موقف تشاد، ضد الدعم السريع؛ لتفاعلات داخلية فيها، ربما هذا التطور يجعل الطريق مفتوحا لباقي إقليم دارفور بكامله، والذي تزيد مساحته عن دولة مثل فرنسا، وقد يشكل ثلث الدولة السودانية التي نعرف حاليا، كما يفتح الباب على مصراعيه؛ للاستيلاء على مدنية الأبيض التي تعاني حصارا من جانب الدعم السريع على مدى الثلاثة أشهر الماضية، وهي عاصمة ولاية شمال كردفان، وبورصة حبوب السودان، وطريق التجارة السودانية نحو مصر، خصوصا السمسم، وباقي الحبوب الزيتية.
على الصعيد الاقتصادي، فإنه إل جانب موارد الذهب التي هي في معظمها حاليا، تحت ولاية الدعم السريع، فإن الاستيلاء على مدينة نيالا يعني السيطرة على مورد الصمغ العربي، وعلى ثروة حيوانية هائلة، فطبقا لتجربتي، فإن قطيع الماشية في ولاية جنوب دارفور، يشكل للنظر امتدادا لا نهائيا بديعا، ومبهجا متعدد الألوان.
مورد الصمغ العربي الذي استولت على مقدراته قوات الدعم السريع، هو مورد استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره أساسيا في منتجات الكوكا بأنواعها الأمريكية، والتي تشكل رافدا من روافد الاقتصاد الأمريكي، أما الثروة الحيوانية فهي أحد الموارد الأساسية للاقتصاد السوداني في حال قيام دولة فاعلة فيه.
على الصعيد السياسي والاستراتيجي، أصبح للدعم السريع مساحة تعادل دولة في دارفور، وموارد لهذه الدولة، وسكان في غالبيتهم لديهم مشتركات إثنية، وعرقية، وعلاقات بمنطقة الساحل الإفريقي، توفر له داعم بأشكال متعددة.
هذه المعطيات الجديدة في خريطة توازنات القوة، يمكن ترجمتها كالتالي أولا: أن الموقف التفاوضي للدعم السريع هو حاليا أفضل من ذي قبل، وأن تباطيء البرهان في الذهاب إلى منبر جدة، كما دعوناه قبل شهر، قد أسفر عن خسارة كبيرة لوزن الجيش التفاوضي، ثانيا: أن الدعم السريع قد يتجه؛ لتشكيل سلطة مدنية في دارفور كحكومة مثلا، بغض النظر عن إعلان البرهان لحكومة في بورتسودان من عدمه، كما يعني ثالثا: أن احتياج قيادة الدعم السريع لداعم سياسي مثل قوى الحرية والتغيير، أو أية جبهة مرتقب تشكيلها من المكون المدني قد تلاشت ، وهو أمر بالتأكيد له تجلياته وانعكاساته على المعادلة السياسية في المرحلة القادمة، رابعا: يبدو أن الدعم السياسي، والميليشياوي الذي وجده الجيش من قوى النظام القديم ورموزه، وأهمهم علي كرتي، لم يحقق دعما عسكريا حقيقيا للجيش على الأرض، وذلك رغم صوت هذه الفصائل السياسي العالي، وممارستهم لضغوط على قيادات الجيش المهنية، حيث ثبت واقعيا، أن الضجيج بلا طحين .
وفي الأخير أو خامسا: فإن ثمة تفاهمات وتحالفات جديدة، سوف تبرز بين القوي السياسية، والتجليات القبلية في دارفور على أسس جديدة، لا أستبعد معها وحدة المكون الدارفوري في المرحلة المقبلة في مقابل باقي التكوين القومي السوداني ، وهو اتجاه تمت زراعة بذرته الأولى في اجتماعات توجو لو تذكرونها.
هذه النقاط الخمس، تعني ضمن ما تعني، أننا أمام تقسيم فعلي للسودان في غضون عام، ربما أو أكثر هذا التقسيم، قد يكون بلا علم ونشيد في مرحلته الأولى، أي دون إعلان دولة مستقلة في دارفور.
في تقديري، أن هذا التطور يتماهى علي نحو ما مع المناهج التي تم تدشينها في اجتماعات أديس أبابا التحضيرية من جانب المكون المدني، فعلى الرغم من حسن النية، ونبل المقاصد من القوى السياسية، والمدنية السودانية بشكل عام، فإن الاعتماد على مناهج المحاصصة التي تم بيانها في البيان الختامي، هي أسلوب غربي، بامتياز يفجر الخلافات، ويدمغ مهندسيه بالسعي وراء سلطات أكثر من صناعة توافقات سياسية ووطنية، خصوصا وأن اجتماعات أديس أبابا هي تحضيرية، ورغم ضخامة عدد من حضروا، فإن هناك من الرموز السياسية والمدنية من كانت لديه تحفظات، كان من الضروري أخذها بعين الاعتبار، وكلها أمور تجعلنا، نقول إن زرع بذور الخلاف عبر مناهج بعينها في معسكر الجانب المدني مطلوبة، حتى يتم التموضع الجديد للدعم السريع الذي هو يلبي وظائف للمعسكر الغربي في كل إقليم الساحل الإفريقي على نحو ما فصلناه في مقال سابق تحت عنوان، ماذا تريد واشنطن من الدعم السريع؟.
هذا المشهد، يطرح تساؤلا؛ بشأن منبر جدة، ومدى قدرته على تجاوز مسارات تدشين النموذج الليبي في السودان، وذلك في ضوء ما رشح من تسريبات؛ بشأن التوقف عند النقطة التي وصل إليها في المراحل السابقة، أي الاهتمام بالملفات الإنسانية، بينما يقبع التفاوض على وقف الحرب في الظل حتى الآن.
في تقديري، أنه وبسبب التموضع الجديد للدعم السريع في دارفور، سوف يوافق الدعم السريع على الانسحاب من المستشفيات في الخرطوم، ومن بيوت الأهالي مع الحفاظ على نقاط تمركزه العسكري، فقد توافرت له مساحة كبيرة في دارفور، يستطيع فيها تلبية متطلبات قواته العسكرية، والطبية والعسكرية، بل ودعمها وزيادة قدراتها، خلال ما تبقى من وقت؛ لإعادة تشكيل وطن، كان ٢ مليوني كيلو مربع، لكن لم يرد العالم|، أن يظل السودان هكذا، بما شكله من إمكانات لدعم محيطيه العربي، والإفريقي على الصعيدين الاقتصادي والغذائي.
Amani El Taweel
( ٤ )
قراءات لثمار حرب الدعم السريع و أثرها في غرب السودان … (12 نقطة حسوما ).
د. مكين سالم مكين
( مفكر دارفوري )
1_ عندما خاض الدعم السريع حربه ضد الجيش في الخرطوم تنبأ العديد من المراقبين والمحللين بأن رحي الحرب مستقبلا ستدور في أقاليم غرب السودان بعد الاستغناء عن ولاية الخرطوم و ذلك ما حدث بالفعل و باسرع مما توقع المتابعون و المهتمون.
2_ الذين يتحدثون عن المهمشين و عن دولة 56 ازاقوا المهمشين أنفسهم ويلات الحرب و ضاعفوا معاناتهم پأكثر مما كانوا عليها قبل الحرب و ذلك بنسفهم الاستقرار في حواضرهم و بواديهم و مدنهم حيث’ قام الدعامة بتدمير مدن الجنينة_ كأس_ زالنجي _ خور برنقه _ كتم_ كبكابية _ نيالا_ أدري و غيرها … و في إقليم كردفان زعزوا الاستقرار في الفولة_ الاضية_ ابوزبد_ طيبة_ الرهد_ بارا _ الخوي_ أم روابة _ ودعشانا _ بليلة _ و يهاجمون مدينة الابيض بالمناوشات عبر مداخلها الرئيسية.
3_ يعتبر غياب الوعي و الإدراك السياسي لمتخذي القرار بالدعم السريع و فقدانهم لأي استراتيجية جيوسياسية من أهم سماتهم و قد أوقعهم ذلك في أخطاء تاريخية و كارثية هي الأسوأ من نوعها حيث جعلوا من مناطق دارفور و كردفان مسرحا للعمليات الحربية و المواجهات العسكرية مما ترتب عليه تعطيل حياة الناس تماما و شل حركة المواطنين المغلوبين علي أمرهم و ازدياد ظاهرة النزوح و الهجرات غير المسبوقة في تاريخ أهالي هذه المناطق في إتجاه الحدود مع دول الجوار و داخل ولايات السودان الاكثر أمانا نسبيا.
4_ مدينة نيالا ثاني أكبر مدن السودان من حيث الكثافة السكانية بعد الخرطوم و يقطنها قرابة الأربعة مليون نسمة صار اهلها بين عشية و ضحاها اليوم بين قتيل و جريح و مفقود و مشرد و نازح و لاجئ بسبب حماقات الدعم السريع و إصراره علي تدميرها بينما تنعم مدن و شعوب دولة 56 المفتري عليها بالاستقرار التام و ربما عدم التأثر الشديد بمجريات ما يحدث في البلاد…و يسمع الناس نداءات اهلها بضرورة فتح المدارس و الجامعات و انتظامها.
5_ تعرضت كردفان الكبري لذات الأفعال و الممارسات فتعطلت حركة و تجارة البضائع نتيجة اغلاق الطرق و الممرات و تضاعفت الاسعار و مع الهجوم علي حقول بليلة خرجت غرب كردفان عن الخدمة تماما و نزح الأهالي من مناطقهم و توقفت كافة الخدمات حتي مياه الشرب لم يتمكن المواطن من الحصول عليها بسبب انعدام المحروقات و عمت عمليات السرقة و النهب كافة المرافق و الشركات حيث توافدت مجموعات النهب من كيلك والدبب و الميرم و برصاية و بليلة و سنيطاية و لقاوة و السنوط و الحجيرات و ناما و ضواحي الفولة و المجلد و بابنوسة فسرقوا كل غال و نفيس و تركوا مناطق البترول خرابة و معها توقف الضخ والإنتاج و شردت العمالة حيث يقدر ابناء المسيرية الذين فقدوا فرصهم في العمل بحقول بليلة بحوالي 15.000 فرد.
6_ الإدارة الأهلية لقبيلة الرزيقات أجرت تفاهمات مع ابناءهم في قيادة الدعم السريع و تم الاتفاق علي عدم نقل أي مظهر من مظاهر الحرب الي ديارهم و تنعم مدينة الضعين بالهدوء و السكينة و جعل أهلها ذلك الأمر محرما و بالرغم من دور الرزيقات البارز في الحرب القائمة إلا أن ديار الرزيقات لم تشهد أي مظاهر للسلاح أو اطلاق النار أو النهب و السلب الداخلي أو السرقة بل التزم الجميع بحفظ الأمن المجتمعي كاملا بما في ذلك احترام أسس و نظم القوات النظامية المعمول بها في الولاية الأمر الذي قابله ابناء المسيرية بالاستفهام رافضين دعوات عبدالرحيم دقلوا بأهمية تدمير حقول البترول و الاستيلاء علي ولاية غرب كردفان و هما عبدالرحيم و حميدتي لم يريا غرب كردفان في حياتهما ابدا.
7_ لقد دفع مجتمع غرب السودان الثمن غالياً نتيجة هذه الحرب اللعينة فإن مواطني ولاية الخرطوم الذين نزحوا من أطرافها و ذاقوا الأمرين جلهم من سكان الهامش وجدوا أنفسهم هايمين علي وجوههم في الطرقات و في الولايات الأخري دون مأوي و لا مصدر دخل فسكنوا في مباني المدارس و المساجد و دور الايواء في ظروف قاسية و بالغة التعقيد دون أي رعاية صحية أو اجتماعية بينما أهل المركز و الشمال النيلي و الوسط ينعمون بخيرات الاستقرار و الامان دون أن تمتد إليهم ايادي التخريب و الدمار مما يعد واحده من اكبر سقطات الدعم السريع التي أثارت حفيظة أبناء الهامش الذين رأوا في تلك الحرب أكبر خسارة و دمار و نهاية لمجتمعاتهم بحجج واهية مثل محاربة دولة 56 و فرية الجلابة و غيرها من الشعارات الزائفة التي يخالفها الواقع تماما و يدفع ثمنها أبناء الهامش أنفسهم…
8_ لا توجد إحصائية دقيقة لعدد القتلي و المفقودين من المدنيين و العسكريين بمدينة نيالا و كذلك بليلة و لكن من المؤكد وفق مصادر محلية أن 98% منهم من أبناء تلك المناطق الأمر الذي أثار موجة من الغضب الشعبي و ردود الأفعال المعادية للدعم السريع و ظهرت بصورة قاتمة بوادر الانقسام المجتمعي الحاد و الاصطفاف العنيف لمواجهة و قتال الدعم السريع و قد تبدي ذلك في منطقة بليلة و منطقة هلجيج التي حمل اهلها السلاح دفاعا عنها الأمر الذي ينذر بتوسع و استمرار المواجهة مستقبلا داخل المجتمع في حال معاودة الدعم السريع لهجومة علي تلك المناطق مرة اخري .
9_ من المفارقات المثيرة للسخرية و الاشمئزاز أن هذه المليشيات المكونة من عتاة قطاع الطرق و المحكومين بجرائم القتل العمد و مرتادي السجون و أمراء الحروب و النزاعات القبلية يحدثون أهل السودان أن هدف حربهم هو تحقيق التحول الديمقراطي و إشاعة العدالة و بسط الحريات في السودان.
10_ يكاد المرء يتقيئ و يصاب بالذهول عندما يدرك أن رجال حميدتي قادة الدولة العصرية الجدد في السودان هم قطاع طرق أمثال: برشم _ شيريا _ ماكن _ جلحة_ قجة_ البيشي _ كيكل _ يلاحظ أن القاسم الوحيد المشترك بينهم أنهم لصوص و قتلة مغضوب عليهم شرعا.
11_ على الصعيد الإنساني تدهورت الأوضاع أيضاً في العاصمة الخرطوم والولايات بسبب نزوح مئات الآلاف من العائلات إلى المدن الأخرى غير أن الوجه الأبرز لهذه المعاناة الإنسانية يتمثل في عمليات السلب والنهب و الاغتصاب و انتهاك الاعراض والاستيلاء على منازل وسيارات وممتلكات المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع»، بفعل مباشر من هذه القوات، أو بتسهيل مهمة اللصوص الذين ينهبون المنازل، ولم تنجُ معظم مناطق العاصمة من هذه العمليات.
12_ كان واضحاً كذلك أن قوات «الدعم السريع» قد منيت بخسائر فادحة عسكريا، و خسرت أخلاقيا و قيميا حين استعانت بمقاتلين قبليين يعملون على أساس الغنائم التي ينهبونها، وليس على أساس أي جيش نظامي، وكان هذا ما شكل خطورة على القوات نفسها و تعريتها، و شكل حولها رأي عالمي سالب و لذلك صارت تكرر ترحيبها بالتفاوض دوما للتخلص من كلفة و تبعات تلك الممارسات الشنيعة التي ستظل وصمة عار في جبينها ابد الدهر..
و للاسف الخاسر الأكبر من الحرب بمشاهدة كل المهتمين و منظمات المجتمع الدولي هم أهل الهامش …لعنة الله علي حميدتي و اعوانه تلاحقه دعوات المهمشين .
د. مكين سالم مكين
نواصل بإذن الله تعالى ،،،
محمد الطيب عابدين
بري أيقونة الخرطوم الخميس ٢ نوفمبر ٢٠٢٣م
التعليقات مغلقة.